jo24_banner
jo24_banner

نعم ..هي ولادة أردن جديد.. نهوض اضطراري لا ينتظر أحدا

نعم ..هي ولادة أردن جديد.. نهوض اضطراري لا ينتظر أحدا
جو 24 :
تامر خورما - كثيرون لا يمكنهم تخيل ماهية الأردن الجديد، الذي بدأت ملامحه تتشكل بالفعل، مع ولادة العام 2020.

بالتأكيد عالم ما بعد الكورونا لن يكون كما عهدناه، والأردن ليس استثناء، إلا إذا تمكنا من تحويل هذا التحدي إلى فرصة، علينا خلقها من رحم النجاح الاستثنائي في التعامل مع الجائحة، حيث ثبت أن مؤسسات الدولة لم تتفتت ولم تتآكل، كما كنا نظن، بل استعادت الدولة ديناميكيتها وحيويتها، وأحكمت مسنناتها ضمن معادلة حاسمة، تكاملت فيها عناصر الإدارة العامة بانسجام غير مسبوق، عبر استجابة فورية مدروسة، لمقدمات هذه الأزمة، التي بدأت بفرض شروطها على العالم بأسره.

المرونة والتكيف، من خلال تحريك عجلة الإنتاج في القطاعات الحيوية، وتحفيز خلايا العمل في مفاصل هذه القطاعات، وخاصة قطاعي الغذاء والدواء، وإعادة ترتيب الأولويات، وفقا لمقتضيات هذا الواقع الجديد، واحتياجات السوق العالمي إلى ما يمكننا تصديره من مواد غذائية وطبية، تشكل كلمة السر في عملية تحويل هذه الأزمة، إلى فرصة حقيقية، ونهضة ثائرة، تضعنا في حالة انتعاش اقتصادي ونمو غير مسبوقين !

العودة إلى مبادئ "الحراثين" هي ما يشكل نقطة التحول الجوهرية، استنادا إلى مبدأ الاعتماد على الذات.. توافر الإرادة الوطنية، وتكامل عناصر الإدارة العامة، وانسجامها، وإدراك الأولوية الحاسمة للإنتاج، خاصة في زمن الكورونا، يفترض أن تتشكل الملامح الأساسية لأردن الغد، الذي نريد..

لا مكان في أردن الغد للاتكالية، والتواكل على "منح الأخ الأكبر"، و"مساعدات وقروض الصديق الأبيض".. الخيار الاستراتيجي الوحيد المتاح هو قرع أجراس الجنازة الأخيرة، لسياسات التبعية، والاعتماد على الغير، وإعلان ميلاد جديد لمعاول الأرض ومناجلها..

القطاع الزراعي بات هو حارس المستقبل الأمين، ولا بديل عن تحفيز الإنتاج في هذا القطاع، إلى جانب الدعم الكامل، غير المحدود، للصناعات الدوائية، والاعتماد الحاسم على مصادر الطاقة المحلية، والبدء بسياسات اقتصادية جديدة، عنوانها التخطيط الاستراتيجي المحكم، والتطبيق المتقن، لتحريك عجلة الإنتاج، واجتثاث النزعة الاستهلاكية، التي تجمل كل ما هو مستورد.

ما نحتاجه هو نمط مختلف للإنتاج، جوهره الاستغناء عن رأس المال الأجنبي، لحماية فائض القيمة، لا خيار أمام الدولة سوى استعادة ذاتها ومواردها، وتوجيه كافة القطاعات الإنتاجية، وضبط إيقاعها.. الاعتماد على الذات ينبغي أن يكون الإسم الحركي للأردن الجديد، فبديل ذلك هو الانزلاق المتسارع إلى العدم.

أما فيما يتعلق بالاستحقاقات الملحة، على قارعة انتظار رواتب أيار، وما بعده من شهور المخاض، فمن العبث التشكيك بالإمكانية الواقعية لصمود دولة يزيد عمرها على المائة عام، لشهرين أو أكثر.. أضف إلى ذلك أن كافة عناصر الضرورة قد اكتملت ونضجت تماما، لفرض ضريبة طوارئ على الطبقات الثرية.. فليدفع الأثرياء هذه الفاتورة الطارئة!

هناك بالطبع، من لا يريد حتى أن يتخيل ملامح هذا الأردن الجديد، سواء لارتباطه بانحيازات طبقية، أو حرصا على منفعة شخصية.. من الطبيعي أن يشهد الرأي العام أكثر من طرح يستند إلى منطلقات حراس الأفكار الماضوية، والمصالح الشخصية، ولكن ما يطرحه البعض لا يمكن أن يتجاوز كونه بضعة آراء يائسة، أو بالونات اختبار عقيمة، ومن السذاجة أن يتعامل معها القارئ على أنها حقائق ومسلمات!

النتائج المترتبة على المقدمات التي يفرضها الواقع، لا تخضع بالمطلق للشروط الموضوعية فقط ، فهنالك العامل الذاتي، الذي يفرض أهميته الحاسمة، انطلاقا من إدراك صيرورة الأحداث.. الأردن الذي ستتمخض عنه هذه الجائحة، هو نتيجة حتمية لتكامل العوامل الموضوعية مع الإرادة الذاتية، والإجابة التي سنقدمها حول كيفية الخروج من هذه الأزمة.
 
تابعو الأردن 24 على google news