حروب دفاعية تنتج فوضى دائمة
طاهر العدوان
جو 24 :
من حق أي قوة سياسية أن تعبر عن نفسها في الشارع، بدون أن يكون هذا الشارع وسيلة للعنف أو القتل. فالشارع كان العامل الحاسم في مستقبل الثورات والأنظمة على حد سواء في عالمنا العربي.
تصاعد التوتر في الشارع المصري، وخصوصا بعد اندلاع المواجهات الأخيرة بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومعارضيه في ميدان التحرير، خلال مسيرة لأنصار مرسي باتجاه السفارة الأميركية، والتي أدت إلى مقتل شخص وإصابة 26 شخصا بجروح، لا يبشر بالخير، ويؤكد أن وتيرة العنف ستزداد في مقبل الأيام، ما لم يتم وضع حد لحالة التوتر القائمة في المجتمع المصري، والانقسام العمودي الذي أصبح من سمات مجتمعات ما بعد "الربيع العربي"، والتي قسمت الناس على أسس جديدة وأكثر تعقيدا من التقسيمات التي كانت موجودة أصلا في مجتمعاتنا.
فقد انحرفت البوصلة عن قصد، وتم تحويلها من الصراع السياسي إلى الصراع الديني الذي أصبح يوظف بشكل كبير وغريب، ويتسم بالفجاجة لمصلحة القوى السياسية المتناحرة، فبدا المشهد في مصر وسورية، وعند عوام الناس ومثقفيهم على حد سواء في العالم العربي كله، بأن ما يدور من صراع سياسي، سواء في مصر أو تلك الحرب أكلت الأخضر واليابس في سورية، هو حرب بين مشروعين؛ مشروع ديني، ومشروع علماني.
هذا التفكير الذي ينزلق إلى حافة السذاجة، ينافي واقع الصراع السياسي والاجتماعي والاقتصادي على الصعيد المحلي، وكذلك على الصعيدين الدولي والإقليمي، والذي يؤكد أن ثمة عديدا من الأطراف الدولية الكبيرة والإقليمية تتحكم في صورة المشهد الداخلي، وتسعى إلى تحقيق الاستراتيجيات التي رسمتها منذ عشرات السنوات، وتتلخص في القضاء على كل الجيوش العربية. وقد كانت البداية بالجيش العراقي عندما تمت إبادته عن بكرة أبيه؛ إما عسكريا من خلال الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية، أو من خلال القرار السياسي بحل المؤسسة العسكرية العراقية!
واستمرت هذه القوى في متابعة ما بدأت به من مشاريع إنهاء الجيوش العربية. فبعد العراق، توجهت الأنظار إلى الجيش العربي السوري الذي دخل في أتون حرب طاحنة، أدت إلى إنهاكه بشريا وماديا. وبذلك يحقق المشروع التفكيكي للمنطقة العربية انتصاراته، ونحن مشغولون بالحديث عن الروافض، والسنة والشيعة؛ ولتتغير هذه النغمة بعد الإطاحة بمرسي ليصبح الحديث عن مؤمنين وغير مؤمنين. وتم تقسيم الناس وفق سياق جديد، ينفذ إلى أعماق النفس البشرية، وتصنيفه بحسب الهوى السياسي دينيا!
مصر على عتبة مواجهة داخلية بدأت من سيناء، الهدف منها إشغال الجيش المصري في صراعات داخلية. وهذا الإنشغال الدائر الآن في سيناء وغيرها، سوف يؤثر بشكل كبير على قوة وجاهزية الجيش المصري، وبذلك تضعف قوته العسكرية، ما يسهل تفكيك الدولة المصرية والعودة بها إلى مربع الفوضى الذي تسعى إليه القوى المتربصة بالأمة العربية.
jihad.almheisen@alghad.jo
(الغد)
من حق أي قوة سياسية أن تعبر عن نفسها في الشارع، بدون أن يكون هذا الشارع وسيلة للعنف أو القتل. فالشارع كان العامل الحاسم في مستقبل الثورات والأنظمة على حد سواء في عالمنا العربي.
تصاعد التوتر في الشارع المصري، وخصوصا بعد اندلاع المواجهات الأخيرة بين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي ومعارضيه في ميدان التحرير، خلال مسيرة لأنصار مرسي باتجاه السفارة الأميركية، والتي أدت إلى مقتل شخص وإصابة 26 شخصا بجروح، لا يبشر بالخير، ويؤكد أن وتيرة العنف ستزداد في مقبل الأيام، ما لم يتم وضع حد لحالة التوتر القائمة في المجتمع المصري، والانقسام العمودي الذي أصبح من سمات مجتمعات ما بعد "الربيع العربي"، والتي قسمت الناس على أسس جديدة وأكثر تعقيدا من التقسيمات التي كانت موجودة أصلا في مجتمعاتنا.
فقد انحرفت البوصلة عن قصد، وتم تحويلها من الصراع السياسي إلى الصراع الديني الذي أصبح يوظف بشكل كبير وغريب، ويتسم بالفجاجة لمصلحة القوى السياسية المتناحرة، فبدا المشهد في مصر وسورية، وعند عوام الناس ومثقفيهم على حد سواء في العالم العربي كله، بأن ما يدور من صراع سياسي، سواء في مصر أو تلك الحرب أكلت الأخضر واليابس في سورية، هو حرب بين مشروعين؛ مشروع ديني، ومشروع علماني.
هذا التفكير الذي ينزلق إلى حافة السذاجة، ينافي واقع الصراع السياسي والاجتماعي والاقتصادي على الصعيد المحلي، وكذلك على الصعيدين الدولي والإقليمي، والذي يؤكد أن ثمة عديدا من الأطراف الدولية الكبيرة والإقليمية تتحكم في صورة المشهد الداخلي، وتسعى إلى تحقيق الاستراتيجيات التي رسمتها منذ عشرات السنوات، وتتلخص في القضاء على كل الجيوش العربية. وقد كانت البداية بالجيش العراقي عندما تمت إبادته عن بكرة أبيه؛ إما عسكريا من خلال الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية، أو من خلال القرار السياسي بحل المؤسسة العسكرية العراقية!
واستمرت هذه القوى في متابعة ما بدأت به من مشاريع إنهاء الجيوش العربية. فبعد العراق، توجهت الأنظار إلى الجيش العربي السوري الذي دخل في أتون حرب طاحنة، أدت إلى إنهاكه بشريا وماديا. وبذلك يحقق المشروع التفكيكي للمنطقة العربية انتصاراته، ونحن مشغولون بالحديث عن الروافض، والسنة والشيعة؛ ولتتغير هذه النغمة بعد الإطاحة بمرسي ليصبح الحديث عن مؤمنين وغير مؤمنين. وتم تقسيم الناس وفق سياق جديد، ينفذ إلى أعماق النفس البشرية، وتصنيفه بحسب الهوى السياسي دينيا!
مصر على عتبة مواجهة داخلية بدأت من سيناء، الهدف منها إشغال الجيش المصري في صراعات داخلية. وهذا الإنشغال الدائر الآن في سيناء وغيرها، سوف يؤثر بشكل كبير على قوة وجاهزية الجيش المصري، وبذلك تضعف قوته العسكرية، ما يسهل تفكيك الدولة المصرية والعودة بها إلى مربع الفوضى الذي تسعى إليه القوى المتربصة بالأمة العربية.
jihad.almheisen@alghad.jo
(الغد)