مرجعية حكومية واحدة.. كلمة السر لتجاوز الأزمة
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - في الظروف الاستثنائية، كتلك التي نمر بها اليوم، تحتاج الحكومات إلى التفاف شعبي واسع حول قراراتها، وتأييد كامل لإجراءاتها، التي ينبغي اتباعها بمسؤولية واعية، حتى نصل جميعا إلى بر الأمان. ولكن لتحقيق هذا لا بدّ من وجود مرجعية حكومية واحدة، يلجأ إليها الناس لاستسقاء المعلومة.
توحيد المرجعية الإعلامية الرسمية هو كلمة السر، للوصول إلى أعلى درجات الإلتزام الشعبي بالقرارات الحكومية. أما تنويع المصادر، وبث التصريحات هنا وهناك، بمناسبة أو بدون مناسبة، وعلى لسان أكثر من مسؤول، وفي إطار من التناقضات، مسألة لن تقود سوى إلى تعميق حالة الإرباك بين المواطنين، وبالتالي الفوضى.. وهذا آخر ما نحتاجه في هذه الظروف.
قد يكون لدى وزير الداخلية، سلامة حماد، مثلا، معلومة ما، يرى أنه من المناسب إيصالها للمواطن. وقد ينطبق هذا أيضا على وزير العمل، نضال البطاينة، أو وزير الإقتصاد الرقمي والريادة، مثنى الغرايبة، على سبيل المثال لا الحصر.. فهل معنى هذا أن يبقى المواطن متسمرا أمام شاشات التلفاز، على مدار الساعة، لالتقاط تصريح تلو الآخر، قد يأتي أحدها في سياق يربك الناس؟!
بالأمس صرح وزير العمل، مثلا، بأن مرضى السرطان لا يمكنهم الخروج إلا بتصريح، ما أثار حالة من الخوف والإرباك بين هؤلاء المرضى، الذين يتعلقون بقشة أمل، للبقاء على قيد الحياة، خاصة وأن وزير الدولة لشؤون الإعلام، أمجد عودة العضايلة، سبقه بالقول إن مرضى السرطان يمكنهم الوصول إلى المستشفيات دون الحاجة للحصول على تصريح.
لم يكن هنالك أي داع بصراحة لإخافة الناس على هذا النحو. هذه المعلومة، أو غيرها، يمكن إيصالها إلى وزير الإعلام ليتولى هو مهمة صياغتها وإخراجها للرأي العام، بما أن هذا هو اختصاصه.
الاختصاص ليس مجرد كلمة عابرة، أو نزعة ترفية، بل هي أمر حاسم لتوحيد الخطاب الرسمي، وبالتالي ضمان انضباط المواطنين، والتزامهم.
في مواجهة جائحة الكورونا يجب أن يتولى مسألة التصريحات الإعلامية أصحاب الاختصاص فقط. وفي هذه الحالة هما وزير الدولة لشؤون الإعلام، ووزير الصحة، د. سعد جابر.
ملف الإعلام في مواجهة الأزمة ينبغي أن يدار بكل حرفية.. كل ما يحتاجه المواطن هو نشرة دورية، أو إيجاز صحفي يتولاه وزيرا الصحة والإعلام.. أما هذا التخبط في إطلاق التصريحات من مصادر وزارية أو غير وزارية، فلن يكون في صالح أحد..
الوضع يحتاج إلى معالجة حكيمة.. وأي وزير أو مسؤول لديه معلومة ما، ينبغي إرسالها إلى مركز إدارة الأزمات، لفلترتها وطرحها ضمن سياق منضبط الإيقاع، عبر نشرات منتظمة.. أما فوضى التصريحات هذه، والتي تصل إلى درجة التناقض فيما بينها، فلن تقود إلا لإرباك المواطن، ما سينعكس سلبا بلا شك، على التزامه بالقرارات الحكومية.