jo24_banner
jo24_banner

خبراء اقتصاديون يحذّرون من تعمق الانكماش الاقتصادي ورفع فاتورة الدين

خبراء اقتصاديون يحذّرون من تعمق الانكماش الاقتصادي ورفع فاتورة الدين
جو 24 :
تامر خورما - حذّر خبراء ومحلّلون اقتصاديّون من تعمّق حالة الإنكماش الإقتصادي، واستمرار ذات النهج فيما يتعلّق بالإدارة الماليّة، والذي من المتوقّع أن يقود إلى حلّ معضلة العجز المتزايد في الموازنة، عبر الزيد من القروض، ورفع فاتورة الدين العام.

وأعرب المراقبون عن عدم تفاؤلهم بالأرقام الرسميّة المعلنة حول موازنة العام 2020، منوّهين بعدم جديّة الحكومة في الدفع قدما بعمليّة التحفيز الإقتصادي، ومنتقدين في ذات السياق السياسة الضريبيّة، ورفع كلف الإنتاج، وتراجع القوّة الشرائيّة للمواطنين.

كما أكدوا أن الأرقام المتعلّقة بالإيرادات جاءت متفائلة للغاية، خاصّة وأن مسألة المنح والمساعدات الماليّة غير مؤكّدة، الأمر الذي سيقود حتما إلى تجاوز العجز للسقف المعلن، في ظلّ استمرار الهدر، وغياب ترشيد النفقات.

عايش: أمنيات لا تلامس الحقائق

الخبير والمحلّل الإقتصادي، حسام عايش، أشار إلى أن الحكومة برّرت زيادة العجز في الأرقام المعلنة لموازنة العام 2020 بزيادة الرواتب في القطاعين العام والخاص، وزيادة النفقات الرأسماليّة، وكذلك الزيادات المتعلّقة بصندوق المعونة الوطنيّة، وما إلى ذلك، مضيفا إن هنالك أسباب أخرى مرتبطة بمخصّصات بعض المشاريع، ولكن هذا العجز بلغ ضعف الرقم الذي تمّ الإعلان عنه في موازنة 2019 بعد المنح.

ونوّه عايش في تصريحاته لـ الأردن 24 بأن هذا الإرتفاع الكبير في العجز بموازنة العام 2020 سيتحوّل إلى ديون جديدة، ما يعني ارتفاع المديونيّة وزيادة الفوائد المترتّبة عليها، والتي قد تصل إلى المليار و250 ألف دينار، ما سينعكس سلبا على النمو الإقتصادي، ونوعيّة الخدمات، وحجم الإنفاق الرأسمالي.

وقال إن حديث الحكومة حول تحسين المستوى وتطوير الأداء الإقتصادي يبقى في إطار الأمنيات، أكثر من كونه ملامسة للحقائق، إلاّ إذا كان هناك تغيير حقيقيّ في آليّة استثمار النفقات الرأسماليّة، وتوظيفها بما ينعكس إيجابيّا على النتائج، ولكن في حال عمدت الحكومة إلى تخفيض الإنفاق الرأسمالي، فإن هذا سيقود إلى خفض الأداء الإستثماري، ما سينعكس سلبا على النمو الإقتصادي.

وحذّر من النتائج المترتّبة على تراجع القوّة الشرائيّة، مشيرا إلى الفرق بين الدخل الحقيقي والدخل الإسمي، حيث تنخفض القيمة الحقيقيّة لدخل المواطن إثر ارتفاع الأسعار، وتفاقم الضرائب، ما يؤدّي إلى تراجع الطلب على السلع والخدمات التي يقدّمها السوق، وبالتالي تراجع الإنتاج في مختلف القطاعات الإقتصاديّة.

وأضاف: المفترض أن الموازنة جاءت لتفادي تراجع الإنتاج أو انسحاب المؤسّسات الإنتاجيّة، أو تقليل عدد العاملين فيها، إلاّ أن أرقام الحكومة تؤكّد عكس ذلك، وتعكس رسالة مفادها أنها لا تستطيع فعل أكثر ما فعلته في السنوات الماضية.

الشيّاب: المطلوب مراجعة نقديّة

أمّا الأكاديمي والخبير الإقتصادي، د. سليمان الشياب، فأكّد أن الحكومة لم تتّخذ إلى الآن إجراءات عمليّة لتحقيق زيادة حقيقيّة على الإيرادات، منوّها بأن حجم العجز المعلن عنه في الأرقام الرسميّة كبير للغاية، خاصّة وأن مسألة المنح غير مؤكّدة.

وقال الشياب في حديثه لـ الأردن 24 إن العجز الحقيقي سيفوق ما تمّ الإعلان عنه بكثير، حيث أن حجم النفقات المعلنة مؤكّد، على عكس الإيرادات المتوقّعة. وأكد في ذات السياق أن الحزم التحفيزيّة التي يدور حولها الحديث لن تحرّك مياه الإقتصاد الراكدة ما لم يتمّ تخفيض الضرائب والرسوم.

ودعا إلى مراجعة نقديّة لتحفيز الإيرادات، في ظلّ تراجع الوضع الإستثماري، والقوّة الشرائيّة على حدّ سواء، كما طالب بخفض ضريبة المبيعات لتحريك السوق، وزيادة العرض والطلب، وكذلك تخفيض الضرائب المفروضة على قطاعيّ الزراعة والصناعة، وتخفيض كلف الإنتاج وفاتورة الطاقة.

وحذّر الشيّاب من إغلاق عديد من المؤسّسات الإنتاجيّة لأبوابها إثر هذا الركود، لافتا إلى أن ما سيبقى من تلك المؤسّسات سيكون أملها معقودا على مجرّد الصمود، وليس التعويض عمّا لحقها من خسائر.

البشير: أرقام صادمة لكنّها متوقّعة

ومن جانبه قال الخبير الإقتصادي محمد البشير إن الرقم الذي أعلنته الحكومة للعجز المتوقّع في موازنة العام 2020 هو رقم صادم فيما يتعلّق بالتفاؤل بالخلاص من حالة الإنكماش الإقتصادي، لكنّه كان متوقّعا، إثر استمرار ذات النهج في الإدارة الماليّة، والذي ستترتّب عليه المزيد من الأعباء، ما شأنه دفع الحكومة إلى اللجوء للضرائب أو زيادة المديونيّة.

وأكد البشير لـ الأردن 24 أن الأرقام المتعلّقة بالإيرادات جاءت متفائلة للغاية، مشدّدا على أنه مقابل تلك الإعفاءات الضريبيّة التي قرّرتها الحكومة، سيكون هناك المزيد من الأعباء المتّصلة بالمديونيّة، حيث ستفوق ما كانت عليه سابقا.

ونوّه بأن قطاع البنوك هو المستفيد الأكبر من الوضع الراهن، حيث سيستمرّ إقراض الحكومة والأفراد أيضا بفوائد مرتفعة، وفي ظلّ الإنكماش السائد فإن هذا سيقود إلى بيع المزيد من العقارات.

ولفت إلى أن الضغط على الوزارات الخدميّة كالصحّة والنقل والتعليم سيؤدي في ظلّ ثبات إيراداتها إلى المزيد من التراجع في ما تقدّمه من خدمات.

ودعا البشير إلى تغيير النهج المتّبع في السياسة الماليّة والإقتصاديّة، منتقدا الإعتماد على الضرائب غير المباشرة، وعلى القوّة الشرائيّة لذوي الدخل المحدود، وليس على الأغنياء الذين تتكدّس أموالهم في البنوك، أو على شكل قروض بفوائد عالية.

وأضاف: لا يجوز أن تكون ضريبة المبيعات هي ذاتها على الأغنياء والفقراء، كما ينبغي خفض الضرائب والرسوم المفروضة على القطاعين الزراعي والصناعي لتحفيز الإنتاج.

زوانة: مؤشرات مزعجة وغير مبشّرة

المحلّ الإقتصادي زيان زوانة قال إن الأرقام التي أعلنتها الحكومة فيما يتعلّق بموازنة العام 2020 لا تبشّر بالخير، وهناك احتمال لأن يزيد العجز عن 1.3 مليار دينار، ما سيزيد من تعقيد الوضع المالي. ونوّه في حديثه لـ الأردن 24 بأن العجز سيتمّ تمويله بمزيد من الإقراض، الذي سيذهب جزء كبير منه لسداد القروض الداخليّة والخارجيّة المستحقّة، وبالتالي رفع كلفة تمويل العجز.

وأشار إلى ان تسديد فوائد القروض يستهلك جزء أساسيّا (من 14-15%) من الإيرادات العامّة، أيّ أن كلّ ما يتمّ تحقيقه من جهود تذهب نتائجه إلى الخارج كفوائد دين.

كما أكّد زوانة أن الحكومة غير جادّة -على ما يبدو- فيما يتعلّق بمسألة دمج المؤسّسات المستقلّة، نظرا لعدم امتلاكها خطّة عمليّة وبرنامجا لتحقيق ذلك.

وفي توصيفه للوضع الراهن قال زوانة إننا نشهد تراجعا في النمو، مصحوبا بزيادة العجز وارتفاع أرقام البطالة، وهذه مؤشّرات مزعجة، وإن كان ما تحدّث حوله وزير الماليّة يعكس نهجا جديدا، ولكن يبقى السؤال ما إذا كان يمثّل نهجا حقيقيّا.

وحول التحديات الأمنيّة والعسكريّة، أكد أن الأردن يواجه تحديات أساسيّة، وما تشهده المنطقة ليس مجرّد خيال، سواء فيما يتعلّق بوجود قوى كداعش وغيرها على الحدود الشماليّة والشرقيّة، أو العدو الصهيوني على الحدود الغربيّة، لذا لا بد من تفعيل عوائد الإنفاق على المؤسّسة الأمنيّة والعسكريّة.

وأضاف: يجب أن تتعاون السلطات التنفيذية والتشريعية والنقدية لترتيب برامج حقيقيّة على مدى 3- 5 سنوات، كما على الأردن أن يتّعظ ممّا يدور في الدول التي حولنا، وأن ينتبه مبكّرا لضرورة تصحيح الأوضاع الماليّة، ومعالجة مسألة الفقر والبطالة.

ولفت إلى ضرورة وقف الهدر الذي يستنزف كثيرا من القطاعات، كقطاع الصحّة مثلا، الذي يستهلك نحو 10% من الواردات رغم الترهّل الذي يشهده هذا القطاع، مشدّدا على وجوب إجراء إصلاح هيكليّ، خاصّة فيما يتعلّق بمسألة التأمين الصحّي. وضرب مثالا آخرا قطاع الطاقة، متسائلا عن الإضافة التي تحقّقها الهيئات المتواجدة إلى جانب وزارة الطاقة.

 
تابعو الأردن 24 على google news