فلسفة إمساك العصا من المنتصف سياسيًا
سالم الفلاحات
جو 24 :
من معاني العصا
الاستعصاء والرفض.
ومن ظلالها القوة والبطش لا الحكمة والتعقل.
ومنه ايضا انّها عصيّة على الكسر.
والفعل الماضي من مادتها (عصى) اقصى درجات المخالفة التامة للمطلوب.
ولكره الانسان لها وخوفه من بطشها قابلوها بالجزرة الجميلة اللينة، والتي لا تكفي طعاما، وانما هي بعض الطعام، ليقع الانسان البسيط بينهما أسيرًا.
الذين يُمسكون العصا من الوسط يظلمونها ويظلمون أنفسهم وهم لا يعلمون.
لأنّهم في الحقيقة لا عليها اتكأوا، ولا لعدو نهروا، ولا لعشب قطعوا، ولا على اغنامهم هشوا ليدلوها على مراعيها، ولا لأفعى قتلوا، حتى غدت هي وعود الثقاب المنطفئ سواء.
وعصاهم هذه أصبحت فقط للزينة الخادعــــــــــــــــــــــة.
ولتوجيه الدّبّيكة في حفلات عرس تختم في الغالب بالّطلاق.
وهكذا في علم السياســـــــــــــــــــــــــةّ والمواقف العامــــة
فما ظلمت كلمة أومصطلح (كالوسط)
فالوسط معناه كل الخير، وخير الخير، وليس 50% منه، كما يتوهم البعض او يحبون هذا الوهم. فالله يقول (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا).
كمْ حوّل الهوى والضعفُ السيف الى عصا خشبية، او سكين مطبخ في أحسن الاحوال، او حولوه سجينا في غمده الى الأبد فهو وغمده الخشبي سواء.
لفتني احد احفادي يوما قائلا: ياسيدي هذا سيف حَئيئي؟ّ!! وسألته مختبرا فوجدته يعرف الحقيقي من المزوّر، ويعرف تفصيلات استكثرتها على عمره الزمني!
فقد يكون السيف تحفة او درعا او عصا مع انّه المهند الصارم المصقول، صاحب اللغة الخاصة ولكنه يُمسخ ليحجر عليه في قمقم وهو البتار.
هناك ايد ماكرة وماهرة جدا تحوّل الشيء الى ضده، او تحول ما كان في الليل الى غيره في النهار.
كيف تتحول المدافع المزمجرة الى انابيب لا تحمل حتى الماء.
وكيف تحوّل (امّات جنزيرين) الى مجرد عهدة برقم خازن، يعلوها الغبار، نهايتها خردة تباع لمصانع صهر الحديد.
بينما لم تتمكن من قبل طائرات العدو وقذائفها العملاقة من قهرها أو صهرها، عندما كان يعتليها أشاوس لم يفرّقوا بين كأس المنية وكاس الماء على عطش في صيف قائظ.
وهي التي تستحق قول الشاعر العربي الفارس
أبيت اللعنَ انّ سَكاب علقٌ ..... نفيسٌ لا تعار ولا تباعُ
مُفداةٌ مكرمة ٌعلينـــــــــا ..... يُجاع لها العيال ولا تُجاع
وحوّلوا الاقلام الشريفة الى عيدان لتنظيف الاسنان او تسميمها ,من حيث يعلمون أولا يعلمون. !!
وحوّلوا الكلمات القوية التي تعمل عمل القذيفة المسدّدة دمعة او سنوات سجن، او لفظة متهدجة ركيكة، او تمتمة او نميمة، او وسيلة توسل بيد سفلى تنتظر الأعطيات.
وحولوا عيون زرقاء اليمامة التي ترى الأشياء عن بعد الى عيون منكسرة خانعة لاترى إلّا من خلال منظار سوء و دليل مخادع.
حوّلت المعارضَ الذي لم يكن يرضيه فعل من يبذلون كل جهد مستطاع وغير مألوف، فتجعل منه حملا وديعا صبورا واقعيا، واذا لطم على خده الأيمن ادار للصافع خده الأيسر، مع انّ الصبر والواقعية من خير الصفات والزمها للإنسان في الحياة، لكنها من هؤلاء مخادعة لن يصدّقها احد.
وكم هم المظلومون في سنن الحياة او التعامل مع مفرداتها.
وكما نحتاج لتغيير جذري في النظرة للأشياء والمواقف منها بالأنفع وليس بالأحب
الذين يمسكون العصا من المنتصف أفرادا او جماعات أو دولا، لا موقف لهم فلا أثر لهم في التاريخ، فدول عدم الانحياز هل بقي لها اثر في الواقع السياسي؟ والأمم المتحدة التي تساوي بين الظالم القاهر الصهيوني والمستعمر وبين الضحية المطرود من ارضه والمستلبة خيراته، هي منظمة بلا وزن ولا قيمة.
وهكذا السياسي بلا موقف والكاتب بلا رأي جازم والحزب بلا تحمل مسؤولية وطنية وموقف واضح.
وهل كان من فراغ الهدي النبوي (أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ رَجُلاً مَهَابَة النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا عَلِمَهُ أَلاَ إِنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ » رواه احمد.
وهل أخطأ أحمد شوقي عندما قال:
قفْ دون رايك في الحياة مجاهدا ..... انّ الحياة عقيدةٌ وجهاد
وهكذا فان الحياة مواقف مميزة و الاختفاء خلف سياسة امساك العصا من الوسط مخادعة للنفس والوطن والشعب..
** الكاتب نائب أمين عام حزب الشراكة والانقاذ..
تابعو الأردن 24 على 
