لا دخل لأميركا ولا لنظريات المؤامرة
طاهر العدوان
جو 24 : الطرفان المتصارعان في ميادين مصر يتفقان على شيء واحد هو إلقاء اللوم على الولايات المتحدة ، أنصار السيسي يتهمونها بانها تقف وراء مشروع إخواني لحكم مصر ، والإخوان يتهمونها بانها وراء عزل مرسي .
مثل هذا الاتهام او ما يسمى بنظرية المؤامرة اصبح جزءا من الثقافة العربية المعاصرة يتداولها من في الحكم ومن في المعارضة سواء بسواء عندما يستفحل الصراع بينهما ، وتنقلب دعوات الحوار الى اتهامات متبادلة بالخيانة والعمالة للأجنبي وهذا الأجنبي عادة ما يكون الأمريكي .
تفسير الأحداث في الشرق يرتبط عند العرب بوعي باطني مستمد من التراث التاريخي لعصور الاستعمار بدءاً بمؤامرة سايكس بيكو وانتهاء بفصول نشوء الحركة الصهيونية ومؤامراتها لاقامة اسرائيل بالتعاون السري والعلني مع دول الغرب . منذ ذلك الوقت وكل حدث كبير يهز المنطقة ، من انقلابات و حروب وفتن ، هو مؤامرة امريكية او صهيونية !.
حتى ثورات الربيع العربي التي أخرجت الملايين الى الشوارع نسمع من يصفها بالمؤامرة الخارجية لتدمير أوطان الشعوب وزرع الانقسامات بين صفوفها ، فالشعوب وفق هذه النظرية مجرد أحجار يحركها الأجنبي كما يريد ويشتهي .
ومع ان هذه النظرية تسعى الى تبرئة العرب ، حكاما وشعوبا ، من تحمل مسؤولية ما يصيبهم من مآسٍ وويلات (التي هي في معظمها من صنع ايديهم ) الا ان في هذه النظرية موقف عنصري يضع فيه العرب انفسهم موضع الشعوب التي لا تتحرك الا بالدفع من الخلف وهي لا تملك عقلها ومصيرها عدا انها غير أهل للمسؤولية .
لقد انتقل هذا المفهوم عن العرب ( الذي يحمل مضامين الدونية ) الى بعض الأوساط الثقافية في الغرب بعد أحداث ١١ سيتمبر/ أيلول عندما صدرت كتب في أوروبا وأمريكا تصف الهجمات على نيويورك بانها من تدبير جهات في أمريكا واليهود ليس من باب تبرئة العربي من الإرهاب ، انما من باب النظرة الدونية لهم قائلين انه غير المنطقي ان ينجح أفراد منهم بالتخطيط لهجوم إرهابي مدمر وخطير احتاج الى خبرات علمية في الإعداد والدقة بالتنفيذ .
وفي كتاب للأمريكي مايكل روبرت جاء ان « هجمات سيتمبر هي مؤامرة من اليمين الأمريكي جرى الإعداد لها بدقة لشن الحروب وإخضاع الدول والهيمنة للسيطرة على النفط «. الواقع والوقائع في المنطقة يقول بان مشاكلنا كأمة هي من صنع أيدينا حكومات وشعوب ، وبان كل المصائب والعثرات هي ( من تحت رؤوس العرب انفسهم ) واذا كان للأجنبي دور في هذا فهو بطلب العون ، او بالسعي اليه وتذكيره بان مصالحه تستدعي منه ان يساهم في ( مؤامراتنا ) على شعوبنا او لمناصرة دولة ضد اخرى وبالاجر المدفوع مقدما معظم الوقت .
وأخيراً فان ما جرى ويجري في مصر لا دخل لأمريكا به الا بقدر سعي هذا الطرف او ذاك لأخذ الاعتراف والمساندة منها، ما يجري معركة داخلية بين تيارين من المجتمع كل منهما يخشى الآخر ويريد إقصاءه من الحلبة السياسية .
منذ انهيار حكم مبارك والمصريون منخرطون في خلاف حول شكل وهوية النظام الجديد في مصر الثورة ، خلاف ما كان ليصل الى حد الصدام لو ان قادة السلطة والمعارضة( مع تبادل المواقع ) هم على مستوى تحمل المسؤلية التاريخية كما فعلت شعوب اوروبا الشرقية التي انتقلت من الديكتاتورية الى الديموقراطية بتفاهمات مجتمعية على شكل النظام الجديد بما في ذلك العلاقة بين الدولة والدين .
(الراي)
مثل هذا الاتهام او ما يسمى بنظرية المؤامرة اصبح جزءا من الثقافة العربية المعاصرة يتداولها من في الحكم ومن في المعارضة سواء بسواء عندما يستفحل الصراع بينهما ، وتنقلب دعوات الحوار الى اتهامات متبادلة بالخيانة والعمالة للأجنبي وهذا الأجنبي عادة ما يكون الأمريكي .
تفسير الأحداث في الشرق يرتبط عند العرب بوعي باطني مستمد من التراث التاريخي لعصور الاستعمار بدءاً بمؤامرة سايكس بيكو وانتهاء بفصول نشوء الحركة الصهيونية ومؤامراتها لاقامة اسرائيل بالتعاون السري والعلني مع دول الغرب . منذ ذلك الوقت وكل حدث كبير يهز المنطقة ، من انقلابات و حروب وفتن ، هو مؤامرة امريكية او صهيونية !.
حتى ثورات الربيع العربي التي أخرجت الملايين الى الشوارع نسمع من يصفها بالمؤامرة الخارجية لتدمير أوطان الشعوب وزرع الانقسامات بين صفوفها ، فالشعوب وفق هذه النظرية مجرد أحجار يحركها الأجنبي كما يريد ويشتهي .
ومع ان هذه النظرية تسعى الى تبرئة العرب ، حكاما وشعوبا ، من تحمل مسؤولية ما يصيبهم من مآسٍ وويلات (التي هي في معظمها من صنع ايديهم ) الا ان في هذه النظرية موقف عنصري يضع فيه العرب انفسهم موضع الشعوب التي لا تتحرك الا بالدفع من الخلف وهي لا تملك عقلها ومصيرها عدا انها غير أهل للمسؤولية .
لقد انتقل هذا المفهوم عن العرب ( الذي يحمل مضامين الدونية ) الى بعض الأوساط الثقافية في الغرب بعد أحداث ١١ سيتمبر/ أيلول عندما صدرت كتب في أوروبا وأمريكا تصف الهجمات على نيويورك بانها من تدبير جهات في أمريكا واليهود ليس من باب تبرئة العربي من الإرهاب ، انما من باب النظرة الدونية لهم قائلين انه غير المنطقي ان ينجح أفراد منهم بالتخطيط لهجوم إرهابي مدمر وخطير احتاج الى خبرات علمية في الإعداد والدقة بالتنفيذ .
وفي كتاب للأمريكي مايكل روبرت جاء ان « هجمات سيتمبر هي مؤامرة من اليمين الأمريكي جرى الإعداد لها بدقة لشن الحروب وإخضاع الدول والهيمنة للسيطرة على النفط «. الواقع والوقائع في المنطقة يقول بان مشاكلنا كأمة هي من صنع أيدينا حكومات وشعوب ، وبان كل المصائب والعثرات هي ( من تحت رؤوس العرب انفسهم ) واذا كان للأجنبي دور في هذا فهو بطلب العون ، او بالسعي اليه وتذكيره بان مصالحه تستدعي منه ان يساهم في ( مؤامراتنا ) على شعوبنا او لمناصرة دولة ضد اخرى وبالاجر المدفوع مقدما معظم الوقت .
وأخيراً فان ما جرى ويجري في مصر لا دخل لأمريكا به الا بقدر سعي هذا الطرف او ذاك لأخذ الاعتراف والمساندة منها، ما يجري معركة داخلية بين تيارين من المجتمع كل منهما يخشى الآخر ويريد إقصاءه من الحلبة السياسية .
منذ انهيار حكم مبارك والمصريون منخرطون في خلاف حول شكل وهوية النظام الجديد في مصر الثورة ، خلاف ما كان ليصل الى حد الصدام لو ان قادة السلطة والمعارضة( مع تبادل المواقع ) هم على مستوى تحمل المسؤلية التاريخية كما فعلت شعوب اوروبا الشرقية التي انتقلت من الديكتاتورية الى الديموقراطية بتفاهمات مجتمعية على شكل النظام الجديد بما في ذلك العلاقة بين الدولة والدين .
(الراي)