انتحار الأردن في سورية!
الحرب المؤجلة ضد دمشق الرسمية،لن تبقى مؤجلة الى امد بعيد،اذ بتنا على مشارف هذه الحرب،والتي لايمكن لاحد ان يدعي قدرته المسبقة على حصر نيران حريقها الذي سيمتد في النهاية الى الاردن.
المنطقة حبلى بالرسائل الدموية،اذ ان السلاح الكيماوي الذي تم استعماله في غوطة دمشق كان مجرد رسالة اقليمية،تتجاوز الداخل السوري،رافقتها رسالة اخرى في ذات الاسبوع،تتعلق بأربعة صواريخ تم اطلاقها من صوراللبنانية على اسرائيل،ومجموع الرسالتين يقول ان اطلاق صواريخ كيماوية من لبنان وسورية ضد اسرائيل امر محتمل في اي لحظة.
اسرائيل المذعورة من السلاح الكيماوي،ومايمكن ان يفعله بشأن امنها،لن تقف مكتوفة الايدي،امام خطر السلاح الكيماوي ،وامام احتمال انتحار النظام السوري في لحظاته الاخيرة بحيث يحرق معه الاخضر واليابس.
المنطقة كلها تتخوف ايضا من السلاح الكيماوي،والايام القليلة المقبلة ستشهد اجتماعات عسكرية حساسة لبحث امن المنطقة،على مستوى دول عربية واجنبية،والمعلومات التي تحدثت عن اجتماعات لرؤساء الاركان العسكرية الامريكية والتركية والقطرية والسعودية وغيرها من دول في عمان،يقول ان المنطقة على مشارف حرب كبرى،لن تتأخر كثيرا،وهو ما ألمح اليه الرئيس اوباما حول قرارات امريكية تجاه الملف السوري.
اخطر بوابة باتجاه دمشق هي البوابة الاردنية،والبيئة اللوجستية والميدانية باتت جاهزة لتدخل عسكري،من مستوى معين،يراد عبره في المرحلة الاولى اقامة مناطق عازلة،وحظر طيران بدون موافقة الامم المتحدة،عبر ادخال عشرات الاف المقاتلين السوريين المدربين عبر الاردن وتركيا،لاقامة هاتين المنطقتين، ميدانيا، في شمال وجنوب سورية.
حظر الطيران سيتم فنيا عبر تسليح المعارضة بأسلحة متطورة مع وجود خبرات عسكرية اجنبية في المنطقتين،بحيث يتم تطبيق حظر الطيران بواسطة اسلحة ردع عسكرية،دون تغطية دولية،في خطوة ممهدة لتقوية المعارضة،وتصفية جماعات القاعدة،فيما اليد الاخرى ستقوم بمهمات عسكرية لتأمين السلاح الكيماوي،والسيطرة عليها في ذات التوقيت.
غير ان هذه المداخلة العسكرية ليست نزهة صيف،اذ ستقود المنطقة الى حرب شاملة،خصوصا،ان المعسكر السوري وتحالفاته يعرف ان هذه معركة حياة او موت،وليست مغامرة عابرة،وهذا يعني ان رد الفعل سيبدأ من سورية ولبنان،وقد يمتد الى دول اخرى،وفي الظلال روسيا والصين،والنتيجة حرب اقليمية لاتبقي ولاتذر،ستكون من نتائجها،زج كل المنطقة في محرقة كبرى.
سيتضرر الاردن اولا،باعتباره خاصرة سورية الجنوبية،من جهة،وباعتباره منصة انطلاق هذه الاعمال العسكرية،ولانه ايضا لايضمن مافي داخله من خلايا سورية نائمة تعمل مع النظام السوري وحزب الله وغيره من تنظيمات،وعمليا سيكون الاردن جزءا من منطقة الاعمال العسكرية.
علينا ألا نقبل بأي ضغط مفروض علينا،وألا نقبل التدخل العسكري في سورية،لاعبر قواتنا العسكرية،ولاعبر جعل الاردن بوابة لاحتلال سورية تحت عناوين شتى،لان هذا التدخل يؤدي في الحد الادنى الى تقسيم سورية،وتحوصل مناطق على ذاتها،وتقهقر النظام السوري في مناطق اخرى،خصوصا،مناطق العلويين على شاطئ المتوسط.
كل التصورات تقودنا الى نتيجة واحدة وهي تقول ان الاردن ستحترق بناه الداخلية في هذه الازمة،وعلينا ألا نلوم الا انفسنا،حين سمحنا بهكذا مداخلات،وكنا جزءا منها،في معادلة غير آمنة سياسيا ولاعسكريا،مهما قيل في ضماناتها من كلام لن يصمد امام واقع الحرب الميداني.
الحرب المؤجلة،لم تعد مؤجلة،والاردن في عين العاصفة،قبل النظام السوري،لان الاردن لديه مايخسره،فيما النظام السوري ليس لديه مايخسره،وعلينا ان نرفع صوتنا عاليا ضد التدخل العسكري في سورية،عبر الاردن،لان هكذا مغامرة قد تودي بكل الاردن الى المحرقة،فيما سكوتنا يتجاوز الحياد نحو الانتحار الطوعي.
(الدستور)