التعديل الوزاري.. اعادة انتاج وتدوير للاسماء وارتهان للمحاصصات وكوتات مراكز القرار
جو 24 :
كتب المحرر السياسي - جاء التعديل الوزاري الموسع الاول على حكومة الدكتور بشر الخصاونة متوقعا للغاية، حيث تم اختيار الاسماء وفق ذات المعايير غير المهنية وغير الموضوعية المعهودة والمتعارف عليها ،فلا مفاجآت ولا خيارات خارجة عن المألوف والمتوقع . حيث بقي الرئيس الخصاونة متصالحا مع فكرة وجود ضوابط و محددات و مواصفات ،و مراعيا للمحاصصات المقيتة ، ولكوتات مراكز صناعة القرار الثابتة.
المهم ان الخصاونة او السيستم تصرف كالعادة على راحته، بمنتهى الاسترخاء، دون ان يأبه بردود الفعل، ودون ان يضطر لشرح الاسباب التي دفعته لاختيار هؤلاء الوزراء اساسا ، ولماذا تم استبعادهم فيما بعد ؟ وماذا عن الاسماء الجديدة التي تم اختيارها ، و هل هناك ما يضمن انها ستشكل اضافة نوعية ؟ المهم ان الرئيس قبل استقالة (9) وزراء وقام بتعيين (5) وزراء جدد، بالاضافة إلى تكليف (5) وزراء بحقائب اخرى . وها هو وزير العمل نضال القطامين يستقيل ايضا بعد صدور التعديل ، ويكلف وزير التنمية الاجتماعية ايمن المفلح بحقيبة العمل !!!
قبل ان نذهب بعيدا في تشريح التعديل الوزاري نقول بانه يُسجّل للخصاونة قبوله استقالة وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي بطل التأزيم في قضية نقابة المعلمين ، او الواجهة التي قبلت ان تلعب هذا الدور ، ولكن هذا الامر لا يكتمل الا اذا كان مقدمة لمراجعات شاملة لهذا الملف ، تنهي هذا الاستهداف وهذه المواجهة غير المبررة وغير المفهومة ..
الوزير علي العايد، يعرف جيدا بانه لم يبلِ بلاء حسنا اثناء توليه حقيبة الاعلام في هذه الحكومة ، ويبدو ان الرئيس متمسك بوجود العايد ولذلك اوكل اليه حقيبة الثقافة خلفا للدكتور باسم الطويسي ، العايد سيعمل الان بعيدا عن ضغط عدسات الصحفيين واسئلتهم التي لا تنتهي، والتي يبدو انها كانت تزعجه جدا .
اما عن تكليف المهندس صخر دودين بحقيبة الاعلام فهذه تحتاج الى الاستعانة باصدقاء كثر وليس صديق واحد، لفهم مسوغات هذا الامر ،المهندس صخر شخصية محترمة ولها تقديرها ، ولكن اذا ما اخذنا بعين الاعتبار اخفاق العايد وهو الوزير المتمرس بالاضطلاع بهذا الملف الهام والحساس، كيف سينجح دودين وهو المهندس الذي لم ينخرط في يوم من الايام في العمل العام او العمل مع وسائل الاعلام ؟ !
الوزير دودين قد ينجح ، فلديه مقومات تؤهله لذلك ، ولكنه قد يفشل ايضا ، وهذا ممكن، اذا ما علمنا بان الاعلام هو مهنة ، وتتطلب خبرة ومعرفة وتجربة وخاصة عندما يتعلق الامر بادارة المؤسسات الإعلامية التي تقع ضمن مهام الوزير ، لذلك نقول بان على الحكومات ان تكف عن تبني نظرية التجربة والخطأ ، و ان الوزير سيتعلم من اخطائه ، ماذا عن الفرص التي ستضيع والوقت الذي سيهدر حتى يتعلم معاليه ، و نحن هنا نناقش الفكرة و لا نقصد وزيرا بعينه ؟!!
ثمّ كيف نفهم تعيين المهندس وجيه العزايزة وزيرا للنقل ، وهو الذي عُرف بنشاطه وخبرته الواسعة في مجال تقديم الخدمات الانسانية والتنمية الاجتماعية؟ احترموا عقولنا قليلا، من قال ان الوزير هو منصب سياسي فقط ،نريد بيروقراط ، وتحديدا في الحقائب الخدماتية ،الحقائب التي ترتبط بعصب الاقتصاد والتي تحتاج الى برامج ورؤى وتخطيط واستراتيجيات وخبرة وقدرة على فهم المتغيرات والتعامل معها . لا نفهم كيف تقوم السلطة باضعاف نفسها،كيف تصيب اطرافها "ادواتها” بالشلل الكلي، وبنفس الوقت تقول بانها تهرول نحو البناء والنمو والاصلاح والتغيير؟!!
تعيين العميد مازن الفراية المدير السابق لعمليات خلية ازمة كورونا وزيرا للداخلية ، يحتاج ايضا الى تفكير عميق ،فالرجل لم يشتغل في منصب مدني قط ، وجاء تعينه في منصب حكومي وهو على رأس عمله العسكري ، وهذا يدفعنا للتفكير مليا في الاختلافات العميقة والعديدة بين نمطي الادارة المدنية و العسكرية ، فهل سيميز الفراية هذه الفروق بهذا الوقت القصير ، ويتنبه الى حاجتنا الماسة لوزير يحترم حقوق الانسان ، الحق في التعبير عن الاراء ،حق التجمع و الانتساب للاحزاب والنقابات ، حاجتنا الماسة لوزير يرفض ان يحتجز الحرية ، ويمعن في عمليات التوقيف الاداري لمجرد ان القانون قد اعطاه هذا الحق غير المشروط ؟
ليس صعبا ان يجري التوفيق بين اختيار شخصية سياسية وبنفس الوقت تتمتع بتجربة وخبرة واسعة في المجال الذي ستكلف بقيادته. التوفيق بين خيار المحاصصة شريطة توفر الاختصاص والخبرة، امر قابل للتطبيق، اذا ما سلمنا بان المحاصصة قدر لا بد منه..
التعديل الوزاري تم بذات المنهجية المعهودة، القائمة على ارضية ان لا يكون هناك اي نسق او منهج او منطق يحكم التشكيل والتعديل واسس تضبط الاختيارات. هي هيمنة مطلقة لعامل الشخصية والمزاجية، وهذه تأتي مع رخصة مفتوحة لاجراء التعديلات الواحدة تلو الاخرى مثنى وثلاث ورباع .. والوطن يدفع فاتورة هذا العبث اللانهائي …