jo24_banner
jo24_banner

لا يمكن تسويق التفقير

لميس أندوني
جو 24 : دعوة رئيس الوزراء عددا من الصحافيين الى العشاء، وقبل ذلك ما سمعنا عن اجتماعات في منزله مع بعض الكتاب، يدل انه ما زال يعتقد ان بإمكانه إقناع الصحافة وبالتالي الرأي العام بإجراءات التقشف ومجمل السياسات الرسمية.
لست متأكدة أنه مهتم لسماع أقوال الزملاء، لأنني أعرف ان لدى بعضهم، خاصة ممن هم أنفسهم من مناطق شعبية، فكرة عن معاناة الناس ومشاكلهم، لكن قد يكون من الأفضل، أن يضيف الى برنامجه زيارات، الى بيوت في وادي الحدادة، و المليح، و زبيد، وحي الطفايلة ومخيم البقعة ومعان: إذ هؤلاء هم الذين يتوجب عليهم الإجابة على الألم الذي في عيونهم.
لا أدعي أنا نفسي الفهم، ولا القدرة على التعبير عن كفاح وقلق يومي، يبدأ منذ الفجر و لا ينتهي مع غروب الشمس،لرب أسرة ، لا يعرف إذا كان كدحه المتواصل سيؤمن معيشة عائلته، أو يدفع ثمن زيارة طبيب أو دواء لنفسه أو من يحب ويرعى، فأنا لست مهددة بقوتي، حتى لو تأثر أسلوب حياتي برفع للأسعار، و تخفيض القيمة الفعلية للراتب.
لذا سأقوم بتخصيص مساحة مقالي، كل عشرة أيام او أسبوعين، إلى قصة شخص أو عائلة، أو منطقة في أرجاء الوطن، فواجب الكاتب أو الصحافي أن يحاول أن يكون قناة لتوصيل صوت من لا صوت لهم، لعلني أنجح و لو نسبيًا بإزعاج أصحاب القرار، وازعاجنا جميعًا، حتى لا نمضي وكأننا لا نسمع ضجيج طحن المغبون بيننا.
معارضة السياسات، خاصة الاقتصادية منها، يجب ان تتجاوز المسألة الأيديولوجية، فحتى الأيديولوجيا، التي تدعي الدفاع عن الفقراء، لا نفع فيها، إذا لم تستمع لأصوات من تدافع عنهم، لأن وضعهم هو الذي يحدد الأولويات، فالمطلوب ليس المزايدة بل الدفاع الحقيقي والعملي عن حقوق المواطن، الإنسانية، اقتصادية واجتماعية.
السقف العالي، للشعارات والبيانات أحيانا مطلوب، لكن لا يكفي و أحيانا لا يعني الكثير، فالأهم طرح مطالب محددة وتحقيق إجماع حولها، وهذا ما لم تعمل به المعارضة، بل نرى بينات فردية وحزبية وحراكية تخرق السقوف، ولكنها لا تبني إجماعا، ومن دون خطة لتحقيق ولو مطلب واحد أساسي للمواطن.
كلنا، أو اغلبنا يتعامل بعقلية، تسجيل الموقف، مع أهمية ذلك في مفاصل معينة، او تبرئة الذمة، والنتيجة كانت تمرير كل السياسات التي بدأ الحراك من أجل تغييرها ورفضها، فتحويل النشطاء الى محكمة أمن الدولة مستمر ورفع الأسعار ماض، و لا توجد مراجعة جدية للخصخصة ولا خطوات فعالة لوقف الهدر.
نصرخ في الشارع ضد الفساد والفاسدين، و من نعتقدهم فاسدين، في حين يجب أن نضغط باتجاه إقرار قانون من أين لك هذا؟ فهو الضامن الوحيد، لكشف الفاسد قانونيا، حتى لا يقال "ما في دليل"، لأن هذا القانون بالذات سيحدد الدليل و يحسم الجدل في اية شبهة فساد: فإذا لم يتم اقرار القانون، ستظل مكافحة الفاسد بشكل مؤسسي شعارات في مسيرات، وتختلط فيها تصفية الحسابات بالمساءلة الجدية.
صحيح أنه لا ثقة في مجلس النواب، لكن لا يوجد سبيل غير تصعيد الضغط الشعبي المنظم، وإلا لن تكون هناك اية خطوات ، وكلها تتطلب تعديلات قانونية أو صياغة قوانين جديدة، لزيادة دخل الدولة و كيفية الإنفاق، وإعادة توزيع الدخل، بما يحسن وضع الفئات الشعبية، وإلا كل الشعارات في الشارع تصبح ليس أكثر من صراخات قد تكون مزعجة قليلاً لكن يمكن علاجها باعتقالات هنا وهناك وسد الآذان عنها.
أما الرئيس فتحكمه عقلية العلاقات العامة، لكن إجراءات التقشف التي تفرض على الشرائح الدنيا، لن يستطيع أحد تسويقها طويلاً ، حتى لو تم توظيف وكالة دولية للعلاقات العامة، ساتشي اند ساتشي، لذا ما زلت اتمنى لو واجه الرئيس هؤلاء مباشرة، مع انه بعد مشاهدتي لفيديو لكيفية تعامل الدكتور النسور مع الشاب، الذي طلب منه المساعدة في إيجاد عمل، فأنا أعتقد انه لا فائدة! (العرب اليوم)

l.andony@alarabalyawm.net
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير