الأحزاب في بلادنا وخبز الشعير 3/3
سالم الفلاحات
جو 24 :
تحدثنا في المقال السابق عن واقع النظرة الرسمية للأحزاب السياسية في الاردن وضرورة بقائها جسدا بلا روح (لحاجات في نفس يعقوب يعرف يوسف معظمها!!),ومع تحميلها المسؤولية عن عدم قيام حياة ديمقراطية حرة , علما انها تعيش في ظرف يعبر عنه المثل العامي ( كل حتى تشبع وصامد لا تكسر ) .
إن الاسترسال في وضع العمل الحزبي والبناء الديمقراطي في مواجهة العشيرة, ظلم لهما , وتزوير للحقائق واساءة واضحة كما اسلفنا ,هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإن وضع البناء الاجتماعي للعشائر والعمل الحزبي الجاد مجتمعين مع معضلة القضية الفلسطينية في مواجهة إمكانية بناء دولة ديمقراطية مدنية او مانعا لها مغالطة كبرى لا تنطلي إلا على الجهلة .
ولكن هل كانت عشائرية سليمان النابلسي رحمه الله وحزبيته عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية قبل اربعة وستين عاما , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة الأردنية؟
وهل كانت حزبية الزعيم ضافي الجمعاني رحمه الله وموقفه العروبي في صدام مع قبيلته بني حميدة؟
وهل كانت عشائرية المناضل حاكم الفايز بني صخر رحمه الله تمنعه من تبنيه المشروع القومي. او تفقده الاحترام بين ابناء قبيلته ؟
وهل كان التزام أحمد قطيش الأزايدة الإخواني رحمه الله مانعا من علاقة حميمية مع عشيرة الأزايدة وسائر المواطنين او مصادما لها، أم كان عامل جمع وتوحيد لها مع غيرها من العشائر؟
وهل عرقلت عشيرة التلول انطلاقة وصفي التل رحمه الله السياسية المميزة، وكذلك هزاع المجالي رحمه الله. وهل كانت عشائرية مشهور حديثة الجازي الحويطات الا استمرارا لإرث قديم من المجاهد هارون الجازي ونايل بن حمد الجازي للعشيرة ليكون بطل الكرامة كما كان اسلافه ابطالا في موقف سياسي بدمهم في فلسطين. وهل كانت حزبية جميل هلسة ويعقوب زيادين وكامل ابو جابر متعارضة مع اصولهم العشائرية او معيبا لها ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وفي بدايات القرن الماضي ابن عدوان, وراشد الخزاعي , والشريدة, والروسان, وناجي العزام ، و كايد مفلح العبيدات رحمه الله، وجولاته الجهادية على ارض فلسطين، هل كانت هذه كلها إلا ترسيخا لقيم راقية تتكامل بين الاحزاب والعشائر والقوى الشعبية الأخرى, ويقوي بعضها بعضا ؟
ولم اذكر هؤلاء الذوات على سبيل الاستقصاء انما المثال فقط ، وقد اقتصرت على ذكر بعض من فارقوا الحياة وغيرهم الكثير من الشخصيات القيادية السياسية العشائرية ومنهم رجالات مؤتمر أم قيس، ومؤتمر أم العمد، ومؤتمر قم, وقهوة حمدان، وأسالوا ان شئتم المؤرخ الدكتور عصام السعدي من المعاصرين فعنده المزيد.
وعندما أذكر العشائر لا يغيب عني مطلقا ان الشعب الأردني في غالبيته العظمى عشائر ممتدة بغض النظر عن الاصول والمنابت ,وليس فيه من هو مقطوع من شجرة ,وان كان يعبر عن العشيرة أحيانا بتعابير متباينة.
وان شئت فقل العجارمة , والمجالية , والحمايدة ,والتميمي, والعزيزات, والكرادشة ,والحدادين والمصري , والكعابنة , والدهامشة ,وعشائر الشركس والشيشان والعبد الهادي , والنتشة , والرجوب, والاطرش , والحلحولي ,والدوايمة , والجرار , والعواملة, والنابلسي , والدباس , وعشائر السبع , والزعبي, والقائمة تطول .
علما ان أغلب الزعامات السياسية والحزبية خرجت من رحم هذه العشائر وبمباركتها والتي كانت تقوم مقام الدولة قبل نشوئها.
لكن الحقيقة المرة التي لا مراء فيها اليوم أن الأحزاب السياسية والحياة الحزبية ليست أحسن حالاً من بقية المؤسسات كمجلس النواب مثلا ، ولا من صلاحية الحكومات المتعاقبة (ومستوى ولايتها العامة!!)، وليست أحسن حالاً من غيرها من مؤسسات الدولة التي يتم تدميرها بشكل ممنهج ومما يزيد المراقب للمشهد حيرة ايضا أنه يتم التعامل مع المواطن بلغتين رسميتين على الأقل احداهما أوضح من الأخرى:-
اللغة الأولى:
لغة الحديث عن حريات سقفها السماء. والحديث المستمر عن الاصلاح السياسي الشامل. ودولة المؤسسات والقانون . وملاحقة الفاسدين وكسر ظهر الفساد وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء وضرورة العمل الحزبي الذي يحظى بثقة المجتع، وضرورة انخراط الشباب في العمل الحزبي وبخاصة في الجامعات.
والحديث عن ضرورة الوفاء بالاستحقاقات الدستورية في الانتخابات النيابية. والحديث عن حكومة ذات صلاحيات وولاية عامة. وحتى أن الملك حسب الدستور لا يصدر إرادته ولا يوقع إلاّ على تواقيع الوزراء المختصين. كما ان أوامره لا تعفيهم من مسؤولياتهم أمام القانون. وحكومة لا تعتمد إلا بثقة شعبية بعد حصولها على غالبية أعضاء مجلس نواب منتخب. وموازنات لا تقر إلا بثقة من غالبية مجلس نواب. وقضاء كما هو حال أفضل أشكال المجالس القضائية في العالم .
إذاً ما الذي ينقصنا لبناء دولة أردنية ديمقراطية حرة في المنطقة, تكسر احتكار دولة العدو المحتل للديمقراطية ولو كانت هذه حقيقة لا خيالا ؟
اللغة الثانية: بينما يرى المواطنون بعامة والشباب بخاصة ممارسات عملية على الارض باتجاه معاكس تماما في بلادنا, حيث تتم متابعتهم وتحذيرهم من العمل الحزبي, والربط بين تمتعهم بحقوقهم في التعليم والتعيين والابتعاث والترقية بشهادة خلوهم من مرض العمل الحزبي !! هم وأقاربهم وأصهارهم .
يُعيَّن القاضي ويرفع ويُقال بقرارات تخلو من الاسس المقنعة وبلا حصانة , مما يؤثر على فعالية القضاء واستقلاله وهو الحصن الأخير في الاستقرار والعدالة .
ويعين رئيس الوزراء والوزراء ويقالون بقرار وبلا حصانة.
وقد يُعيَّن من مجلس النواب ما يقرب من 80% تعييناً بأساليب متنوعة يسبقها قانون انتخاب مضمون النتائج إضافة لجميع الأعيان؛ وقد يقال المجلس كله بقرار فلا حصانة, او يبقى عالقا معلقا بين الحياة والموت.
يسرح الفاسدون ويمرحون ولا تصل يد العدالة الا لأكباش فداء محدودين أحيانا وفي موسم ضجيج لا يلبث ان يتوقف ولا يدري احد ما الذي جرى.
يضيق على الحريات العامة ويتغول عليها ,وتزداد الاعتقالات بسبب كلمة ميز الله الانسان بها بالنطق المبين , بتهمة اطالة اللسان.
ومما يؤسف له انك تجد من الناس من يتقبل هذه القيود والممارسات طائعين , يلعقون الاحذية عند العطاء والحرمان على حد سواء ، وهم يتظاهرون انهم يقدمون استقالتهم ,ولا يقيلهم أحد!!
وهم ينفذون رغبات من عينهم وهو لم يلزمهم بـــــــذلك. ويتفاخرون بتنفيذ المهام (المطلوبة وإن كانت قذرة أحياناً).
ويتبجحون ويتظاهرون بانهم أصحاب القرار المستقل والحاسم , حتى المرفوض شعبيا ,وهم في الحقيقة لا رأي لهم بذلك.
ومنهم( النواب) من يقول أول النهار شيئاَ، حتى إذا زالت الشمس عن وسط السماء, ورجعوا من القيلولة عاد عما أقسم عليه بالطلاق ثلاثا, برأي معاكس تماما !! والشواهد مبثوثة ماثلة للعيان في الممارسات خلال السنوات القليلة الماضية يحفظها المواطنون.
أرأيتم إلى اللغتين المتناقضتين المشار إليهما، ولبعضهم لغة ثالثة احتياطية اعتذارية ، لغة لا تستخدم إلا في المجالس الضيفة المأمونة، وعندها لا يبقون للحكومة والنواب ستراً، فيقول صادقاً:- والله لا أعرف لماذا كلفت ولماذا أقلت ، وهو في الحالين صاحب إرادة وولاية!! يؤلمني ويؤلم كل وطني حر نشر مغالطات عن الأحزاب والعمل الحزبي واشتهارها وترويجها وتعميمها بعيدا عن روح المسؤولية الوطنية والنظر الى المالات.
وما يجري من تحجيم وتشويه للأحزاب السياسية وتخويف منها , انما هو رسالة للداخل والخارج من أجل تسفيه العمل الحزبي في الداخل من جهة، والتظاهر بالديمقراطية أمام العالم الغربي من جهة أخرى.
إنها معادلة غريبة حقاً, مطلوب أن تبقى صورة انتخابات نيابية وأشكال أحزاب سياسية , وعشائر وقبائل على أن تمطر بشتى أنواع التهم والاساءات والتضييق والحرمان ثم تتهم لم لمْ تنجح ؟ فهي خبز شعير تؤكل وتذم فعلا، علما أن الحياة الحزبية المتقدمة ,ومجالس الأمة الفاعلة, تملك من مساحة الموقف السياسي ما لا يملكه النظام السياسي المقيّد باعتبارات كثيرة ,ويستطيع النظام السياسي أن يتسلح بالموقف الشعبي لتحسين مكتسباته السياسية والاقتصادية لو أراد, ويخرج من أزماته وحصاره ويدفع الخطر عنه كما حصل في عام 1991.
وأخيــــــــــرا..
هل من مراجعة شاملة ونهج جديد يتحول من استهداف تمزيق المجتمع ومؤسساته وإضعافه وتجريفه واقصائه, إلى القناعة بضرورة تكامل الجهود وبناء دولة قوية.
واتساع هوامش الحريـات المسؤولة لتي تفجر الطاقات الشبابية. وتعديل قانون الأحزاب العقابي الحالي. والتوقف عن معاقبة الأردنيين بقانون الانتخاب سيء الذكر ( قانون الصوت الواحد المجزوء) حتى مع خدعة تغيير ملابسه حسب الفصول والمناسبات الاجتماعية!!!, والذي أثخن الجراح في جسد المجتمع الأردني عبر ثلاثة عقود .
وتشريع قانون انتخاب يرتقي بمؤسسة السلطة التشريعية والرقابية ,مما يقتضي اشتراط الترشح للانتخابات النيابية بقوائم حزبية , ليكون قادرا على بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة مميزة ,من خلال تكليف احزاب الاغلبية البرلمانية بتشكيل السلطة التنفيذية , لتكون خاضعة للرقابة والمحاسبة الشعبية.
والتوقف عن وسائل ترهيب الأردنيين بعامة و شريحة الشباب بخاصة من العمل الحزبي البرامجي المسؤول , بل وتشجيعهم عليه عملا لا قولا .
ومراجعة الأحزاب والقوى الشعبية والشخصيات الوطنية لمواقفها ,والافادة من تجربة سبعين سنة ماضية في العمل العام.
وإن كنا نتيقن ان من استحوذ على ميزات غير قانونية , وسلطات مطلقة فردية , تحميه من المحاسبة والمساءلة ,لا يمكن ان يفرط بها بسهولة ,أو أن يتنازل حتى عن جزء منها ,في ظل غياب إرادة شعبية منظمة، تتخلى عن اليأس و الإنسحابية والفردية والأنانية، وتستشعر الخطر و تجعل المصلحة الوطنية أولا.
ســــــالم الفلاحات 28/9/2020
تحدثنا في المقال السابق عن واقع النظرة الرسمية للأحزاب السياسية في الاردن وضرورة بقائها جسدا بلا روح (لحاجات في نفس يعقوب يعرف يوسف معظمها!!),ومع تحميلها المسؤولية عن عدم قيام حياة ديمقراطية حرة , علما انها تعيش في ظرف يعبر عنه المثل العامي ( كل حتى تشبع وصامد لا تكسر ) .
إن الاسترسال في وضع العمل الحزبي والبناء الديمقراطي في مواجهة العشيرة, ظلم لهما , وتزوير للحقائق واساءة واضحة كما اسلفنا ,هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإن وضع البناء الاجتماعي للعشائر والعمل الحزبي الجاد مجتمعين مع معضلة القضية الفلسطينية في مواجهة إمكانية بناء دولة ديمقراطية مدنية او مانعا لها مغالطة كبرى لا تنطلي إلا على الجهلة .
ولكن هل كانت عشائرية سليمان النابلسي رحمه الله وحزبيته عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية قبل اربعة وستين عاما , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة الأردنية؟
وهل كانت حزبية الزعيم ضافي الجمعاني رحمه الله وموقفه العروبي في صدام مع قبيلته بني حميدة؟
وهل كانت عشائرية المناضل حاكم الفايز بني صخر رحمه الله تمنعه من تبنيه المشروع القومي. او تفقده الاحترام بين ابناء قبيلته ؟
وهل كان التزام أحمد قطيش الأزايدة الإخواني رحمه الله مانعا من علاقة حميمية مع عشيرة الأزايدة وسائر المواطنين او مصادما لها، أم كان عامل جمع وتوحيد لها مع غيرها من العشائر؟
وهل عرقلت عشيرة التلول انطلاقة وصفي التل رحمه الله السياسية المميزة، وكذلك هزاع المجالي رحمه الله. وهل كانت عشائرية مشهور حديثة الجازي الحويطات الا استمرارا لإرث قديم من المجاهد هارون الجازي ونايل بن حمد الجازي للعشيرة ليكون بطل الكرامة كما كان اسلافه ابطالا في موقف سياسي بدمهم في فلسطين. وهل كانت حزبية جميل هلسة ويعقوب زيادين وكامل ابو جابر متعارضة مع اصولهم العشائرية او معيبا لها ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وهل كانت عشائرية وحزبية سليمان النابلسي رحمه الله عائقا أمام تشكيل أول وآخر حكومة نيابية حزبية حتى الان بعد مضي اكثر من ستة عقود , ام كانت نقطة مضيئة في تاريخ الدولة ؟
وفي بدايات القرن الماضي ابن عدوان, وراشد الخزاعي , والشريدة, والروسان, وناجي العزام ، و كايد مفلح العبيدات رحمه الله، وجولاته الجهادية على ارض فلسطين، هل كانت هذه كلها إلا ترسيخا لقيم راقية تتكامل بين الاحزاب والعشائر والقوى الشعبية الأخرى, ويقوي بعضها بعضا ؟
ولم اذكر هؤلاء الذوات على سبيل الاستقصاء انما المثال فقط ، وقد اقتصرت على ذكر بعض من فارقوا الحياة وغيرهم الكثير من الشخصيات القيادية السياسية العشائرية ومنهم رجالات مؤتمر أم قيس، ومؤتمر أم العمد، ومؤتمر قم, وقهوة حمدان، وأسالوا ان شئتم المؤرخ الدكتور عصام السعدي من المعاصرين فعنده المزيد.
وعندما أذكر العشائر لا يغيب عني مطلقا ان الشعب الأردني في غالبيته العظمى عشائر ممتدة بغض النظر عن الاصول والمنابت ,وليس فيه من هو مقطوع من شجرة ,وان كان يعبر عن العشيرة أحيانا بتعابير متباينة.
وان شئت فقل العجارمة , والمجالية , والحمايدة ,والتميمي, والعزيزات, والكرادشة ,والحدادين والمصري , والكعابنة , والدهامشة ,وعشائر الشركس والشيشان والعبد الهادي , والنتشة , والرجوب, والاطرش , والحلحولي ,والدوايمة , والجرار , والعواملة, والنابلسي , والدباس , وعشائر السبع , والزعبي, والقائمة تطول .
علما ان أغلب الزعامات السياسية والحزبية خرجت من رحم هذه العشائر وبمباركتها والتي كانت تقوم مقام الدولة قبل نشوئها.
لكن الحقيقة المرة التي لا مراء فيها اليوم أن الأحزاب السياسية والحياة الحزبية ليست أحسن حالاً من بقية المؤسسات كمجلس النواب مثلا ، ولا من صلاحية الحكومات المتعاقبة (ومستوى ولايتها العامة!!)، وليست أحسن حالاً من غيرها من مؤسسات الدولة التي يتم تدميرها بشكل ممنهج ومما يزيد المراقب للمشهد حيرة ايضا أنه يتم التعامل مع المواطن بلغتين رسميتين على الأقل احداهما أوضح من الأخرى:-
اللغة الأولى:
لغة الحديث عن حريات سقفها السماء. والحديث المستمر عن الاصلاح السياسي الشامل. ودولة المؤسسات والقانون . وملاحقة الفاسدين وكسر ظهر الفساد وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء وضرورة العمل الحزبي الذي يحظى بثقة المجتع، وضرورة انخراط الشباب في العمل الحزبي وبخاصة في الجامعات.
والحديث عن ضرورة الوفاء بالاستحقاقات الدستورية في الانتخابات النيابية. والحديث عن حكومة ذات صلاحيات وولاية عامة. وحتى أن الملك حسب الدستور لا يصدر إرادته ولا يوقع إلاّ على تواقيع الوزراء المختصين. كما ان أوامره لا تعفيهم من مسؤولياتهم أمام القانون. وحكومة لا تعتمد إلا بثقة شعبية بعد حصولها على غالبية أعضاء مجلس نواب منتخب. وموازنات لا تقر إلا بثقة من غالبية مجلس نواب. وقضاء كما هو حال أفضل أشكال المجالس القضائية في العالم .
إذاً ما الذي ينقصنا لبناء دولة أردنية ديمقراطية حرة في المنطقة, تكسر احتكار دولة العدو المحتل للديمقراطية ولو كانت هذه حقيقة لا خيالا ؟
اللغة الثانية: بينما يرى المواطنون بعامة والشباب بخاصة ممارسات عملية على الارض باتجاه معاكس تماما في بلادنا, حيث تتم متابعتهم وتحذيرهم من العمل الحزبي, والربط بين تمتعهم بحقوقهم في التعليم والتعيين والابتعاث والترقية بشهادة خلوهم من مرض العمل الحزبي !! هم وأقاربهم وأصهارهم .
يُعيَّن القاضي ويرفع ويُقال بقرارات تخلو من الاسس المقنعة وبلا حصانة , مما يؤثر على فعالية القضاء واستقلاله وهو الحصن الأخير في الاستقرار والعدالة .
ويعين رئيس الوزراء والوزراء ويقالون بقرار وبلا حصانة.
وقد يُعيَّن من مجلس النواب ما يقرب من 80% تعييناً بأساليب متنوعة يسبقها قانون انتخاب مضمون النتائج إضافة لجميع الأعيان؛ وقد يقال المجلس كله بقرار فلا حصانة, او يبقى عالقا معلقا بين الحياة والموت.
يسرح الفاسدون ويمرحون ولا تصل يد العدالة الا لأكباش فداء محدودين أحيانا وفي موسم ضجيج لا يلبث ان يتوقف ولا يدري احد ما الذي جرى.
يضيق على الحريات العامة ويتغول عليها ,وتزداد الاعتقالات بسبب كلمة ميز الله الانسان بها بالنطق المبين , بتهمة اطالة اللسان.
ومما يؤسف له انك تجد من الناس من يتقبل هذه القيود والممارسات طائعين , يلعقون الاحذية عند العطاء والحرمان على حد سواء ، وهم يتظاهرون انهم يقدمون استقالتهم ,ولا يقيلهم أحد!!
وهم ينفذون رغبات من عينهم وهو لم يلزمهم بـــــــذلك. ويتفاخرون بتنفيذ المهام (المطلوبة وإن كانت قذرة أحياناً).
ويتبجحون ويتظاهرون بانهم أصحاب القرار المستقل والحاسم , حتى المرفوض شعبيا ,وهم في الحقيقة لا رأي لهم بذلك.
ومنهم( النواب) من يقول أول النهار شيئاَ، حتى إذا زالت الشمس عن وسط السماء, ورجعوا من القيلولة عاد عما أقسم عليه بالطلاق ثلاثا, برأي معاكس تماما !! والشواهد مبثوثة ماثلة للعيان في الممارسات خلال السنوات القليلة الماضية يحفظها المواطنون.
أرأيتم إلى اللغتين المتناقضتين المشار إليهما، ولبعضهم لغة ثالثة احتياطية اعتذارية ، لغة لا تستخدم إلا في المجالس الضيفة المأمونة، وعندها لا يبقون للحكومة والنواب ستراً، فيقول صادقاً:- والله لا أعرف لماذا كلفت ولماذا أقلت ، وهو في الحالين صاحب إرادة وولاية!! يؤلمني ويؤلم كل وطني حر نشر مغالطات عن الأحزاب والعمل الحزبي واشتهارها وترويجها وتعميمها بعيدا عن روح المسؤولية الوطنية والنظر الى المالات.
وما يجري من تحجيم وتشويه للأحزاب السياسية وتخويف منها , انما هو رسالة للداخل والخارج من أجل تسفيه العمل الحزبي في الداخل من جهة، والتظاهر بالديمقراطية أمام العالم الغربي من جهة أخرى.
إنها معادلة غريبة حقاً, مطلوب أن تبقى صورة انتخابات نيابية وأشكال أحزاب سياسية , وعشائر وقبائل على أن تمطر بشتى أنواع التهم والاساءات والتضييق والحرمان ثم تتهم لم لمْ تنجح ؟ فهي خبز شعير تؤكل وتذم فعلا، علما أن الحياة الحزبية المتقدمة ,ومجالس الأمة الفاعلة, تملك من مساحة الموقف السياسي ما لا يملكه النظام السياسي المقيّد باعتبارات كثيرة ,ويستطيع النظام السياسي أن يتسلح بالموقف الشعبي لتحسين مكتسباته السياسية والاقتصادية لو أراد, ويخرج من أزماته وحصاره ويدفع الخطر عنه كما حصل في عام 1991.
وأخيــــــــــرا..
هل من مراجعة شاملة ونهج جديد يتحول من استهداف تمزيق المجتمع ومؤسساته وإضعافه وتجريفه واقصائه, إلى القناعة بضرورة تكامل الجهود وبناء دولة قوية.
واتساع هوامش الحريـات المسؤولة لتي تفجر الطاقات الشبابية. وتعديل قانون الأحزاب العقابي الحالي. والتوقف عن معاقبة الأردنيين بقانون الانتخاب سيء الذكر ( قانون الصوت الواحد المجزوء) حتى مع خدعة تغيير ملابسه حسب الفصول والمناسبات الاجتماعية!!!, والذي أثخن الجراح في جسد المجتمع الأردني عبر ثلاثة عقود .
وتشريع قانون انتخاب يرتقي بمؤسسة السلطة التشريعية والرقابية ,مما يقتضي اشتراط الترشح للانتخابات النيابية بقوائم حزبية , ليكون قادرا على بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة مميزة ,من خلال تكليف احزاب الاغلبية البرلمانية بتشكيل السلطة التنفيذية , لتكون خاضعة للرقابة والمحاسبة الشعبية.
والتوقف عن وسائل ترهيب الأردنيين بعامة و شريحة الشباب بخاصة من العمل الحزبي البرامجي المسؤول , بل وتشجيعهم عليه عملا لا قولا .
ومراجعة الأحزاب والقوى الشعبية والشخصيات الوطنية لمواقفها ,والافادة من تجربة سبعين سنة ماضية في العمل العام.
وإن كنا نتيقن ان من استحوذ على ميزات غير قانونية , وسلطات مطلقة فردية , تحميه من المحاسبة والمساءلة ,لا يمكن ان يفرط بها بسهولة ,أو أن يتنازل حتى عن جزء منها ,في ظل غياب إرادة شعبية منظمة، تتخلى عن اليأس و الإنسحابية والفردية والأنانية، وتستشعر الخطر و تجعل المصلحة الوطنية أولا.
ســــــالم الفلاحات 28/9/2020