أكاديميون يحذّرون من تغيير أسس القبول الجامعي: هدم للتعليم العالي.. والواسطة ستكون المعيار
جو 24 :
أحمد الحراسيس - أثار قرار مجلس التعليم العالي الأخير بتعديل آلية القبول في الجامعات جدلا بين الأكاديميين واستياء واسعا ناتجا عن قناعة راسخة بعدم عدالة القرار، وحتمية تأثير الواسطات والمحسوبيات في القبولات الجامعية، بالاضافة إلى الظلم الكبير الذي سيقع على طلبة المحافظات والمدارس الحكومية بشكل عام وخاصة الراغبين منهم بدخول تخصصات علمية في الجامعات.
وأقرّ مجلس التعليم العالي في جلسته بتاريخ 8 أيلول 2020 قبول الطلبة في التخصصات الجامعية بناء على علامة مركّبة، على النحو التالي: (60% من مجموع (50% من مجموع علامات الطالب في امتحان الثانوية العامة، و 50% من مجموع علامة الطالب في مبحثين أو ثلاثة من المباحث الدراسية ذات العلاقة بالكلية أو حقل التخصص) + 40% (امتحان قبول جامعي من شقّين يشمل قياس القدرات الأكاديمية العامة والقدرات التحصيلية الخاصة)).
ويشمل القرار أن يكون القبول في الجامعة على أساس الكلية أو حقل التخصص، بحيث تكون السنة الأولى مشتركة للتخصصات في الكلية أو الحقل الواحد، وأن يتمّ اعتماد علامة التوجيهي من (1400) بدلا من العلامة المئوية "كأحد أسس القبول".
ويدخل القرار حيّز التنفيذ اعتبارا من العام الجامعي القادم.
المعاني: الآلية الجديدة ستشوبها الواسطة
وحول ذلك، قال وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور وليد المعاني، إن هذا القرار مقدّمة لالغاء امتحان الثانوية العامة ليُصبح بلا قيمة، مؤكدا معارضته قرار مجلس التعليم العالي لكون "العدالة في الوصول للجامعة مرهونة بوجود امتحان معياري عادل غير خاضع للأهواء والضغوط وهو امتحان الثانوية العامة".
وأضاف المعاني لـ الاردن24 إن أي امتحانات قبول في الأردن لن تكون عادلة ولن تكون معيارية وسيشوبها اللغط والواسطة، باستثناء امتحان الثانوية العامة.
ودعا المعاني مجلس التعليم العالي للتراجع عن قراره لكونه لن يحقق العدالة بين الطلبة، وستشوبه الكثير من الأسئلة وخاصة إن جرى بلغة غير اللغة العربية، داعيا للبقاء ضمن نهج القبول الموحد وعلى أساس معيار الثانوية العامة فقط.
الطويسي: يجب أن نضمن العدالة
ومن جانبه، رأى وزير التعليم العالي الأسبق، الدكتور عادل الطويسي، ضرورة تطوير آليات القبول في الجامعات وبما يضمن العدالة بين الطلبة وأن لا تخضع المعايير الجديدة لتدخل بشري كبير، وأن لا يكون الامتحان مركزيا، بل تعقده الجامعات نفسها، فتصمم كلّ جامعة الامتحان الخاصّ بها، مشيرا في ذات السياق إلى ضرورة أن ينسحب الأمر على الجامعات الخاصة أيضا، على أن تعقد مؤسسة أو هيئة رسمية تنشأ لهذه الغاية فقط الامتحان في الجامعات الخاصة.
وأضاف الطويسي لـ الاردن24: "يمكن في البداية أن لا يُعطى وزن كبير لعلامة امتحان القبول الجامعي، 15% مثلا، وفي ضوء التطبيق يمكن زيادة النسبة أو ايقافها لحين ايجاد آليات تضمن العدالة فعلا"، مشددا على ضرورة أن تكون الجامعات الحكومية نفسها هي من يضع الامتحانات.
وأشار الطويسي إلى أنه "لا يمكن ايقاف عجلة التطوير بسبب احتمالية وجود اختراقات هنا وهناك.
وحول امكانية أن يخلق القرار مشاكل كما سُجّل على فكرة السنة التحضيرية التي أقرها مجلس التعليم العالي سابقا قبل أن يعود ويلغي العمل بها، قال الطويسي: "إنه من غير المقبول الحكم على السنة التحضيرية بأنها فشلت، فلم ينتظر أحد نتائج تطبيقها، وإنما طُبقت آراء ومواقف مسبقة في ذلك الوقت، وبالتالي ألغيت".
بني هاني: هدم للتعليم العالي
ورأى رئيس الجامعة الهاشمية الأسبق، الدكتور كمال الدين بني هاني، أن قرار مجلس التعليم العالي يمثّل هدما للتعليم العالي في الأردن، مشددا على أنه قرار غير عادل على الاطلاق.
وقال بني هاني لـ الاردن24: "إن امتحان الثانوية العامة هو المعيار الأساسي لدخول الجامعة، لكنه للأسف شهد محاولات عبث وتخريب خلال السنوات الماضية من أجل التسهيل والتمهيد لقرار مجلس التعليم العالي الأخير بخصوص القبول الجامعي".
وأضاف: "إن القرار يجعل أبناء الأغنياء وخريجي المدارس الخاصة أصحاب الحظوة في دخول الجامعات، فيما سيكون أبناء القرى والمخيمات الأقل حظّا في دخول التخصصات العلمية، وإن دخلوها فسيكون هناك فجوة بينهم وبين أقرانهم، وهو ما يُعتبر مسمارا في نعش التعليم العالي، وأجدني أقف ضده بالمطلق".
وشدد على أن قرار مجلس التعليم العالي لا يعتبر تطويرا على الاطلاق، حيث أن التطوير يكون بتخفيف الاستثناءات ومعاملة الأردنيين بعدالة، مؤكدا أن الامتحان الجامعي سيكون مدخلا للواسطات وملء الجامعات الرسمية الكبرى بأبناء الطبقة الغنية وحرمان الفقراء من دخول تلك الجامعات، فيما اعتبر قرار مجلس التعليم العالي شبيها بقرار السنة التحضيرية.
وتابع بني هاني: "قديما في مصر، وتحديدا أيام محمد علي، لم يكن يدخل كليّات الطب إلا أبناء الباشوات، وهذا بعكس ما نعيشه اليوم في الأردن الذي يزخر بالأطباء الأكفاء من أبناء الطبقتين المتوسطة والفقيرة، وأعتقد أن الاستثمار في أبناء الذوات فقط غير مُجدٍ، فجزء منهم يُغادر البلاد وآخر يختار العمل في مشاريع والده".
واستهجن بني هاني الحديث عن ضعف مخرجات الجامعات الأردنية، مشيرا إلى أن الكفاءات الأردنية أثبتت نفسها في مختلف دول العالم وكبرى المؤسسات.
واختتم بني هاني حديثه بالقول: "يمكن أن تكون اللغة الانجليزية ضعيفة نسبيا لدى أبناء الطبقة الفقيرة لدى دخولهم الجامعة، لكنهم في السنة السادسة يكونوا من أوائل الكليات، بعد تطوير أنفسهم، ومن غير المقبول حرمانهم من كامل فرصتهم".
دعاس: الهدف الغاء التوجيهي
منسّق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة /ذبحتونا، الدكتور فاخر دعاس، قال إن عدم اعلان مجلس التعليم العالي عن هذا القرار بشكل رسمي -كما جرت العادة- ابتداء يضع علامات استفهام كبيرة حول النية من ورائه، ويؤكد الخشية من المعارضة الواسعة له في أوساط الأردنيين والأكاديميين.
وأضاف دعاس لـ الاردن24 إن القرار يحمل في طيّاته أكثر من عشرة قرارات منها (الغاء امتحان التوجيهي، الغاء القبول الموحد، واعتماد سنة تحضيرية، واعتماد القبول على أساس الكلية وليس على أساس القسم، كما أنه يقدّم لرفع الرسوم الجامعية بنسبة أكثر 150% من خلال اعتماد القبول على أساس الحقل وليس الكلية)، بالاضافة إلى كونه يعتبر تطبيقا لاملاءات البنك الدولي بعدم اعتماد التوجيهي كمعيار للقبول الجامعي "وهذا موثّق لدى الحملة".
واستغرب دعاس صدور مثل هذا القرار الخطير والمريب دون أي مناقشات أو استئناس برأي أو عقد ورشات ومشاورات مكثّفة قبل اصداره، مشددا على أنه يقف ضد هذا القرار بالمطلق.
وأشار إلى أن القرار يضع امتحان القبول الجامعي على مسافة واحدة مع امتحان التوجيهي، رغم الفارق الكبير في القدرة على ضبط نزاهة وحيادية وعدالة الامتحان، لافتا إلى الإشكالية الكبيرة التي تعانيها الجامعات ويلمسها الطلبة من ناحية "الواسطات التي لا يمكن ضبطها".
وأكد دعاس أن هذه الآلية تظلم طلبة المدارس الحكومية بشكل عام، وطلبة القرى والمخيمات، حيث أن مستوى اولئك الطلبة في اللغة الانجليزية أقل من أقرانهم في المدارس الخاصة، مشيرا إلى أن تجربة القبول المباشر والامتحان الجامعي أثببت فشلها عمليا، وأثبتت تدخل الواسطات والمحسوبيات فيها.
وقال دعاس إن أحد أهم أسباب نتائج "التوجيهي" غير المسبوقة خلال السنوات الأخيرة كان محاولة زعزعة الثقة بالامتحان الوطني، الأمر الذي يستدعي اعادة ضبط امتحان التوجيهي ليعود كما كان عليه سابقا.
وأضاف: "هناك دراسات تؤكد وجود تناسب طردي بين معدّل الطالب في الثانوية العامة وأدائه في الجامعة، والأصل أن أي توجّه لتجويد مخرجات التعليم العالي -إن كان هذا الدافع وراء القرار- هو تطوير امتحان التوجيهي وليس الغاءه"، مبيّنا أن معظم دول العالم تعتمد التوجيهي كمعيار للقبول الجامعي.
وتابع دعاس: "إن هذا القرار يضع علامات استفهام كبيرة حول مصير الاستثناءات في القبول الجامعي؛ هل سيتم الغاؤها؟ هل سيتمّ تفعيلها بعد السنة الأولى أم قبلها؟"، مختتما حديثه بالقول إن حكومة الرزاز تسارع في تطبيق املاءات البنك الدولي وبما يهدم منظومة التعليم والتعليم العالي في الأردن، مستندة في ذلك على الظروف التي تعيشها البلاد من جائحة كورونا وتفعيل قانون الدفاع.