بين الحكومة والإخوان
لميس أندوني
جو 24 : الوضع في الأردن لا يحتمل مواجهة بين الحكومة الجديدة والإخوان المسلمين.
كل البوادر تشير إلى أن مثل هذه المواجهة, بشكل من الأشكال, باتت محتملة في ظل توجه رسمي لتغييب الإخوان وفي ظل فوز "الجناح المتشدد" في انتخابات قيادة التنظيم القوي.
من الخطأ الجسيم أن تبني الحكومة, والأهم النظام, رؤيتهما على هدف تهميش وإقصاء الإخوان المسلمين - لما ينذر به ذلك من سياسات غير ديمقراطية وقمعية ستطال تداعياتها فئات اجتماعية وسياسية واسعة.
في الوقت نفسه تخطئ قيادة الإخوان إذا اختارت التصعيد لأن الدفع باتجاه الاستقطاب الحاد سيقود البلاد إلى زيادة التفتيت المجتمعي وقد يدفع إلى صدام مدمر.
غير مفهوم أبداً أن ترتكز الحكومة على سياسة استعداء للإخوان وهي تواجه استحقاقات قاسية تفرضها الأزمة الاقتصادية تضعها في مواجهة معظم الفئات الشعبية, وليس فقط الأكثر فقراً, التي تتعدى قاعدة الإخوان الشعبية لتمس قاعدة النظام, من ذوي الدخل المحدود خاصة في أجهزة الحكومة والقطاع العام.
ليس المطلوب من الحكومة إرضاء الإخوان ولا معاداتهم: المطلوب أن تحدد الحكومة سلم أولوياتها لأن التحدي الأكبر هو الأزمة المالية والاقتصادية التي لن تنتظر تصفية حسابات ولا تكتيكات سياسية سترتد في وجه الحكومة لأن معظم الشعب, بمن فيه قاعدة الإخوان الأوسع, ستتأثر وتتحرك دفاعا عن مصالحها المعيشية بغض النظر عن موقفها الساند أو المعارض لتيارات الإسلام السياسي وتنظيماته.
لكن يبدو أن الجهات الرسمية, تعتقد أن بإمكانها استغلال تخوفات موجودة أصلا, لدى شرائح سياسية واجتماعية, بما في ذلك لدى العشائر, من صعود التيار الإسلامي, أسوة ببلدان عربية أخرى, للتحشيد لسياسات ليست فقط معادية للإخوان, بل لجميع التيارات السياسية المعارضة.
من الضروري الإقرار هنا أن هذه المخاوف حقيقية تعكس قلقاً من احتمال سيطرة التيار الإسلامي, على بعض مفاتيح القرار, أو محاولة الاستفراد بالحكم, إذا ما حصد مقاعد كافية في انتخابات نيابية, وأن يحاول الإخوان الاستقواء بانتصارات الإخوان في البلاد الأخرى, بفرض أحكام دينية متشددة على المجتمع عموماً وعلى المرأة خصوصاً.
برأيي أن قيادة الإخوان لم تنجح بالتعامل مع هذه المخاوف, حتى لو أخذنا المقالات الأكثر انفتاحا للدكتور رحيل غرايبة وآخرين, لأن هناك قناعة بأن هناك خطابا سياسيا موحدا للجماعة, خاصة فيما يخص الخطاب التعبوي الذي يظهر أكثر تشددا وتعصباً من الخطابات والكتابات السياسية في الإعلام.
الإشارة إلى المحاذير من صعود التيار الإسلامي لا يهدف إلى تبرير التوجه الحكومي, الذي برأيي يهرب من الاستحقاقات السياسية والاقتصادية المطلوبة, ولكن على قيادة الإخوان أن تتذكر أنه لا يمكن أن تتعامل وكأنها في حالة استعراض قوى مع الحكومة, مهملة ومتناسية فئات واسعة من الشعب, لا تؤيد أيديولوجيتها, أو على الأقل أن أهداف الجماعة ليست على سلم أولوياتها.
أي أن المطلوب من الحكومة والإخوان عدم الانجرار إلى مواجهة تقحمنا جميعا في معركة خطيرة فيما نغرق جميعا في مركبة رفضنا الحفاظ عليها وإحسان قيادتها.
بعضهم يؤيد هذه المواجهة, إما سعياً لكسر شوكة الإخوان خوفا مما يراه خطرها على تعددية المجتمع, أو الأسوأ كثيراً لاستعمال هذه المواجهة في حسم جدل الهوية فإنه يتعامل مع التنظيم وكأنه ممثل المكون الأردني الفلسطيني من المجتمع.
أعتقد بأننا إذا اتبعنا مثل هذا التفكير فستكون مواجهة خاسرة لنا جميعاً.
لكن في الوقت نفسه يجب على الجميع بما فيهم الحكومة والأخوان, فهم أهمية وضع أسس نظام تعددي, من خلال قانون انتخاب يضمن تمثيل الجميع ويؤسس لثقافة سياسية, قوامها التنافس على البرامج السياسية والاقتصادية, وإيجاد صيغة تضمن التعددية, وتمنع أي طرف فائز¯ بغض النظر عن معتقداته من الاستئثار والهيمنة على حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية, أي منع أن تكون الانتخابات الديمقراطية وسيلة لإنهاء التعددية.
لكن يبقى التحدي المباشر, الذي لا يمكن تأجيله, هو التبعات الاقتصادية الاجتماعية لرفع الأسعار, التي لن تحتمل وستتجاوز السجالات السياسية, ولن ترحم أحداً.
العرب اليوم
كل البوادر تشير إلى أن مثل هذه المواجهة, بشكل من الأشكال, باتت محتملة في ظل توجه رسمي لتغييب الإخوان وفي ظل فوز "الجناح المتشدد" في انتخابات قيادة التنظيم القوي.
من الخطأ الجسيم أن تبني الحكومة, والأهم النظام, رؤيتهما على هدف تهميش وإقصاء الإخوان المسلمين - لما ينذر به ذلك من سياسات غير ديمقراطية وقمعية ستطال تداعياتها فئات اجتماعية وسياسية واسعة.
في الوقت نفسه تخطئ قيادة الإخوان إذا اختارت التصعيد لأن الدفع باتجاه الاستقطاب الحاد سيقود البلاد إلى زيادة التفتيت المجتمعي وقد يدفع إلى صدام مدمر.
غير مفهوم أبداً أن ترتكز الحكومة على سياسة استعداء للإخوان وهي تواجه استحقاقات قاسية تفرضها الأزمة الاقتصادية تضعها في مواجهة معظم الفئات الشعبية, وليس فقط الأكثر فقراً, التي تتعدى قاعدة الإخوان الشعبية لتمس قاعدة النظام, من ذوي الدخل المحدود خاصة في أجهزة الحكومة والقطاع العام.
ليس المطلوب من الحكومة إرضاء الإخوان ولا معاداتهم: المطلوب أن تحدد الحكومة سلم أولوياتها لأن التحدي الأكبر هو الأزمة المالية والاقتصادية التي لن تنتظر تصفية حسابات ولا تكتيكات سياسية سترتد في وجه الحكومة لأن معظم الشعب, بمن فيه قاعدة الإخوان الأوسع, ستتأثر وتتحرك دفاعا عن مصالحها المعيشية بغض النظر عن موقفها الساند أو المعارض لتيارات الإسلام السياسي وتنظيماته.
لكن يبدو أن الجهات الرسمية, تعتقد أن بإمكانها استغلال تخوفات موجودة أصلا, لدى شرائح سياسية واجتماعية, بما في ذلك لدى العشائر, من صعود التيار الإسلامي, أسوة ببلدان عربية أخرى, للتحشيد لسياسات ليست فقط معادية للإخوان, بل لجميع التيارات السياسية المعارضة.
من الضروري الإقرار هنا أن هذه المخاوف حقيقية تعكس قلقاً من احتمال سيطرة التيار الإسلامي, على بعض مفاتيح القرار, أو محاولة الاستفراد بالحكم, إذا ما حصد مقاعد كافية في انتخابات نيابية, وأن يحاول الإخوان الاستقواء بانتصارات الإخوان في البلاد الأخرى, بفرض أحكام دينية متشددة على المجتمع عموماً وعلى المرأة خصوصاً.
برأيي أن قيادة الإخوان لم تنجح بالتعامل مع هذه المخاوف, حتى لو أخذنا المقالات الأكثر انفتاحا للدكتور رحيل غرايبة وآخرين, لأن هناك قناعة بأن هناك خطابا سياسيا موحدا للجماعة, خاصة فيما يخص الخطاب التعبوي الذي يظهر أكثر تشددا وتعصباً من الخطابات والكتابات السياسية في الإعلام.
الإشارة إلى المحاذير من صعود التيار الإسلامي لا يهدف إلى تبرير التوجه الحكومي, الذي برأيي يهرب من الاستحقاقات السياسية والاقتصادية المطلوبة, ولكن على قيادة الإخوان أن تتذكر أنه لا يمكن أن تتعامل وكأنها في حالة استعراض قوى مع الحكومة, مهملة ومتناسية فئات واسعة من الشعب, لا تؤيد أيديولوجيتها, أو على الأقل أن أهداف الجماعة ليست على سلم أولوياتها.
أي أن المطلوب من الحكومة والإخوان عدم الانجرار إلى مواجهة تقحمنا جميعا في معركة خطيرة فيما نغرق جميعا في مركبة رفضنا الحفاظ عليها وإحسان قيادتها.
بعضهم يؤيد هذه المواجهة, إما سعياً لكسر شوكة الإخوان خوفا مما يراه خطرها على تعددية المجتمع, أو الأسوأ كثيراً لاستعمال هذه المواجهة في حسم جدل الهوية فإنه يتعامل مع التنظيم وكأنه ممثل المكون الأردني الفلسطيني من المجتمع.
أعتقد بأننا إذا اتبعنا مثل هذا التفكير فستكون مواجهة خاسرة لنا جميعاً.
لكن في الوقت نفسه يجب على الجميع بما فيهم الحكومة والأخوان, فهم أهمية وضع أسس نظام تعددي, من خلال قانون انتخاب يضمن تمثيل الجميع ويؤسس لثقافة سياسية, قوامها التنافس على البرامج السياسية والاقتصادية, وإيجاد صيغة تضمن التعددية, وتمنع أي طرف فائز¯ بغض النظر عن معتقداته من الاستئثار والهيمنة على حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية, أي منع أن تكون الانتخابات الديمقراطية وسيلة لإنهاء التعددية.
لكن يبقى التحدي المباشر, الذي لا يمكن تأجيله, هو التبعات الاقتصادية الاجتماعية لرفع الأسعار, التي لن تحتمل وستتجاوز السجالات السياسية, ولن ترحم أحداً.
العرب اليوم