وافعلوا الخير
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
رمضانيات 5
..
باب الخير واسع لا يمكن حصره بأشكال محددة، وهو ترجمة حقيقية لمعاني الإيمان، وصورة اخلاقية عن الانسان، ومقياس معياري لتقدم البلدان و الامم، مستمر متجدد لا يحده زمان ولا مكان( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها). لذا جاء الربط القرآني بين اهم شعائر العبادات ؛ الصلاة وفعل الخير (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) له دلالة واضحة في المقاصد والمألات؛ اَي ان فعل الخير عبادة مطلوبة.
مفهوم العبادة في الاسلام ليس مقصورا على الشعائر التعبدية، فاستحضار النية الخالصة لله والاجتهاد في حسن اداء الاعمال، يُسجل ذلك العمل في الميزان حسناته، وقد دلت على ذلك آيات واحاديث كثيرة. وفي إشارة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الى عمل خير جماعي قبل الاسلام ايضا دلالة على وجوبه حتى مع غير المسلمين ان تحققت فيه المصلحة العامة للناس: ( لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت ... )
في رمضان اجواء نفسية مساعدة على استجابة الناس لقطرتها في فعل الخير، من بذل الصدقات، وإصلاح ذات البين، وبناء المساجد، لكننا ينبغي ان لا نتوقف عند هذا الخير:
فالحفاظ على البيئة ونظافة الطرقات، والإفساح في وقوف المركبات، والإيثار بطوابير الشراء والمعاملات لكبار السن والسيدات، والتعاون بين كل سكان حارة أو حي لحل مشكلاتهم، ولا ننسى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أيضاَ, وغيرها كثير أعمال خير.
كلما كان الخير المبذول أشمل استفادة وأطول نفعاً كان أولى, كم هو جميل ان يوشح سماء الوطن بأوقاف لأعمال الخير، تحمل اسماء أشخاص وعشائر وشركات لتكون شهادات حية على تأصل الخير في بلدنا، وتكون كتاب تعليم مفتوح للأجيال. ربما لا يعلم الكثيرون ان كثيرا من الجامعات المرموقة في امريكا هي وقفيات من عائلات وأشخاص.
يستمر أجر عمل الخير بعد وفاة صاحبه, جاء في الحديث الشريف (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) نتمنى ان يبادر كثير من الأبناء لاستمرار اعمال والديهم بعد مماتهم بمشاريع ذات افكار خلاقة، تترك اثرا مستمرا الى قيام الساعة.
وتقبل الله صيامكم، وفعل الخير منكم.