رصاصة اللارحمة على الجوردان تايمز.. خطيئة البيروقراط الإداري
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - جوردان تايمز.. الصحيفة الأردنيّة الوحيدة الناطقة باللغة الإنجليزيّة بصدد لفظ أنفاسها الأخيرة، بعد أن أضناها الترهّل الإداري، وهرع الإفلاس الرسمي إلى قرع أجراسها الجنائزيّة! بكلّ ما تمتلكه البيروقراطيّة من تفسّخ وتكدّس لتراكم الفشل، تقرّر إغلاق أبواب هذه الصحيفة، وإطلاق رصاصة اللارحمة على العاملين فيها.
معضلة الصحافة الورقيّة التي أتت اليوم على الجوردان تايمز، تهدّد حتّى مؤسّسة الرأي نفسها، بعد أن نأى بها البيروقراط الرسمي عن كافّة الأسس والمعايير المهنيّة، لتصبح أشبه بمنبر الحكومة الذي لا شريك لها فيه، ولا مكان لأيّ رأي آخر، لما يتصوّره الذهن الرسمي، ويترجمه إلى سطور دعائيّة، طاعنة في كهولتها نمطيّة التطويع.
الإنهيار والتداعي والتهالك المستمرّ للصحف الورقيّة الرسميّة وشبه الرسميّة، كان نتيجة حتميّة لتلك السطوة التقليديّة على المحتوى، الذي تمّ تفريغه من كلّ ما يجعله مستحقّاً لصفة الصحافة، حتّى باتت تلك المنابر عبارة عن خنادق توجيه معنوي، أشبه ما تكون بمراكز الإعداد لعضويّة الحزب الحديدي الواحد، في الحقبة الستالينيّة.
مختلف الإدارات البيروقراطّة التي أثقلت الصحافة الرسميّة وأخواتها بترهّلها الثقيل، لم يخطر على بالها يوما أن تكفّ عن التقوقع في إطار مهمّة التلميع، والتسويق، والتطبيل، وأن تنطلق في ميدان المهنيّة، لتقديم محتوى حقيقي قادر على جذب القارئ، حتّى باتت هذه الصحف النمطيّة غريبة تماما عن الناس، وبدأ الجميع يراقب موتها البطيء، دون أيّة محاولة لنشلها ولو بقشّة!
مراقبتها وهي تغرق ببطء هو كلّ ما فعلته الحكومة، التي كانت السبب الأوّل والأخير لانتحار (أو نحر) الصحافة الورقيّة، والتي أفنى كثير من الزملاء أعمارهم فيها، دون منحهم أيّة فرصة حقيقيّة لإنقاذ مؤسّساتهم، أو إجراء أيّ تغيير يحول دون هدم هذه المؤسّسات بمعاول المحتوى المصمت، الهابط في باراشوتات القرارات الرسميّة، فمن ينتصر لهم اليوم، وهم يراقبون احتضار هذه المؤسّسات؟!
الاستسهال هو وحده ما خطر ببال هذا الجهاز الحكومي البيروقراطي، الذي فرّغ الإعلام الورقي من رسالته ومحتواه الهادف، فتمّ اللجوء إلى قرار الإغلاق، كحلّ سريع، أو بالأحرى كرصاصة غير رحيمة تطلق على خيل أثقله الحمل الرسمي، والإفلاس الإداري.
تخبّط وعبث ولامبالاة قاتلة تستهدف مستقبل العاملين في تلك المؤسّسة، التي لم تكن أزمتها الماليّة إلاّ نتيجة ذات الإدارات الفاشلة، التي تنطق اليوم بحكم الإعدام، كإجراء مفلس يستميت للتنصّل من مسؤوليّته.
لماذا لم تتركوا للزملاء مساحة للتنفّس والنهوض بمؤسّساتهم بعيدا عن إملاءاتكم وتوجيهاتكم التي أوصلت الإعلام الرسمي إلى هذا الدرك من جحيم التهميش؟! تدمير تلك المؤسّسات كان يجري على قدم وساق بشكل تكاد تجزم أنّه ممنهج، واليوم يتنصّل البيروقراط الرسمي من مسؤوليّته تجاه أفعاله، ليتحمّل وزرها زملاء سرقت أعمارهم، دون أيّة فرصة للبناء والتغيير.