فيروس كورونا والأجوبة الثيوقراطية على الأسئلة السياسية في العالم العربي
سلام الربضي
جو 24 :
أن التحولات التي أوجدها ما يسمى الربيع العربي وحالياً وباء فيروس كورونا، لم تستطيع أحداث تغييرات جوهرية للتصورات المجتمعية عن السياسة والدولة والمجتمع والذات والآخر، حيث ما يزال الفكر العربي (إلى حد ما) متمسكاً بأطروحة ربط فلسفة السلطة بالقضية الإيمانية. فإذا كان كل ما يرى بسياسات الحكومات هو الفساد وأغتصاب للسلطة، ولكن ما لا يرى هو أن كل تلك السياسات تعبر عن واقع مجتمعنا الماورائي. إذ أن تقييم السلطة وممارستها لا يمكن البحث عنها في عالم ما فوق الإنسان، فكل التفسيرات أكانت ثيوقراطية أم ميتافيزيقية قد فشلت في الوصول إلى نتيجة منطقية فيما يتعلق بموضوع البحث عن مصادر السلطة أو مواجهة التحديات المصيرية.
فالبحث العقلاني عن مصدر السلطات وممارستها لا يقتضي أي نوع من الاتجاه نحو الأمور الميتافيزيقية، من أجل التأكيد على هوية مجتمعاتنا غير الواثقة من ذاتها سياسياً ونفسياً. والتي استنفذت سابقاً إمكانيات الأمة في إشكاليات فكرية حول ماهيتها وعلاقتها بالآخر المختلف، للوصول حالياً إلى هذا المستوى من التصادم مع ماهيتها نفسها. وبالتالي، يستوجب محارية الفكر المتناقض القائم على ثنائيات تصادمية.
وهنا تُطرح التساؤلات حول الخيارات الفكرية والسياسية المتاحة، غير ثنائية التصادم مع الآخر أو مع الآنا نفسها. وهذا يتطلب حكماً البحث عن قراءة نقدية للفكر الثيوقراطي، من أجل التسلح برؤية تذكرنا بأن الأجوبة الثيوقراطية على الأسئلة السياسية لم تعد كافية في رسم ملامح المستقبل أو حتى من المساهمة في إيجاد لقاح لفيروس كورونا. بل على العكس من ذلك باتت تلك الأجوبة، عنوان للحائط المسدود التي وصلت له مجتمعاتنا العربية. فالاتجاه المنطقي لحيثيات الوجود العربي فيما بعد أزمة الوباء العالمي لا يمكن أن تكون إلا باتجاه الفكر النقدي، وسيتمكن هذا الفكر من أن يقف على قدميه بعد أن وقف طويلاً على رأسه، هذا إذا صح تعريف الإيديولوجيا بأنها وعي مقلوب يقف على رأسه.