ضرورة إعادة التفكير الاردني في ملف القدس
داود كتاب
جو 24 : مع بداية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والتي ستدوم لتسعة أشهر يخرج إلى السطح سؤال تقليدي ولكنه مهم. أين القدس من المفاوضات الحالية؟ يسجل للمفاوض الفلسطيني الإصرار على شمولية المفاوضات لكافة الملفات العالقة، مما يعني أن ملف القدس ستتم مناقشته خلال الأشهر المقبلة. ولكن القارئ الجيد لأولويات المفاوضين وللراعي الوحيد للمفاوضات تدل على إعطاء أولوية قصوى لموضوعي الحدود والأمن. ومن المتوقع ألّا يشمل النقاش في مجال تحديد الحدود بين دولة إسرائيل ودوله فلسطين (في هذا الملف وفي هذا الوقت) موضوع القدس حيث أن للقدس وضعا خاصا ولذلك سيتم نقل كل ما يتعلق بها لذلك الملف. وبما أن ملف القدس مثله مثل ملف حق العودة، هما الأصعب والأكثر تعقيدا، فإنه ليس من المستبعد أن يتم تأجيل النقاش في هذين الملفين لما بعد حل ملفي الحدود والأمن.
ومن المعروف كذلك، أن ملف القدس يتعدى كونه ملفا فلسطينيا- إسرائيليا، كونه ملفا متعدد الأطراف يشمل فيما يشمل الأردن من خلال إقرار إسرائيلي للملكة الأردنية الهاشمية بدور خاص لها في تحديد مستقبل الأماكن المقدسة وخصوصا المقدسات الإسلامية في القدس وفي مقدمتها منطقة الحرم الشريف والتي تشمل مسجد الأقصى وقبة الصخرة وساحاتهما. وفي هذا المجال لا بد من التذكير بالاتفاق الفلسطيني الأردني والذي يوفر لعمان دورا أساسيا في دعم الحق الفلسطيني بالنسبة للقدس الشريف.
إلا أن موضوع القدس بتعقيداته وأهميته ليس محصورا بالأماكن المقدسة إسلامية كانت أم مسيحية. حيث يسكن في القدس ما بين 250-350 ألف فلسطيني (يختلف الرقم بناء على أي حدود يتم التعامل معها ما بين حدود القدس الإسرائيلية وحدود عاصمة فلسطين كما تراه المؤسسات الرسمية الفلسطينية). ولهؤلاء السكان العديد العديد من المشاكل والتحديات اليومية والتي يقف الجانب الفلسطيني مكتوف الأيدي من عدم القدرة على معالجتها. ومثال بسيط على ذلك ما تم مؤخرا من إغلاق إسرائيلي للمسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) بحجة تلقي مهرجان دمى للأطفال دعما من الحكومة النرويجية عن طريق السلطة الفلسطينية في رام اللة. فإسرائيل مستعدة لتلقي انتقاد عالمي لمنع عرض مهرجان للإطفال مقابل منع أي دور رسمي فلسطيني في المدينة المقدسة.
ومن المعروف أن سكان القدس الفلسطينيين في غالبيتهم لا يحملون أي جنسية بل يحملون جواز سفر أردنيا مؤقتا، وبدون رقم وطني مما يعني أنهم مواطنون بدون دولة (stateless) مثل المواطنين البدون في الكويت ودول أخرى.
ورغم حمل المقدسيين الجواز الأردني إلا أنهم بغالبيتهم لا يتفاعلون مع الأردن بما فيه الكفاية مما يزيد من خطورة "الأسرلة" ويوسع الهوة بين فلسطيي القدس وأشقائهم الأردنيين والعرب. فسكان باقي الضفة الغربية يحملون جواز سفر فلسطيني ولكنهم مجبرون على السفر من خلال الرئة الأردنية فقد، في حين أن المقدسيين يحملون إضافة لجوازهم اللأردني وثيقة سفر (Laissez-passer) تحمل في بند الجنسية فيها عبارة أردني أي أنها تقدم لصالح السفر فقط ولا تحمل أي إشارة أخرى.
ويتساءل الكثيرون لماذا لا يسافر المقدسيون إلى الخارج أو يأتون لزيارة الجارة الأردن وفي الأغلب يكون الجواب مرتبطا بصعوبة التنقل عبر جسر الملك حسين (خاصة في مرحلة العودة) كما وأن هناك تعليقا دائما حول التكلفة الباهظة بسبب الارتفاع الحاد لرسوم التصريح الإسرائيلي وضريبة الخروج والتي تشهد تصاعدا دائما.
ويعود موضوع التصاريح الإسرائيلية إلى فترة ما بعد الاحتلال والاتفاق غير المكتوب بين الجانب الأردني والإسرائيلي باحترام حق المقدسين بالعودة إلى منازلهم في القدس حيث كان الإسرائيليون يحتجزون الهوية المقدسية عند خروج المواطن ويعيدونها لهم عند العودة.
إلا أن الأمر تغير الآن بطبيعة الحال، حيث وقع الجانبان الأردني والإسرائيلي على معاهدة سلام وانتهى موضوع حجز الهويات منذ أكثر من عامين، وبدلا من ذلك زادت إسرائيل بصورة كبيرة تكلفة التصريح، بحيث أصبح السفر عبر الجسر صعبا للغاية على المواطن العادي، ودفع رسوم التصريح المرتفعة جدا، لتبلغ كلفة السفر للفرد المقدسي 403 شيكل.
( للتصريح 230+173لضريبة الخروج) أي ما يعادل حوالي 80 دينارا للفرد الواحد، يضاف إلى ذلك 10 دنانير رسوم دخول للأردن. ومن السهل تقدير المشكلة المالية عند سفرعائلة مكونه من خمسة أفراد، حيث يصبح تسديد الرسوم مسألة غاية في الصعوبة الأمر الذي يضطر غالبية المقدسيين للبقاء في القدس أو السفر إلى الخارج عبر مطار اللد الإسرائيلي، حيث لا توجد ضرورة للتصاريح باهظة التكلفة.
لمعالجة الموضوع المالي اقترح البعض إمكانية السفر عبر جسر الملك حسين باستخدام الجواز الأردني المؤقت والذي يحمله معظم المقدسيين، إلا أن الجانب الأردني يصر عند وصول المواطن المقدسي على أن يبرز التصريح الإسرائيلي وفي حال عدم وجود تصريح مختوم من نفس اليوم يتم إعادة المسافر. الجانب الأردني يقول إن الأمر كان على هذه الصورة منذ عام 1967، ولا يمكن قبول أي تغيير في سياسة الجسور.
ويعلل بعض المسؤولين بأن الموقف الأردني جاء بناء على طلب من الجانب الفلسطيني (الجانب الفلسطيني ينفي ذلك) وأنه بالأساس يهدف إلى حماية حق المقدسيين في الحفاظ على هويتهم. وعلى حقهم بالعودة إلى منازلهم. ورغم إصرار العديد والإيضاح بأن الـ"لاسية باسيه" التي يستخدمها المقدسي في السفر إلى الخارج لها نفس صفات التصريح في مجال ضمان عودة المقدسيين إلا أن الجانب الأردني يرفض الخوض بالأمر باعتبار أنه من مسلمات سياسة الجسور والتي لا يمكن مناقشتها.
خبراء قانونيون بما فيهم العاملون لدى وزارة الأوقاف الاردنية في القدس يؤكدون أنه لا توجد أي خطورة لعودة المقدسين غير الخارجين بدون تصاريح (وهناك العديد ممن يسافرون عبر مطار اللد ويعودون للأردن ويعبرون عبر الجسر إلى القدس. فسياسة الإصرار على ضرروة خروج المقدسيين بالتصاريح فقط سياسة بحاجة إلى إعادة دراسة بالتعاون مع الممثليات الأردنية في رام الله و تل ابيب وبالتعاون مع خبراء قانونيون.
إن الغاء حصرية الخروج من فلسطين للمقدسين بالتصاريح ستزيد وبصورة ملحوظة من التواصل الإنساني والطبيعي بين أهلنا في القدس وأهلهم في الأردن وسيقلل من الأموال المهدورة والتي تذهب للخزينة الإسرائيلية. فمن المعروف أنه ورغم الصعوبات فإن هناك العديد من رجال الأعمال المقدسيين وغيرهم الذين يتحملون معانة التكلفة الباهظة للوصول إلى الأردن. وتفييد الإحصائيات بأن عدد المقدسيين الذين يسافرون عبر جسر الملك حسين سنويا يصل إلى 65 ألفا. ويعني ذلك أنهم يقومون بدفع ما يساوي حوالي خمسة ملايين دينار سنويا. ويمكن توفير نسبة كبيرة من تلك الرسوم، وفي ذات الوقت زيادة عملية التنقل بين القدس والأردن والحفاظ على حقوق المقدسيين.
لقد زار عمان الاسبوع الماضي وفد من اكثر من 30 شخصية مقدسية بدعوة كريمة من جلالة الملك لحضور افطار في الديوان الملكي. وقبل شهر زار الأردن 70 شابا وشابة من المشاركين في مشروع مدرستي التي أسسته جلالة الملكة رانيا. وقد دفع الشخصيات والشباب لوحدهم ثمانية آلاف دينار ذهبت كلها لخزينة الاحتلال، علما أن نفس الأشخاص كان بإمكانهم السفر بدون تصريح وبتكلفة أقل بكثير والعودة القانونية للقدس. فما هو المنطق باستمرر دعم دعم خزينة الاحتلال فقط للإصرار على سياسة عفا عليها الزمن ولافائدة حقيقية لها في مجال حماية حق المقدسيين؟ فليس من المنطق أن يستمرالأردن في أن يكون أكثر فلسطينية من الفلسطينين أنفسهم. فالمثل يقول أهل مكة أدرى بشعابها والمقدسيون مقتنعون أن بإمكانهم السفر إلى الأردن بدون التصريح الإسرائيلي الباهظ التكلفة ودون فقدان حقهم بالإقامة في القدس.
اتفق بعض المقدسيين فيما بينهم مؤخرا على صياغة عريضة في هذا الشأن وقد وافق العديد من القيادات الوطنية والإسلامية التوقيع عليها.
لقد مرت عقود على الاحتلال إلا أن أهلنا في القدس متمسكون بعروبتهم وبحقوقهم في القدس، وقد أثبتت الانتفاضتان أنه رغم صعوبة الحياة إلا أن الحس الوطني حال دون هجرة المقدسيين أو تنازلهم عن وطنهم ومقدساتهم. ولكن هناك تكلفة لتلك التضحيات ومن الممكن للحكومة الأردنية أن تساعد المقدسيين في التقليل من تلك التضحيات المالية دون المساس بالحقوق والثوابت.
ويتطلب الأمر تفكيرا جديدا ومتجددا والبحث عن طرق للوصول إلى حلول تساعد أهلنا على الصمود والثبات وفي نفس الوقت الحصول على نسمة الحرية والراحة التي يوفرها الأردن الشقيق من خلال تسهيل عملية التنقل وتقليل المصاريف من خلال عدم الإصرار على خروج المقدسين بالتصريح فقط، بل السماح لهم بالخروج بواسطة وثيقة سفر مثبت عليها حقهم في العودة.
ومن المعروف كذلك، أن ملف القدس يتعدى كونه ملفا فلسطينيا- إسرائيليا، كونه ملفا متعدد الأطراف يشمل فيما يشمل الأردن من خلال إقرار إسرائيلي للملكة الأردنية الهاشمية بدور خاص لها في تحديد مستقبل الأماكن المقدسة وخصوصا المقدسات الإسلامية في القدس وفي مقدمتها منطقة الحرم الشريف والتي تشمل مسجد الأقصى وقبة الصخرة وساحاتهما. وفي هذا المجال لا بد من التذكير بالاتفاق الفلسطيني الأردني والذي يوفر لعمان دورا أساسيا في دعم الحق الفلسطيني بالنسبة للقدس الشريف.
إلا أن موضوع القدس بتعقيداته وأهميته ليس محصورا بالأماكن المقدسة إسلامية كانت أم مسيحية. حيث يسكن في القدس ما بين 250-350 ألف فلسطيني (يختلف الرقم بناء على أي حدود يتم التعامل معها ما بين حدود القدس الإسرائيلية وحدود عاصمة فلسطين كما تراه المؤسسات الرسمية الفلسطينية). ولهؤلاء السكان العديد العديد من المشاكل والتحديات اليومية والتي يقف الجانب الفلسطيني مكتوف الأيدي من عدم القدرة على معالجتها. ومثال بسيط على ذلك ما تم مؤخرا من إغلاق إسرائيلي للمسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) بحجة تلقي مهرجان دمى للأطفال دعما من الحكومة النرويجية عن طريق السلطة الفلسطينية في رام اللة. فإسرائيل مستعدة لتلقي انتقاد عالمي لمنع عرض مهرجان للإطفال مقابل منع أي دور رسمي فلسطيني في المدينة المقدسة.
ومن المعروف أن سكان القدس الفلسطينيين في غالبيتهم لا يحملون أي جنسية بل يحملون جواز سفر أردنيا مؤقتا، وبدون رقم وطني مما يعني أنهم مواطنون بدون دولة (stateless) مثل المواطنين البدون في الكويت ودول أخرى.
ورغم حمل المقدسيين الجواز الأردني إلا أنهم بغالبيتهم لا يتفاعلون مع الأردن بما فيه الكفاية مما يزيد من خطورة "الأسرلة" ويوسع الهوة بين فلسطيي القدس وأشقائهم الأردنيين والعرب. فسكان باقي الضفة الغربية يحملون جواز سفر فلسطيني ولكنهم مجبرون على السفر من خلال الرئة الأردنية فقد، في حين أن المقدسيين يحملون إضافة لجوازهم اللأردني وثيقة سفر (Laissez-passer) تحمل في بند الجنسية فيها عبارة أردني أي أنها تقدم لصالح السفر فقط ولا تحمل أي إشارة أخرى.
ويتساءل الكثيرون لماذا لا يسافر المقدسيون إلى الخارج أو يأتون لزيارة الجارة الأردن وفي الأغلب يكون الجواب مرتبطا بصعوبة التنقل عبر جسر الملك حسين (خاصة في مرحلة العودة) كما وأن هناك تعليقا دائما حول التكلفة الباهظة بسبب الارتفاع الحاد لرسوم التصريح الإسرائيلي وضريبة الخروج والتي تشهد تصاعدا دائما.
ويعود موضوع التصاريح الإسرائيلية إلى فترة ما بعد الاحتلال والاتفاق غير المكتوب بين الجانب الأردني والإسرائيلي باحترام حق المقدسين بالعودة إلى منازلهم في القدس حيث كان الإسرائيليون يحتجزون الهوية المقدسية عند خروج المواطن ويعيدونها لهم عند العودة.
إلا أن الأمر تغير الآن بطبيعة الحال، حيث وقع الجانبان الأردني والإسرائيلي على معاهدة سلام وانتهى موضوع حجز الهويات منذ أكثر من عامين، وبدلا من ذلك زادت إسرائيل بصورة كبيرة تكلفة التصريح، بحيث أصبح السفر عبر الجسر صعبا للغاية على المواطن العادي، ودفع رسوم التصريح المرتفعة جدا، لتبلغ كلفة السفر للفرد المقدسي 403 شيكل.
( للتصريح 230+173لضريبة الخروج) أي ما يعادل حوالي 80 دينارا للفرد الواحد، يضاف إلى ذلك 10 دنانير رسوم دخول للأردن. ومن السهل تقدير المشكلة المالية عند سفرعائلة مكونه من خمسة أفراد، حيث يصبح تسديد الرسوم مسألة غاية في الصعوبة الأمر الذي يضطر غالبية المقدسيين للبقاء في القدس أو السفر إلى الخارج عبر مطار اللد الإسرائيلي، حيث لا توجد ضرورة للتصاريح باهظة التكلفة.
لمعالجة الموضوع المالي اقترح البعض إمكانية السفر عبر جسر الملك حسين باستخدام الجواز الأردني المؤقت والذي يحمله معظم المقدسيين، إلا أن الجانب الأردني يصر عند وصول المواطن المقدسي على أن يبرز التصريح الإسرائيلي وفي حال عدم وجود تصريح مختوم من نفس اليوم يتم إعادة المسافر. الجانب الأردني يقول إن الأمر كان على هذه الصورة منذ عام 1967، ولا يمكن قبول أي تغيير في سياسة الجسور.
ويعلل بعض المسؤولين بأن الموقف الأردني جاء بناء على طلب من الجانب الفلسطيني (الجانب الفلسطيني ينفي ذلك) وأنه بالأساس يهدف إلى حماية حق المقدسيين في الحفاظ على هويتهم. وعلى حقهم بالعودة إلى منازلهم. ورغم إصرار العديد والإيضاح بأن الـ"لاسية باسيه" التي يستخدمها المقدسي في السفر إلى الخارج لها نفس صفات التصريح في مجال ضمان عودة المقدسيين إلا أن الجانب الأردني يرفض الخوض بالأمر باعتبار أنه من مسلمات سياسة الجسور والتي لا يمكن مناقشتها.
خبراء قانونيون بما فيهم العاملون لدى وزارة الأوقاف الاردنية في القدس يؤكدون أنه لا توجد أي خطورة لعودة المقدسين غير الخارجين بدون تصاريح (وهناك العديد ممن يسافرون عبر مطار اللد ويعودون للأردن ويعبرون عبر الجسر إلى القدس. فسياسة الإصرار على ضرروة خروج المقدسيين بالتصاريح فقط سياسة بحاجة إلى إعادة دراسة بالتعاون مع الممثليات الأردنية في رام الله و تل ابيب وبالتعاون مع خبراء قانونيون.
إن الغاء حصرية الخروج من فلسطين للمقدسين بالتصاريح ستزيد وبصورة ملحوظة من التواصل الإنساني والطبيعي بين أهلنا في القدس وأهلهم في الأردن وسيقلل من الأموال المهدورة والتي تذهب للخزينة الإسرائيلية. فمن المعروف أنه ورغم الصعوبات فإن هناك العديد من رجال الأعمال المقدسيين وغيرهم الذين يتحملون معانة التكلفة الباهظة للوصول إلى الأردن. وتفييد الإحصائيات بأن عدد المقدسيين الذين يسافرون عبر جسر الملك حسين سنويا يصل إلى 65 ألفا. ويعني ذلك أنهم يقومون بدفع ما يساوي حوالي خمسة ملايين دينار سنويا. ويمكن توفير نسبة كبيرة من تلك الرسوم، وفي ذات الوقت زيادة عملية التنقل بين القدس والأردن والحفاظ على حقوق المقدسيين.
لقد زار عمان الاسبوع الماضي وفد من اكثر من 30 شخصية مقدسية بدعوة كريمة من جلالة الملك لحضور افطار في الديوان الملكي. وقبل شهر زار الأردن 70 شابا وشابة من المشاركين في مشروع مدرستي التي أسسته جلالة الملكة رانيا. وقد دفع الشخصيات والشباب لوحدهم ثمانية آلاف دينار ذهبت كلها لخزينة الاحتلال، علما أن نفس الأشخاص كان بإمكانهم السفر بدون تصريح وبتكلفة أقل بكثير والعودة القانونية للقدس. فما هو المنطق باستمرر دعم دعم خزينة الاحتلال فقط للإصرار على سياسة عفا عليها الزمن ولافائدة حقيقية لها في مجال حماية حق المقدسيين؟ فليس من المنطق أن يستمرالأردن في أن يكون أكثر فلسطينية من الفلسطينين أنفسهم. فالمثل يقول أهل مكة أدرى بشعابها والمقدسيون مقتنعون أن بإمكانهم السفر إلى الأردن بدون التصريح الإسرائيلي الباهظ التكلفة ودون فقدان حقهم بالإقامة في القدس.
اتفق بعض المقدسيين فيما بينهم مؤخرا على صياغة عريضة في هذا الشأن وقد وافق العديد من القيادات الوطنية والإسلامية التوقيع عليها.
لقد مرت عقود على الاحتلال إلا أن أهلنا في القدس متمسكون بعروبتهم وبحقوقهم في القدس، وقد أثبتت الانتفاضتان أنه رغم صعوبة الحياة إلا أن الحس الوطني حال دون هجرة المقدسيين أو تنازلهم عن وطنهم ومقدساتهم. ولكن هناك تكلفة لتلك التضحيات ومن الممكن للحكومة الأردنية أن تساعد المقدسيين في التقليل من تلك التضحيات المالية دون المساس بالحقوق والثوابت.
ويتطلب الأمر تفكيرا جديدا ومتجددا والبحث عن طرق للوصول إلى حلول تساعد أهلنا على الصمود والثبات وفي نفس الوقت الحصول على نسمة الحرية والراحة التي يوفرها الأردن الشقيق من خلال تسهيل عملية التنقل وتقليل المصاريف من خلال عدم الإصرار على خروج المقدسين بالتصريح فقط، بل السماح لهم بالخروج بواسطة وثيقة سفر مثبت عليها حقهم في العودة.