jo24_banner
jo24_banner

نظام الخدمة المدنية.. مستقبل مظلم للوظيفة العامة!

نظام الخدمة المدنية.. مستقبل مظلم للوظيفة العامة!
جو 24 :

كتب عمر حسن شعبان -

من صور الغبن المنهي عنه شرعا في التعاملات وعلى وجه التحريم ما يطلق عليه في الفقه (تلقي الجلب)؛ وذلك عندما يأتي التجار ببضاعتهم الى أحد الأسواق فيأتي إليهم تاجر ما أو مجموعة من التجار فيبتاعوا البضاعة قبل دخول البلد ومعرفتهم السعر، فيشتري منهم بسعر أرخص من سعر البلد، مما يفوت حق المنتج في الحصول على السعر الافضل، والمستهلك في الحصول على السعر الأقل؛ خدمة لأطماع المحتكرين وجشعهم، دون النظر الى حاجة الناس وعوزهم، وفي الحديث الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم، نهى عن تلقي الجلب، وقال: «لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار».

إن المتتبع لمسار القوانين والانظمة والتعليمات والأسس الناظمة للحقوق المالية للناس خاصة ما يتعلق منها بالخدمة المدنية وحقوق الموظف العام المدنية المكتسبة عبر مئة عام من التطور التشريعي يلمس أن هذه التشريعات وخاصة في الفترة الاخيرة لا يمكن تفسيرها الا انها ضربات استباقية تحول بين الموظف وتطوره المعيشي، وتأمين سبل الحياة الأساسية ومتطلبات الكفاف وليست الكريمة، بحجج واهية وغير واقعية، وهذا ما نلمسه في الحياكات المؤذية لنظام الخدمة المدنية ونظام الرتب وكأن هناك سباق يمارسه المشرع للحيلولة دون حصول الموظف على ثمرة تعبه، ومصادرة كد سنينه، وخلط ظالم بين تطوير الاداء المرتبط بنظام المكافئات، والحد الأدنى لمتطلبات المواطنة قبل أن تكون موظفًا.

فمن صلاحيات غير مقيدة بمعايير للموارد البشرية والوزير فيما يتعلق بالتقارير العقوبات والترفيعات والترقيات والتقاعد المبكر والاستيداع في ممارسات مزاجية شوهت الادارة العامة، وافقدت البوصلة، وزعزعة الاستقرار الوظيفي والثقة والحوكمة الرشيدة، فكان البحث عن الولاء للاشخاص والذوات بدلا من الولاء للمؤسسات وسيادة القوانين، الأمر الذي شجع المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة.

إن الولادة الطبيعية للقوانين والنظم تنبع من توليفة تراعي الانسجام بين المجتمع ومكوناته المادية والمعنوية والخبرات المتراكمة لعقل الدولة التشريعي، وكذلك تشاركية مؤثرة لمن ستطبق عليهم هذه القوانين والالتفات الواعي لردود الافعال عبر الاعلام المهني او الناشط والنقابات.

اما ما نراه اليوم من فهو اشبه ما يكون ببراميل متفجرة تنسف الادب القانوني النظري والواقعي والذي يظن انه تطوير، وما هو الا ردة على الحقوق الوظيفية الأساسية وبرنامج افقار وضمور واضمحلال للقطاع العام بجوانبه الفني والمهني والإداري والقيادي.


* الكاتب رئيس فرع نقابة المعلمين الأردنيين في المفرق

تابعو الأردن 24 على google news