رمضانيات 10 - "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة"
د. نبيل الكوفحي
جو 24 :
الدعوة إلى الله مهمة الأنبياء والرسل ومن تبعهم من الصالحين. وينبغي أن تكون كما أمر الله تعالى، اذ يقول (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين), الآية نزلت بمكة، وأمره الله تعالى أن يدعو إلى دينه وشرعه بتلطف ولين، وهكذا ينبغي أن يدعو المسلمون المسلمين وغيرهم. سواء كانت الدعوة لاحلال معروف أو ازالة منكر.
وأصل الدعوة هي الكلمة، ثم يكون السلوك، ويتبعها التشريع والنظام، لذلك وصفت الكلمة في القرآن الكريم بالشجرة الطيبة لعظيم أثرها، قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). ألم يخرج سيدنا مجمد صلى الله عليه وسلم من غار حراء بكلمة؟.
وهكذا كان جميع الانبياء والمرسلين، حتى في ارسالهم لأسوأ أنواع الظلمة، جاء في التوجيه الالهي لسيدنا موسى عليه السلام (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) (طه: 43،44). وهذا نوح، عليه السلام ، يقول لقومه (يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى (نوح : 4) قال السعدي رحمه الله: ليكن دعاؤك للخلق مسلمهم وكافرهم إلى سبيل ربك المستقيم المشتمل على العلم النافع والعمل الصالح {بِالْحِكْمَةِ} أي: كل أحد على حسب حاله وفهمه وقوله وانقياده. ومن الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل والبدء بالأهم فالأهم، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم.
أما الدعوة بالسلوك، فقد لخصها الله تعالى بقوله (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ). لذلك كانت سيرته صلى الله عليه وسلم مثالا حيا لهذا السلوك،حيث وصفه الله تعالى بقوله (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ((الاحزاب: 21). ومن الأمثلة على ذلك قصة الجار اليهودي الذي كان يسيء لحبيبنا عليه السلام، فرد عليه بالحسنى حتى أسلم. وعلى مر التاريخ انتشر الاسلام في اكثر بقاع الارض من خلال الخلق الحسن للمسلمين.
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هذه الايام الاكثر استخداما للتواصل بين النس خاصة في ظل الحظر، ويستطيع الواحد أن يصل من خلالها مشارق الأرض ومغاربها بلا عناء، وو تباتت أساسية لدى أغلب الناس، لذا وجب على الدعاة استغلالها جيداً. والحذر كل الحذر من كلمات منفرة تبعد الناس عن دين الله، أوتكون سببا لاشاعة فاحشة أو منكر، وتزخر هذه المواقع بالغث والسمين، وعلينا أن نشيع الخير منها وننشره بين الناس، وأن ندفن المنكر منها ونميته. وان نراقب أبناءنا ونوجههم حتى يشبوا على الاحلاق الجميلة، فمن شب على شيء شاب عليه.
وتقبل الله صيامكم، ورزقكم الحكمة في القيام بواجب الدعوة الى الله، (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا).
ولا تنسونا من صالح دعائكم