jo24_banner
jo24_banner

كيف وجدت الكلمات العربية طريقها إلى لغة غوته؟

كيف وجدت الكلمات العربية طريقها إلى لغة غوته؟
جو 24 :

تزايد في السنوات الأخيرة اهتمام الألمان بتعلم اللغة العربية. وسرعان ما يتفاجأ البعض منهم عندما يكتشف خلال الدروس أن لغته الأم تتضمن العديد من الكلمات ذات الأصل العربي، فكيف وجدت كلمات لغة الضاد طريقها إلى لغة غوته؟
قلة هم من يعرفون أن اللغة الألمانية قد استقت أيضا من اللغة العربية عددا من الكلمات والمصطلحات في عدة مجالات سواء تعلق الأمر بالرياضيات أو بأسماء النباتات وغيرها.وقد اندمجت هذه الكلمات في اللغة الألمانية ودخلت القواميس إلى درجة أنه أصبح من الصعب التكهن بأصولها العربية.

وحسب الباحث الألماني أندرياس أونغار، المتخصص في علم اللغات المقارنة، فإن عدد الكلمات ذات الأصل العربي المتداولة في اللغة الألمانية يتجاوز مائة كلمة.

ويوضح أونغار، الذي وثق كيفية دخول الكلمات العربية إلى اللغة الألمانية في كتابه الصادر حديثا "من الجبر إلى السكر - الكلمات العربية في اللغة الألمانية"، أن تاريخ انتقال المفردات العربية إلى الألمانية يعود إلى القرون الوسطى.

ويقول أونغار في حوار مع "دويتش فيلله" : "لقد انتقلت الكلمات العربية إلى الألمانية عبر الإسبانية والفرنسية والإيطالية بالأساس، وهي لغات شعوب البحر الأبيض المتوسط التي كانت تتواصل عن قرب مع العرب خصوصاً في الأندلس، أو إبان الحروب الصليبية أو خلال عمليات التبادل التجاري".

وبالرغم من أن اللغة اللاتينية كانت في تلك الحقبة التاريخية لغة العلوم والنخب المثقفة في أوروبا، إلا أن كانت هناك لغات أخرى متداولةً بين عموم الناس تطورت فيما بعد إلى الفرنسية والإيطالية والإسبانية، لتنتقل الكلمات العربية إليها من اللاتينية.

من جهته، يرى بسام الصباغ، وهو مدرس لغة عربية في ألمانيا وباحث في علم اللغات، أن العديد من الكلمات العربية "انتقلت في حقبة ما قبل الإسلام إلى اللغة اليونانية ومنها إلى اللغات الجرمانية، التي تطورت منها فيما بعد الألمانية، وعدد من اللغات الأوروبية الأخرى". وإن اختلفت الآراء حول تاريخ وكيفية انتقال الكلمات العربية إلى اللغة الألمانية، إلا أن الأكيد أن التطور العلمي والتقني الذي شهده العالم الإسلامي خلال القرون الوسطى قد ساهم في انتشار هذه المفردات في أوروبا.

وقد تبوأ المسلمون عرباً وعجماً مكانةً متقدمة في جميع المجالات العلمية خلال القرون الوسطى وهو "ما أبهر الغرب المسيحي ودفعه إلى استيراد المنتجات الزراعية والتقنية وأسماء النباتات والأعشاب إضافة إلى النظريات العلمية التي طورها العرب"، على حد قول أندرياس أونغار.

واحتفظ الغرب، ومن بينهم الألمان، بالأسماء العربية الأصلية للعديد من المنتجات والآلات التي أدخلها العرب إلى أوروبا عبر الأندلس، على غرار القطن والجبس والقهوة والسكر وآلة العود الموسيقية وغيرها من الكلمات. فيما تغيرت المعاني الأصلية لبعض الكلمات العربية الأخرى وأصبحت لها معاني أخرى على غرار كلمة "صفر" والتي يقصد بها في الألمانية "رقم" أو "الكحول" الذي يُقصد به في الألمانية "الخمر ومادة الكحول المستعملة في الكيمياء" ولم يعد يقصد به المادة السوداء التي تستخدم لتزيين العيون، كما يشير إلى ذلك أندرياس أونغار.

في المقابل، يشير الباحث بسام الصباغ إلى أن العديد من الرموز الرياضية هي ذات أصل عربي رغم أنها لا تبدو كذلك مُستشهداً بالحرف اللاتيني "x" ( في السابق xei ) في الرياضيات الذي يرجح أن يكون أصله كلمة "شيء". كما أن علم الجبر، الذي طوره العرب، يعد مادة رئيسية في علم الرياضيات في المدارس الألمانية.

ولكن وعقب أحداث 11 من أيلول/ سبتمبر عام 2001 وجدت كلمات عربية أخرى طريقها إلى اللغة الألمانية خاصة عبر الصحف ووسائل الإعلام، على غرار "الجهاد"، "الجهاديون"، "السلفية"، وهي كلمات اقترنت بمعاني سلبية وغالبا ما يربطها الناس في ألمانيا ب"الإرهاب".


وهو ما يتأسف عليه العديد من المسلمين العرب الذين يعيشون في ألمانيا على غرار طالب علوم التربية في جامعة بامبرغ الألمانية عبد الغني اليازيدي الذي يقول: "هناك بعض الصحافيين الذين يستخدمون الكلمات العربية للعديد من الظواهر السلبية لإعطاء القارئ الانطباع بأن ذلك من صلب الثقافة العربية"، موضحا أن ذلك يعطيها صورة سلبية بأنها "مرتبطة بالعنف".

وينتقد عبد الغني ما يصفه ب "التجاهل لذكر الحقب المشرقة والمزدهرة في العالم الإسلامي التي كان لها فضل كبير لما وصلت إليه أوروبا"، لافتا في هذا السياق إلى ما استفاد منه الأوروبيون من خلال نقلهم وتطوريهم لما توصل إليه العرب من تقدم في عدة مجالات علمية. أما أندرياس أونغار فيؤكد ضرورة ألا ينسى الألمان أن "الجذور العربية تمثل ولو جزءاً صغيرا في الثقافة الألمانية".

 

تابعو الأردن 24 على google news