اركعوا واسجدوا
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
رمضانيات 21
..
الركوع والسجود ركنان في الصلاة، لا تصح الصلاة الا بأدائهما، وقد وردت آيات كثيرة على ذكرهما بأحوال وصفات عدة. جاء ذكر السجود عاما بحق البشر والملائكة وسائر المخلوقات الاخرى، قال تعالى (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) وقوله تعالى(وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ).. ذلك أن فعل السجود: فعل خضوع وعبودية وشكر له سبحانه، اوجبه على سائر المخلوقات طوعا واختيارا، قال تعالى (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون)، لذا كان عدم السجود صفة لإبليس اولا (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا)، ثم لغيره من المتمردين على الخالق سبحانه، بينما خص الركوع البشر دون غيرهم، ذلك انه صفة للصلاة، فعدت الصلاة بعدد ركعاتها وليس سجداتها.
وردت لفظة سجد بمختلف افعالها واسمائها وتصريفاتها نحو (55)، منها ما كان بحق الملائكة (14) امرا وحالا، ومنها بحق ابليس (5) أمرا وحالا، وبحق البشر (18) أمرا وحالا ايجابيا، وبحق المخلوقات الاخرى (4).
وردت لفظة الركوع بصيغها المختلفة (10) مرات، وجاءت لفظتي السجود والركوع معا في (5) موضع منها: عامة كقوله (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا) ومنها لمريم عليها السلام (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) ومرتين للمسجد الحرام (أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) و (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ). وأخرى (تراهم ركعا سجدا).
في حال الخطاب للمؤمنين: فإذا سبق الركوع السجود كقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)، فإنما المراد بها الصلاة المفروضة؛ وخص الركوع والسجود تشريفا للصلاة، ذلك لأن أشرف أركان الصلاة هما الركوع والسجود.
وفي حال جاء بعده، كما في قوله تعالى (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين( ، فهو أمرهم بالالتزام مع الراكعين ، أي التزامهم الجماعة، إما صلاةً و/أو الامة وعدم الخروج عنها.
يعد السجود الحالة الاقرب لله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أقرب ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء) وكانت هناك سجدة للتلاوة وأخرى للشكر. فأكثروا من دعائكم وانتم ساجدون,
وتقبل الله صيامكم، وركوعكم وسجودكم له.