كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ

د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
رمضانيات 24
..
الشأن العام الذي فيه مصلحة للناس مباشرة مقدم على الشأن الخاص، لذا نفهم تقديمه سبحانه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان، الذي هو أصل الدين وأساس الإسلام، وقد عده العلماء الركن السادس من أركان الإسلام، في آية آل عمران (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).
بعث الله به الرسل، لجدير بالعناية به؛ وتحقيق مصلحة الأمة به، وأثنى الله جل وعلا على أمة من بني إسرائيل في ذلك (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)، ولما فرطوا به جعله سببا للعنة (ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ)
قدم الله عز وجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وجعله سببا للرحمة (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). وفي آية أخرى حصر سبحانه الفلاح في الدعاة إلى الخيروالقيام به(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
ومن رحمته بنا سبحانه، جعل له درجات، في الحديث الصحيح (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان). فالإنكار باليد مع القدرة، كالسلطان ونحوه، وهكذا من له ولاية من أمر، ثبت عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، الخليفة الراشد أنه قال: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ) ويروى عن عمر أيضاً. فإن عجز: فباللسان، ويعاملهم بالأسلوب الحسن، مع الرفق ( إن الله يحب الرفق في الأمر كله). فإذا عجز، يكره المنكر بقلبه، ويبغضه ولا يكون جليساً لأهله.
هو واجب في حق الجميع، وفي حق العلماء المصلحين اوجب (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه )، وهو من أسباب النصر (ولينصُرَنَّ الله من ينصره إن الله لقويٌ عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) ومن اسباب اجابة الدعاء، في الحديث (يقول الله عز وجل: مروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أستجيب لكم وقبل أن تسألوني فلا أعطيكم وقبل أن تستنصروني فلا أنصركم).
ما أحوجنا لهذا الواجب، لا سيما في هذا العصر، لقلة العلم بالدين وغفلة الكثير من الناس، وحاجتنا للنجاة: جاء في الحديث ولما قالت أم المؤمنين زينب رضي الله عنها: أنهلك وفينا الصالحون؟ (قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم إذا كثُر الخبث)
وتقبل الله صيامكم وقيامكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.