سحر الثورة الفرنسية
فريق ركن متقاعد موسى العدوان
جو 24 :
يقول الأستاذ الدكتور محمد الحموري في كتابه " المتطلبات الدستورية والقانونية لإصلاح سياسي حقيقي " ما يلي وأقتبس :
" إن سحر مبادئ الثورة الفرنسية، واجتثاثها للنظامين الديني والسياسي، دفعت رجال الأدب والفكر في بريطانيا إلى الاقتداء بفرنسا، حيث قام أعضاء جمعية إحياء ثورة 1688، بتوزيع خطب هؤلاء الرجال المؤيدين للثورة الفرنسية، كنشرات تدعو للثورة. ومن نماذج هذه النشرات، ما جاء في خطبة ريتشارد بيري بتاريخ 4 / 11 / 1789، التي يخاطب فيها المؤمنين بالحرية، حيث يقول :
تشجّعوا يا كل الأصدقاء، ولتصْبوا إلى الحرية، واكتبوا دفاعا عنها، فبشارات النجاح قد هلّت طلائعها، فلم يكن جهدكم بلا طائل. انظروا الممالك وقد أيقظتموها فهبت من سباتها، وكسرت قيودها، وطالبت ظالميها بالعدالة ! أنظروا النور الذي أطلقتموه، فبعد تحرر أمريكا انعكس النور على فرنسا، ومنها تحول إلى لظى أحرق الطغيان ( الحكم المطلق ) فأدفأ أوروبا وأنارها . . .
الويل لكم يا طغاة العالم !! خذوا حذركم يا كل من تساندون الحكومات الحقيرة الذليلة، وكل النظم الخسيسة . . . إنكم لن تستطيعوا منع النور عن العالم، ولن تستطيعوا فرض الظلمة عليه . . . أعيدوا للبشر حقوقهم واقتنعوا بإصلاح ما أفسدتموه، قبل أن يلحقكم الدمار وما تأفكون " . . .
وقد بلغت الثورة الفرنسية في مساندتها للمناضلين من أجل الحرية، حدا أصدرت فيه أكثر القرارات ثورية، عندما قررت بتاريخ 19 / 11 / 1792 : " تعلن حكومة الجمعية الوطنية باسم الأمة الفرنسية، أنها ستمد يد العون والإخوّة، لكل الشعوب الراغبة في استرداد حريتها، وستهيئ القوة التنفيذية بإصدار الأوامر الضرورية للجنرالات، لتقديم المساعدات لهذه الشعوب، وستدافع عن المواطنين الذين سيتعرضون أو قد يتعرضون لمشاكل لدفاعهم عن الحرية.
ولقد عاشت فرنسا عشر سنوات من جنون نشوة الانتصار، شهدت خلالها أنهارا من الدماء، ليستقر الحكم بعدها، ولتصدّر فرنسا إلى العالم قوانين ومبادئ الحقوق والحريات والمساواة، والديمقراطية التي تناسب تلك الفترة، ولتؤدي الثورة الفرنسية إلى نقل دول أوروبا وشعوبها، من عصر السلطان المطلق والاستبداد، وإدخالها إلى عصر جديد، قاد إلى ما تنعم به الآن من ديمقراطيات وحريات ". انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق :
هذه هي فرنسا العظيمة . . التي أنارت الطريق أمام شعوب العالم، وأسست للحرية والعدل وحقوق الإنسان، قبل ما يزيد على 230 عاما، بعد أن قدمت الكثير من الدماء والتضحيات. فكانت باريس منارة تهدي الشعوب التواقة إلى الحرية، والتخلص من الظلم وحكم الاستبداد.
ومن الغريب أن بعض الأنظمة في الوطن العربي، تسعى جاهدة هذه الأيام، للعودة إلى أنظمة الحكم المطلق . . حكم الرجل الواحد المستبد، الذي عفا عليه الزمن ولفظته الأمم الحيّة، غير آبهة بقيام ثورات شعبية لاحقة، على خطي الثورة الفرنسية المجيدة، لتستعيد حريتها وحقوقها. وقد قال الله تعالى في محكم كتابه : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) صدق الله العظيم.