jo24_banner
jo24_banner

السياسة ليست فن الممكن فقط (2/2)

سالم الفلاحات
جو 24 :


إنّ بين سياسة فن الممكن و بين والمطلوب واللازم والواجب مسافات كبيرة وفجوات عميقة مرجعها حجم الاستعداد والعمل والتضحية ومغادرة مربع الراحة والألفة والعادة المتكررة، الى مربعات العمل الهادف الجاد .

تُعذر العجماوات كالقطط وهي تتصارع على عظم نُزع منه اللحم ولم يبق عليه الا بقية رائحة الدسم التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وربما يدخل في المعركة كلاب أيضا تتهارش على اللاشيء، وتُقنع القطط نفسها والتي ستنسحب بعد قليل ضمن سياسة فن الممكن وكذلك من زاحمها !!

نعم إنّ المطلوب في أيامنا هذه الحفر في الصخر....

أليس الحفر في الصخر هو الذي أبقي البتراء آلاف السنين حتى لو طمرت بالرمال حينا، حفرٌ احتاج الى إرادة ووعي ورغبة وجهد وتصميم، ولا يعيب على من كابد حفرها عاقل.
اليس الحفر في الصخر ضرورة أحيانا للر بط بين مدينتين بطريق آمن ومختصر، وصحيح انّه خارج المألوف.
انّ سيل الماء يلتف حول المكان حتى يجد مخرجًا، ويبقى يبحث عن مخرج ولا يتوقف ولا يستسلم حتى يصل مبتغاه، فما بال الذين يصرّون على مخالفة نواميس الكون الطبيعية؟

انّ سياسة فن الممكن في الزمن الممكن هي سياسة مصنوعة وليست صادقة، كما أنها تخلو من الصراع مع غيرها.

السياسة العربية تجاه فلسطين واحتلالها من العدو الصهيوني بحيث يتم الاعتراف بالاحتلال لمعظم الأراضي الفلسطينية منذ بدايات القرن الماضي، وتعتذر الأنظمة الرسمية عن عجزها وورطتها بأن ولا نستطيع خلاف ذلك، وتستمر التنازلات تلو التنازلات والحبل على الجرار .

وماذا يسمي ما قامت به اليابان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، والإصرار على النهضة رغم القيود الدولية، ورغم الدمار الذي حلّ بهم اليس ذلك فن الممكن في الزمن المستحيل وأصاب من قال: السياسة فن الممكن في الزمن الممكن، وفن الممكن في الزمن المستحيل، أو ما يظنه البعض مستحيلا.

بمعنى انّ الإصلاحي الجاد وليس (الإصلاخي) بتعبير /الأستاذ فلاح أديهم المَسلم /يجب أن يعمل بجدّ في جميع الظروف في الممكن المتاح والمستحيل، ولكن عندما يصبح الاستثناءُ أصلا ً، والعجز سياسةً والقعود فلسفة والصمتُ المطبق فضيلة، والتثاؤب خير من النوم العميق، والتصارع على الفتات الملقى على الأرض هو سياسة فن الممكن.

وعندما لا تعتبر الحريةُ ملازمةً لوجود الانسان، والكرامة أغلى من الخبز، والذين يبذلون غاية الوسع يتقدمون على الذين لا يتعبون أنفسهم، ويضنُّون بالتضحية والبذل، ويخلدون للأسهل والأهون ؟ فعندها يستمر الحال الذي بسببه حَلّت المصائب في بلادنا، وانتشر الفساد، وضاقت الحال، ونُهبت البلاد وظلم العباد، وغابت الحرية والكرامة، وانتشرت الديكتاتورية.

أمّا اذا كان المقصود من هذه النظرية بريئا فهي تعني انْ تستخدم ما تيسر من الوسائل المتاحة وتجمعها الى بعضها وتَحْملها على تصميم جازم وهمّة عالية، وأمل لا يعرف القنوط، وعمل لا يعرف الكلل لتحقق بها أهدافا كانت في نظر القاعدين مستحيلة جدا وبذلك تخرج من شرنقة النظرية المحاصرة الخداعة.

اشكر الذين علقوا على المقال السابق، واخص من تناولوه بعمق ومنهم الأستاذ فلاح اديهم أبو الحارث..

 
تابعو الأردن 24 على google news