jo24_banner
jo24_banner

مبادرة اقتصاد الاستسلام

لميس أندوني
جو 24 : من الآخر مبادرة "الشراكة الاقتصادية " الإسرائيلية -الفلسطينية، التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من البحر الميت، هي عنوان لإدامة الاحتلال الإسرائيلي لا لإنهائه، ولا يوجد فيها خير، بل مخاطر على الأردن والفلسطينيين سواء.
فالمبادرة، تجعل من بضائع إسرائيلية قابلة للتصدير بشكل أكبر وأوسع إلى الأسواق العربية، بختم فلسطيني وعن طريق البوابة الأردنية استكمالا لأهداف لم تحققها تماما كل من اتفاقية أوسلو ومعاهدة وادي عربة، ويبدو أنه حان وقت تحقيقها.
نعم سوف تضخ الأموال، ولكن تحقيق أهداف "الشراكة" في رفع سوية الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 50%، وتخفيض البطالة من 21% إلى 8%، مرهون أولا بالتزام القيادة الفلسطينية بدخول مفاوضات وفقاً للشروط الأمريكية الإسرائيلية، وثانياً بتنفيذ كل "المتطلبات الأمنية الإسرائيلية"، وألا تتوقف كل العملية ويلام الفلسطينيون ليس على فشل "جهود السلام" بل على تدهور وضعهم الاقتصادي تحت الاحتلال.
أي أنها سيف آخر على أعناق الفلسطينيين، للرضوخ لكل الأوامر الإسرائيلية الأمريكية، فيما يقوم السيد توني بلير، الذي يأبى أن يختفي عن الساحة السياسية ويريحنا، بوضع علامات التقدم والتراجع، والملامة، يُقَرر على ضوئها، تدفق الأموال والأهم التسهيلات الإسرائيلية لتمرير البضائع أو منع أو السماح لحركة الفلسطينيين المعنيين، من رجال أعمال وإداريين وفنيين- وندخل في دوامة جديدة من "الرضا والعقاب" التي تمارس يومياً في فلسطين.
جوهر الفكرة هو السيطرة على الفلسطينيين، وبيعهم آمالا زائفة، يكون لها بعض النتائج في تحسين معيشة فئات من الفلسطينيين لا شك، لكنها نتائج تستطيع إسرائيل تدميرها بأية لحظة خاصة أن الهدف منع انتفاضة فلسطينية ثالثة، وحتى خفض وتيرة المقاومة الشعبية السلمية، فيما تدفع بفصل جديد من مسلسل مفاوضات عقيمة، في ظل استمرار بناء المستعمرات و بلع الأراضي من تحت أقدام الفلسطينيين.
مبادرة كيري، هي نفسها الفكرة التي أطلقها قبل ثلاثة عقود وزير الخارجية الأمريكية جورج شولتز، بعد الغزو الإسرائيلي للبنان وخروج المقاومة القسري من بيروت، لضرب تأثير منظمة التحرير في الأراضي المحتلة، وأعاد صياغتها بمفهوم أوسع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، تحدثت بعنوان "السلام الاقتصادي"، لتوسيع خرق إسرائيل الأسواق العربية وإرساء أسس التطبيع.
المفهوم القديم الجديد يهدف أيضاً إلى خلق فئات فلسطينية، مستفيدة من استمرار هذه "الشراكة" تشارك بأي شكل من المقاومة، والأهم تعادي حملة المقاطعة الفلسطينية المحلية والعالمية ضد المنتجات الإسرائيلية والتعاون الأكاديمي والثقافي معها، هذه الفئات هذه المرة، لن تقتصر على رجال الأعمال بل على العمال الفلسطينيين، اليائسين من إيجاد فرص العيش والعمل.
من المؤسف رؤية رجال الأعمال الفلسطينيين، بمباركة من السلطة الفلسطينية، يتصدرون "الشراكة" التي لا يوجد بها أية صفة من صفات "الشراكة": فكلمة الشراكة تتطلب حدا أدنى من شروط الندية، فكيف تكون هناك "شراكة" بين المحتل ومن هم تحت الاحتلال؟
منذ متى أصبح رجال أعمال إسرائيليون، لا يرفضون الاحتلال "شركاء"، فحتى مصالح الأثرياء الإسرائيليين لا توحدهم مع الأثرياء الفلسطينيين، إلا في حدود؛ لأن مصلحتهم هي في بقاء السيطرة الإسرائيلية كاملة، حتى لو تضرر رأس المال الفلسطيني، فأهمية هؤلاء هي في خدمة تعميق التبعية الاقتصادية الفلسطينية على الاحتلال والاقتصاد الإسرائيلي.
لو كان كيري مهتما حقاً لقام بالضغط على الحكومة الإسرائيلية، بإزالة الحواجز العسكرية، وعدم عرقلة منع مرور البضائع والناس، ووقف مصادرة و تدمير الأراضي الزراعية وسرقة المياه من جوف الأراضي الفلسطينية؛ أما ضخ الأموال المشروطة فليس أكثر من إبرة تخدير جديدة، لأن المطلوب عدم تحول أشكال المقاومة السلمية إلى انتفاضة شعبية، قد تعرقل المخططات الإسرائيلية والأمريكية بإعادة ترتيب المنطقة- فالهدوء على الجبهة الفلسطينية ضروري لاستدامة إشعال جبهات جديدة.

l.andony@alarabalyawm.net


(العرب اليوم)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير