حروب «البلقنة السورية» تهدد الجميع
استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري يصل بالصراع في سوريا الى الذروة فاما انعطافه حقيقية نحو حل سياسي يضع خاتمة له او الانزلاق الى حالة تلد فيها الحرب حروبا أخرى.
بعض المحللين يرى ان الضربة الامريكية المرجحة قد تعجل بانعقاد مؤتمر جنيف٢ لانها ستحدث خللا في موازين القوى على الارض سيدفع بشار الى الذهاب الى جنيف وهو أمر لن تعترض عليه المعارضة عندما يصبح الأمريكيون طرفا في الصراع بعد (ضربتهم الجوية).
آخرون، من الذين يعرفون عقلية الأسد وحلقته الأمنية والطائفية يستبعدون ان تجبره الضربة العسكرية على الذهاب الى جنيف اذا كانت محدودة الأهداف والوقت. خاصة اذا بقي الموقف الروسي على حاله من الدعم السياسي والعسكري المفتوح، إضافة الى موقف حليفه الايراني الذي يعرف كيف يستفيد من اطالة امد الصراع لمواجهة الضغوط التي تعترض مشروعه النووي.
بالحالتين ان أدت الضربة الامريكية الى عقد جنيف ٢ او صبت الزيت على نار الحرب المشتعلة، فان سوريا والمنطقة ستدخلان منعطفا حاسما اما ان يقود الى حل سلمي يضع البداية لرحلة الحل الانتقالي الطويلة، او ان يدفع بسوريا الى أعتاب التقسيم، وبالمنطقة الى خنادق المواجهة والأحلاف التي ستغذي حقبة ممتدة من الحروب الأهلية والطائفية والمذهبية.
من مصلحة الجميع في المنطقة والعالم الدفع باتجاه عقد جنيف، لكن الوقائع السورية على الارض لا توفر أي فرصة للانفراج والتفاؤل لان من استخدم السلاح الكيماوي لم يضع بحساباته الذهاب الى جنيف في أي وقت من الأوقات، على العكس اظهر تمسكا بالحل الأمني على طريقة ( يا قاتل يا مقتول ). ومن السذاجة ( بعد الكيماوي ) ان يتمسك المهتمون بانعقاد جنيف٢ بالاستراتيجية التي اتبعت بعد معركة القصير التي تحدثت عن خلق توازن قوى بين النظام والمعارضة يسمح بإجبارهما على الذهاب الى الحل السياسي.
الصراع في سوريا وصل الذروة التي تجعل منه مسألة تهدد امن وسلام المنطقة والعالم واما ان ينجح المجتمع الدولي في صناعة حل يفرض على الاطراف وينهي هذا الصراع، او ان (البلقنة السورية) على الابواب بعد ان توفر لها من المقدمات ما يكفي لتصنع حروباً تلد أخرى في صراع مفتوح تروج له المذهبية والدعوات الانفصالية بهويات إثنية ودينية وتكفيرية.
وأسوأ السياسات، الاقليمية والدولية، في هذه المرحلة تلك التي تتوهم بانه يمكن محاصرة النار السورية داخل حدودها. ومثلما شاهدنا كيف انتقلت الأزمة فجأة، خلال ايام، الى مستويات خطيرة لم تكن في الحسبان، قادت الى وضع يفرض تدخلا عسكريا أمريكيا يهدد بإشعال المنطقة، فان المستقبل سيحمل من المفاجاءات الاخرى غير المحسوبة ما قد يحمل تدخلات أوسع وتهديدات اكبر لأمن الدول العربية من الخليج الى المتوسط. ان القبول باستمرار هذا الوضع من قبل المجتمع الدولي سيؤدي حتما الى تقسيم سوريا وهذا ان حدث سيكون حجر البلقنة لحروب أهلية ومذهبية يشتعل الآن جمرها في سوريا والعراق وعلى أبواب لبنان، وغدا ستكون كل الأبواب مهددة بها.
(الرأي)