jo24_banner
jo24_banner

التخلي عن الأسرى الأردنيين تكريس لفكر الهزيمة

لميس أندوني
جو 24 : الصمت الرسمي، يكاد يكون مريباً، والسكون الحزبي، وتجاهل منظمات المجتمع المدني للمسألة، عجيب ويقترب من المعيب.
الأسرى الأردنيون في المعتقلات الإسرائيلية مضربون عن الطعام منذ 38 يوما، ولا صوت ولا حس للحكومة، في حين المشاركة الحزبية والشعبية في الاعتصامات التضامنية، قليلة، ولا ترقى إلى الحدث ولا إلى معاناة من رفضوا الاستسلام لسطوة الاحتلال والشروط غير العادلة في اتفاقيات ومعاهدات "سلام"، لم تُحضر السلام.
الدولة ملتزمة، وعلى الأرجح مقيدة، بنصوص وادي عربة، لكن ذلك لا يمنعها من أن تدعم وبقوة مطالب الأسرى، المستندة إلى ميثاق جنيف الرابع، بتحسين ظروفهم؛ وادي عربة لا تعيقها من الإصرار على امتثال اسرائيل بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، فكيف تبرر تفسير السكوت؟
لو اعتبرنا جدلاً، أن وادي عربة، كما يقولون كانت ضرورة، رغم ثغراتها، فهل يترتب عليها التخلي عن المواطن الأردني وحتى حق الدولة الأردنية بالدفاع عنه؟
هناك أكثر من مشكلة... الأولى، أن الطرف العربي دائم اللهفة على إثبات صدقية التزامه بالسلام إلى درجة جعلت إسرائيل تستقوي علينا و تزيد من ابتزازها لنا، إلى درجة خلق شعور رسمي، وأحياناً عام، بالضعف والاستسلام لمنطق القوة، على أساس انه لا فائدة.
الحكومات الأردنية تتعامل وكأن الصراع انتهى، مع أن الاحتلال لم ينته، بل وإسرائيل تخطط علناً، للإبقاء على غور الأردن من الجهة الفلسطينية، بما يشكل ذلك من متطلبات تضع الأردن في دور شراكة أمنية في حين تحكم إسرائيل سيطرتها تحت عنوان دولة فلسطينية ممزقة ومن دون سيادة.
نتعامل وكأن السلام وضع حدا لانتهاكات إسرائيل لحقوق أردنية، حتى المنصوص عليها في وادي عربة، خاصة في حصتها من المياه، وحول أن تفرض مشروعات، تقتسم من خلالها ما هو تحت السيادة الأردنية، لأن لسان حالها دائما: " ما لنا وما لكم أيضا لنا".
الأكثر إيلاما هو موقف معظم الأحزاب، وحتى الموقف الشعبي، الذي لا يلتفت إلى قضية الأسرى، وكأنهم دخلاء من عصر مضى، لا نرى أنه ما زال واقعاً، ونقنع أنفسنا بمقولات إن الأولوية لعملية الإصلاح رغيف الخبز، وكأن الكفاح من أجل حقوق المواطن تسمح بتجزئة الحقوق، وكأن دعم الأسرى يعوق النضال من أجل العدالة الاجتماعية.
لقد غيبّنا الصراع العربي الإسرائيلي من مناهجنا التعليمية، وقلصنا مساحة النقاش والتغطية في إعلامنا الرسمي وغير الرسمي، وكانت النتيجة تشويش الوعي، لدى أجيال، وكأن إسرائيل لم تعد خطراً استراتيجيا على الأردن وشعبه.
الأحزاب ليست لديها أي مبررات لتقصيرها الوطني، ومنظمات المجتمع المدني نسيت أو تناست أن إضراب الأسرى هي قضية حقوق إنسان، فهل يخشى بعضها من تأثر مكانته وتمويله من مصادر غربية؟
إسرائيل، وأمريكا، كرستا صورة الأسرى" كإرهابيين ومجرمين"، فهل صمتنا يعني قبول تصنيف الجلاد لضحيته، هل نقبل بتجريم الفعل المقاوم؟
ميثاق الأمم المتحدة يعترف بشرعية كل أشكال المقاومة، بما فيها العمل المسلح، ضد الاحتلال؛ طبعاً قد نكون نسينا، فقيم السلام المزيف، لا تعترف بشرعية المقاوم؟
للمعلومات فإن هناك 26 أسيرا أردنيا في المعتقلات الإسرائيلية، بعضهم محكوم بعدة مؤبدات، وبعضهم يقضي عقوبة تتراوح بين 10سنوات ومؤبد، وإذا قررنا النأي بأنفسنا عن ما تصنفهم شرعة الاحتلال "بإرهابيين"، فماذا عن المفقودين وعددهم 29 وأغلبهم من قوات الجيش الأردني، لا نعرف عن مصائرهم شيئاً.
من المحزن أن تكون ردة الفعل لقضيتي الأسرى أو المفقودين المنسية بهذا الفتور واللامبالاة في أيام ذكرى حرب حزيران، نذكر بها الخسارة ولكن يجب أن لا ننسى الأبطال، من الشهيد الطيار فراس العجلوني، إلى كل فرد أسير ومفقود، فلا معاهدات ولا قوانين احتلال تغير حقيقة أنهم أبطال.
لا نريد للمشهد الحالي أن تحكمه صورتان من الصعب محوهما من القلب: الرئيس شمعون بيريز يختال في نزق في مؤتمر دافوس البحر الميت، في اليوم نفسه الذي يبكي شيخ بحُرقة على ابنه الأسير عبدالله البرغوثي، أحد أهم قادة الانتفاضة الثانية، وبعدما اعتدى عليه بلطجية امام الديوان الملكي.
الهزيمة العسكرية في 1967 لن تتحول إلى هزيمة النفوس والإرادة إلا بالاستسلام؛ فالتخلي عن المقاومين، هو وقف المقاومة، حتى ذهنياً ، وهذه هي الهزيمة. (العرب اليوم)

l.andony@alarabalyawm.net
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير