jo24_banner
jo24_banner

"ضعف تشريعي" يفتح باب الفصل التعسفي وينتهك الحق في الحماية من البطالة

ضعف تشريعي يفتح باب الفصل التعسفي وينتهك الحق في الحماية من البطالة
جو 24 :

كتبت فرح عطيات :

 


 يضع "ضعف تشريعي"، يتعلق بـ"تدني" غرامات إنهاء خدمات الموظفين في صورة غير قانونية، العمال في مواجهة الفصل التعسفي من وظائفهم مما يعرضهم وأسرهم إلى ظروف صعبة تؤثر على مستوى وشكل معيشهم، بحسب نقابيين عماليين.

وينافي الفصل التعسفي ما اعترفت فيه الدول الاطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على "الحق في العمل، و الذي "يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصونه".
كما أنه ينافي نص المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي قالت صراحة إن "لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية، كما أن له حق الحماية من البطالة".
ورغم أن التشريعات الحالية تنص على غرامة تصل في حدها الأعلى إلى تعويض يعادل راتب ستة اشهر للعامل أو الموظف الذي يفصل تعسفيا، كشف مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض أن "هنالك مئات العاملين الأردنيين الذين يتم تسريحهم من أعمالهم سنويا بدون الرجوع إلى وزارة العمل".
ولفت إلى أن العديد من الشركات تفاوض العاملين لديها على التسريح من العمل على طريقة ما "بين نارين" فإما أن يقبل العامل بتسوية من خلال تعويض الفصل التعسفي وغالبا ما تكون القيمة أعلى من الحد المنصوص عليه في التعويض كما يقره قانون العمل, و"هنا يظهر التسريح من العمل في صورة استقالة طوعية وليست فصلا تعسفيا مسجلا في دائرة الأرقام"، وإما اللجوء إلى المحاكم للمطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفي و"حبال المحاكم طويلة"، فيما أوضاع العامل الاقتصادية لا تمكنه من الانتظار كثيرا.
وفي وقت لاتتوفر فيه إحصاءات سنوية عن أعداد المسرحين من أعمالهم تعسفيا، كان تقرير فريد من نوعه أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق بالتعاون مع مؤسسة فريدرش ايبرت الألمانية أن عدد العمال الذي تم تسريحهم من أعمالهم بشكل جماعي خلال عام 2009 بلغ ما يقارب 10500 عامل، منهم ما يقارب 3750 أردنيين و 6900 من غير أردنيين.
وعن غياب التقارير الاحصائية السنوية الدقيقة، أوضح عوض مدير موكز الفنيق أن العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل الغالبية بين المؤسسات الاقتصادية في الأردن، تقوم بتسريح عمالها دون الإعلان عن ذلك، ودون الرجوع إلى وزارة العمل.

كما أن غالبية العمال في الأردن لا يتواصلون مع النقابات العمالية لأسباب متعددة، وبالتالي لا يبلغونها عن أحوالهم، وبذلك لا تعلم هذه النقابات بوجود عمليات فصل أو تسريح من العمل.
إلى ذلك، اعتبر نقابيون أن تشريعات العمل الحالية "ليست رادعة" بما يكفي لمواجهة الفصل التعسفي، منتقدين وزارة العمل على أساس انها "لا تنفذ" المهام المناطة بها بفعالية وكفاءة تمنع الفصل ما يترك فرصة لأصحاب العمل للجوء إلى إنهاء خدمات موظفيهم أو عمالهم في صورة غير قانونية.
ورغم إقرارها بوجود "تقصير" في تنفيذها بعض نواحي عملها، إلا أن وزارة العمل شددت بدورها على أنها تقوم بالجانب المناط بها بأقصى درجة فعالية تستطيعها.
وأقر الأمين العام للوزارة حمادة أبو نجمة أن الوزارة "لا تملك الصلاحيات الكافية" ضمن تشريعات العمل الحالية لوقف الفصل التعسفي ومنع أصحاب العمل من اللجوء إليه في الكثير من الحالات.
بيد أن نقابيين يذهبون إلى انتقاد تعديلات أقرتها الوزارة على قانونها والتي مرت عبر المراحل الدستورية اللازمة ودخلت حيز التنفيذ، باعتبار أنها "لا تعالج" بصورة فعالة قضايا الفصل التعسفي.
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال مازن المعايطة أن التعديل الجديد يقضي بإلزام صاحب العمل بدفع نصف راتب شهر عن كل سنة خدمة للموظف أو العامل في حالات الفصل التعسفي، معتبرا أن ذلك "غير مجد وغير رادع".
ويلزم القانون حاليا صحاب العمل بدفع راتب يتراوح بين ثلاثة وستة أشهر للموظف في حالات الفصل التعسفي من دون النظر إلى سنوات الخدمة.
واتفق عضو لجنة إنهاء أو تعليق عقود العمل في الوزارة سابقا أحمد أبو خضرا مع المعايطة، ذاهبا إلى ضرورة تغليظ غرامة الفصل التعسفي لتصل إلى راتب شهر عن كل سنة خدمة إضافة إلى إقرار صرف مكافأة "مجزية" للعامل لا تقل عن راتب ثلاثة أشهر عن كل سنة.
ودعا المعايطة وأبو خضرا إلى مراعاة مدة خدمة العامل في حالات الفصل التعسفي، وحظر إنهاء الخدمة بصورة غير قانونية بعد مرور سنوات محددة على التحاق الموظف بعمله، باعتبار أن أصحاب العمل يلجأون للفصل التعسفي لتوظيف كوادر جديدة براتب أقل من رواتب العاملين لديهم منذ سنوات.
ولا ينكر أبو نجمة أن الوزارة تتحمل جزءا من المسؤولية في قضايا الفصل التعسفي، لكنه يوضح أن صاحب العمل والعمال أنفسهم يتحملون كذلك جزء من المسؤولية في هذا المجال.
وردا على الانتقادات الموجهة للتعديلات التي ادخلت على قانون العمل فيما يخص الفصل التعسفي، أوضح الحباشنة أن "التعديلات أقرت بالتوافق عبر لجنة ثلاثية ضمت إلى جانب الوزارة، العمال (ممثلين باتحادهم) وممثلين عن أصحاب العمل".
وقال أبو نجمة "لسنا وحدنا (الوزارة) من أقر التعديلات، وكان يتوجب على الأطراف الأخرى تقديم مقترحاتها لدراستها أثناء بحث التعديلات".
ورغم تأكيده على أن قضايا الفصل التعسفي "تقع ضمن اختصاص المحاكم النظامية"، إلا أن أبو نجمة لفت إلى أن الوزارة تسعى عبر الدور المناط بها إلى التدخل والتوفيق لإعادة الأمور لنصابها، خصوصا عندما يكون صاحب العمل لجأ إلى الفصل تحت ذريعة "إعادة الهيكلة" التي يتوجب الحصول على موافقة الوزارة عليها.
وقال إن الوزارة تشكل فريق تفتيش مختصا للتحقق من شكاوى الفصل التعسفي التي تردها وخصوصا الجماعية منها، لافتا إلى أن بعض القضايا وغالبيتها فردية لا تصل إلى الوزارة.
ودعا العمال في مثل هذه الحالات إلى إبلاغ الوزارة التي قال إنها لا تستطيع من دون تعاون العمال متابعة جميع القطاعات التي تقع فيها قضايا فصل تعسفي خصوصا تلك التي لا تردها.
وعادة ما تقع قضايا الفصل الجماعي تحت ذريعة "إعادة الهيكلة"، وبشكل يخالف أحكام المادة 31 من قانون العمل التي تنص على أنه "إذا اقتضت ظروف صاحب العمل الاقتصادية أو الفنية تقليص حجم العمل أو استبدال نظام إنتاج بآخر أو التوقف نهائيا عن العمل مما قد يترتب عليه إنهاء عقود عمل غير محددة المدة أو تعليقها، كلها أو بعضها، فعليه أن يبلغ الوزير خطيا معززا بالأسباب المبررة لذلك فورا".
وتنص الفقرة (ب) من ذات المادة على أن "يشكل الوزير لجنة من أطراف الإنتاج الثلاثة للتحقق من سلامة إجراءات صاحب العمل وتقديم توصياتها بشأنها إلى الوزير خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما من تاريخ تقديم التبليغ".
ومن مهام اللجنة تبعا للمادة السادسة من نظام تشكيلها، التحقق من سلامة إجراءات صاحب العمل وتقدم تقريرها إلى وزير العمل مشفوعا بتوصياتها، على أن يتضمن التقرير اسم المؤسسة وعدد العاملين المراد الاستغناء عن خدماتهم أو تعليق عقود عملهم والأسباب التي استدعت ذلك، والإجراءات التي اتخذتها اللجنة.
وأوضح المعايطة أن حوالي 25% من قضايا الفصل التعسفي الجماعي تسجل في الشركات والمؤسسات الصغيرة التي قال إنها "ليست منظمة، ولا تخضع للمعايير ولوائحها الداخلية هزيلة جدا".
وفي مواجهة الفصل التعسفي والشكاوى من ظروف التشغيل في مختلف مصانع وشركات المملكة، يدعو نقابيون عماليون إلى حزمة إصلاحات هيكيلة في تشريعات العمل تضمن في آن واحد الحد من إنهاء الخدمات بصورة مخالفة إلى جانب تحسين ظروف التشغيل، وبما يتفق مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين

تابعو الأردن 24 على google news