الانتخابات البلديّة.. فشل رسمي جديد يتأبطه المجالي
أمل غباين - بعد الفشل في إجرائها لدورتين على التوالي، تصر الحكومة على خوض مغامرة الانتخابات البلدية في السابع والعشرين من شهر آب الجاري، دون تعديل قانون الانتخابات، وفي ظلّ حالة التخبّط التي تهيمن على وزارة البلديّات.
تسريبات من رئاسة الوزراء، اكدت ان وزير الشؤون البلدية، حسين هزاع المجالي، كان قد طلب من رئيس الوزراء د. عبدالله النسور اعفاءه من منصبه بعد أن وافق على تسلّم حقيبة البلديات إلى جانب حقيبة الداخلية، فقد كان يتوقع اجراء تعديل وزاري قبل بدء هذه الانتخابات، الا انه اكتشف متأخرا ان إجراء الانتخابات البلدية وما سيترتب عليها من فشل ذريع، سيكون ضمن مهماته.
الوزير الطامح بما هو أبعد من واقعه السياسي يدرك تماما مقدار تدخلات المركز الامني السياسي في الانتخابات البلدية، ويدرك أيضا معنى إجراء هذه الانتخابات الآن استنادا إلى قانون الانتخاب الحالي، وفي ظل تخبّط وزارته وعدم استعدادها لهذه المغامرة.
يبدو ان الرجل الذي يعلم أكثر من اللازم قد ابتلع الطعم رغم كلّ شيء.. وكثير هو ما ستكشفه الأيام المقبلة، وتحديدا بعد الانتهاء من إجراء الانتخابات البلديّة، حول محصّلة صراع القوى بين من يرى في المجالي رئيسا لحكومة مقبلة، وبين من يرى أنّ العدّ التنازلي لسيرته المهنيّة قد بدأ بالفعل.
أمّا حجم الفشل الذي ستؤول إليه نتائج الانتخابات البلديّة المقبلة، فيمكن تقديره بإلقاء نظرة سريعة على ما كشفه التحالف المدني لرصد الانتخابات "راصد" من تجاوزات وسلبيات شابت إجراءات التسجيل للعملية الانتخابية، أضف إلى ذلك مقاطعة الحركة الاسلامية لهذه الانتخابات وفي هذه الظروف الاستثنائية بالذات.
الغريب أن وزير البلديات السابق، شحادة ابو هديب، يرى أنه "يجب" إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، رغم كلّ السلبيات التي يتضمنها قانون الانتخاب الحالي، والتي تشكل عقبة حقيقية في تحقيق الهدف من الحكم المحلي، ورغم مقاطعة قوى سياسية حزبية للعملية، حسب قوله.
وأضاف ابو هديب في تصريح لـ jo24 "ان الانتخابات البلدية محطة دستورية مهمة، ويجب أن تشهد مشاركة واسعة"، منوها بأن "الحكم المحلي يجسّد المدرسة الديمقراطية الاولى، حيث أن خدمة المجتمع المحلي هو اقرب للعمل الطوعي، ويجب ان تعمل كل فئات المجتمع على إفراز مجالس بلدية تتمتع بالكفاءة".
وتابع: "كان من المفترض ان يكون قانون البلديات اكثر ملامسة لاحتياجات الناس ومصالحهم وواقع حياتهم اليومية، بحيث يخرج من سياق إعاقة عملية الشراكة بين القطاع العام والخاص، لاسيما في ظل عجز الموانة". كما أشار إلى أنه لا يمكن تحقيق الهدف الاقتصادي من البلديات، المتعلق بـ "تمويلها ذاتيا"، دون تعديل قانون الانتخاب الحالي.
وشدد أبو هديب على موقفه المؤيد لمبدأ " اللامركزية"، ودعا الى اعطاء حرية اكبر للبلديات، بعيدا عن تدخلات السلطة التنفيذية. كما دعا مجلس النواب الى تعديل التشريعات الناظمة للحكم المحلي.
وختم بأن تجربة اللجان البلدية هي تجربة "فاشلة"، ادت الى ازدياد الترهل الاداري في البلديات وارتفاع ميدونيتها.
أما التحالف المدني لرصد الانتخابات "راصد" فقد حذر من خطورة اجراء الانتخابات البلدية وفق قانون الانتخاب الحالي، وفي ظلّ عدم جاهزية الوزراة لهذا الاستحقاق، الذي لا يقل أهمية عن الانتخابات النيابية.
وكان التحالف قد رصد العديد من التجاوزات في تحضيرات الوزارة لهذه الانتخابات، ونوه بأن هذه التجاوزات والسلبيات من شأنها المساس بالعملية الانتخابية، إلا أن وزير البلديات ورغم معرفته بما سيؤول إليه واقع الحال، ضرب كل توصيات "راصد" عرض الحائط !!
رئيس التحالف المدني لرصد الانتخابات، عامر بني عامر، أكد أن الاستعدادات الحكومية لإجراء الانتخابات البلدية غير كافية على الإطلاق، مؤكدا في ذات السياق أن الضرورة لا تتطلب التسرّع في إجراء الانتخابات على هذا النحو.
ويرى بني عامر أن اجراء الانتخابات البلدية بهذه الطريقة يشكل خطوة للوراء، كون الحكومة تجاهلت ضرورة تعديل قانون الانتخابات البلدية وفقا لمتطلبات المرحلة.
واكد بني عامر لـjo24 ان عمليات الرصد التي قام بها التحالف تضع نزاهه وشفافيه العملية الانتخابية على المحك. وقال إنه كان من الاولى بالحكومة ان تتأنى حتى تعديل القانون، واعطاء الهيئة المستقلة للانتخاب الدور الكامل للاشراف على هذه العملية.
وحول ابرز ما رصده التحالف في تحضيرات العملية الانتخابية، اشار بني عامر الى عدم استخدام الحبر السري، وكذلك عدم وجود ربط الكتروني، وعدم تحديد مراكز التصويت، بالإضافة إلى ضعف الحملة الاعلامية والتوعوية، وعدم وجود اليه لانتخاب الاميين، ناهيك عن تصويت العسكريين.
وفيما يتعلق بتصويت العسكريين قال بني عامر: "إن الوزارة لم تحدد بعد الية مشاركتهم، ولم تجب على استفسارات التحالف حول مكان التصويت، فهل سيقومون بالتصويت داخل المعسكرات ام في مراكز الاقتراع، وما إذا كان التصويت سيتم بهويات عسكرية أم انه تم اصدار بطاقات شخصية لهم".
من ناحيته قال الكاتب الصحفي الزميل ماجد توبة: "المراقب للمشهد العام يدرك ان اجراء انتخابات بلدية في ظل مقاطعة الحركة الاسلامية، و"خيبة الامل" التي يعيشها المواطن الاردني بسبب الاوضاع الاقليمية والاقتصادية، لن تنجح في تحقيق هدفها".
ونوه توبة بأن الشارع الاردني يشعر باليأس جراء التجارب السابقة للانتخابات البلدية، وما شابها من تدخلات امنية افسدت الحكم المحلي وافقدته قيمته.
وقال توبه إن الحكومة غير قادرة على اجراء الانتخابات في هذا التوقيت، مؤكدا أنه كان على الحكومة قبل أي شيء تعديل قانون الانتخابات، كي تجذب اكبر عدد من المقترعين، عندها ستحقق هذه الانتخابات افرازات متوافق عليها من كافة الاطياف والشرائح في المجتمع.
وابدى توبة تخوفه من ان تكون الانتخابات البلدية بمثابة اخر مسمار يدق في "نعش" مسيرة الاصلاح. وقال: "اخشى ان تخرج علينا الحكومة وتقول ها قد اجرينا انتخابات نيابية وقدمنا بعض الفاسدين للقضاء واجرينا انتخابات بلدية وحققنا لكم مطالبكم الديمقراطية، ولم يبق شيئ نقدمه".
اما عن مدى قدرة وزارة البلديات على ادارة العملية، قال توبة : "استغرب كيف لوزير يحمل حقيبة وزارة سيادية ووزارة تريد اجراء انتخابات، ان يتمكن من إنجاز كل مهماته !! الرجل قوي لكن هنالك قوى اكبر منه قد لا تسمح باجراء انتخابات نزيهة".
وفي رصد jo24 لتحضيرات الوزارة للانتخابات البلدية، اتضح مدى ضعف الدائرة الاعلامية فيها، حيث لم يقم مديرها بعقد اي مؤتمر صحفي حول هذه الانتخابات، فيما اكتفت الوزارة بمؤتمر يتيم اقامه المجالي في مبنى رئاسة الوزراء.
كما أن الوزراة منحت الصحفيين 3 ايام لاعتمادهم في تغطية العملية الانتخابية، فيما منحت الهيئة المستقلة للانتخاب الصحفيين مدة 24 يوما ابان انتخابات مجلس النواب السابع عشر.
وقد اشترطت الوزارة لمنح تصاريح التغطية للعاملين في المواقع الاخبارية الحصول على ترخيص للموقع، فيما اكتفت الهيئة المستقلة بالحصول على اي اثبات صحفي.
أضف إلى ذلك أن الوزراة اكتفت بإدلاء التصريحات لوسائل الاعلام الرسمية، واحجمت عن التعامل مع وسائل الاعلام الخاصة، ما تسبب بتحجيم قاعدة المتلقي.
أما التصريحات الصحفية للناطق الإعلامي للانتخابات البلدية فقد تركزت على محاور محددة تتعلق بالسير بالإجراءات، ونشر مسودات التعليمات، بالإضافة إلى إخبار أخرى متفرقة، ولم نلحظ وجود أخبار عن قضايا أخرى كثيرة، كالتدريب ومركز الاتصال أو تشجيع الناخبين على المشاركة.
أما الموقع الالكتروني للوزارة فقد لاحظت jo24 عدم وجود تحديث للمعلومات اولا بأول، حيث رصدت وجود تباعد في الفترة الزمنية بين الخبر والاخر، وصلت أحيانا إلى عشرة ايام.
وفيما يتعلق بصفحات التواصل الاجتماعي للانتخابات البلدية، فقد قفزت الوزارة عن المعايير الدولية بهذا الخصوص، حيث تم الاعلان عن انشاء صفحات التواصل الاجتماعي يوم امس فقط، اي قبل اجراء الانتخابات بنحو اسبوعين.