jo24_banner
jo24_banner

كلام مع فاروق الباز

ماهر أبو طير
جو 24 : يقف فاروق الباز العالم المصري الشهير، امام مئات الاعلاميين العرب، والذي يحمل الجنسية الامريكية ايضا، وكان احد الذين ساعدوا في اكتشاف القمر، حتى تمت تسميته «سيد القمر»، ليقول ان حجم الامية بين العرب يصل الى حدود الاربعين بالمائة.

كلام الباز جاء خلال افتتاح الدورة الحادية عشرة لجائزة دبي للصحافة، والرقم صاعق؛ فالباز يقول ان اربعين بالمائة من العرب لا يجيدون القراءة ولا الكتابة نهائيا، واذ اسأله بعد مشاركته، عن دقة الرقم، يؤكده ويضيف اليه حقائق فاجعة عن هشاشة ذات التعليم، واعتباره للشهادات بكونها اسوأ من ذات الامية، واذ احاوره اسمع منه كلاما مريرا جدا حول واقع الامة العربية.

هل يعرف كثيرون ان حصة الغربي السنوية من قراءة الكتب هي مائتا ساعة، فيما حصة العربي ست دقائق، ثم يسألونك عن سر هذا الخراب، وسر التراجع، وبعضنا يتذاكى بتبشير هذا الجهل بمستقبل باهر؟!.

يتحدث الباز عن هذا التحدي في «أُمة اقرأ» التي لم تعد تقرأ ولا تكتب، تضاف الى ذلك الامية المقنعة التي تتمثل بملايين الخريجين من الجامعات الذي لا يجيدون سوى حمل الشهادات دون ثقافة او معرفة سوى حفظ الكتب المفروضة، والخروج بشهادات لا قيمة لها في عالم الشهادات الحقيقية.

لا احد يستطيع ان يحشر الامية فقط في الكتابة والقراءة، فماذا نقول عن أنصاف المتعلمين، وماذا نحكي عن شراء الشهادات بالمال او الواسطة، ثم ما هو الفرق بين الخريج الجامعي، والمتعلم حقا، فالباز في ما قاله يريد ان يقول للصحافة العربية التي استمعت اليه جيدا ان دور الاعلام ليس التنظير السياسي فقط، بل ان هناك دورا تنويريا وحثا على المعرفة والتغيير وهو دور غائب على الاغلب لصالح التغطيات الصحفية والاخبار والتنظير والتحليل في حالات كثيرة.

اذا كان العرب بعد مائة عام من بدء مراحل التحرر من الاستعمار، وبعد عشرات السنين من اكتشاف الثروات النفطية وغير النفطية، يواجهون مثل هذه النسبة من الجهل، وتلك النسبة غير المعلنة من الجهل المقنع وامراض الكراهية والتعصب والاستغراق في الماضي، والاتكاء على الغيبيات، اذا كان هؤلاء يواجهون كل هذه الحقائق، فكيف سيواجهون المستقبل بهكذا حالة، خصوصا، ان الاوضاع تذهب الى الاسوأ على صعيد الفقر والبطالة وتفشي اللااستقرار في دول عربية كبيرة.

ما زلنا في اغلبنا نميل الى انتظار الفرج من حيث لا نحتسب دون ان نسعى لذلك، او عبر تخيل سيناريوهات كثيرة ستؤدي الى نهضة شاملة، ولان القصة كلها خيال في خيال، او حنين الى الماضي وقصصه، فسيبقى العالم العربي اسيرا للتخلف والجهل والامية، فيما لا امل يلوح في الافق حتى الان، اذ كيف سيلوح مثل هذا الامل، ومن هم الذين سوف يصنعونه، بغير الصوت المرتفع والشعر والنثر؟!.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news