ظاهرة الوصوليين والمتزلفين في المجتمع
فريق ركن متقاعد موسى العدوان
جو 24 :
الوصولي هو الإنسان الذي يسعى لتحقيق أهدافه، والوصول إلى غايته، باستخدام كافة الوسائل المتاحة، حتى لو وضع يده بيد الشيطان وتحطيم الآخرين، مقتديا بشعار ميكافيلي الشهير : " الغاية تبرر الوسيلة ". فالوصولي أناني بطبعه يضع نفسه دائما في المقدمة، ولو أدى ذلك لمحاربة أقرب الناس إليه، واعتباره عتبة يرتقي عليها، لتحقيق أهدافه مهما كانت طبيعتها، بعيدا عن القيم والمبادئ التي درجنا عليها.
نقرأ ونسمع بين حين وآخر، خطابات وبيانات في وسائل التواصل الاجتماعي لبعض المسؤولين العاملين والسابقين، تنتقد أفعال أو أقوال مواطنين آخرين، يطالبون بحقوقهم المنتهكة من قبل الدولة، وبما يخالف نصوص الدستور قبل تخريبه. علما بأن انتقاداتهم تلك، تخلو من الصدقية وتخالف الحقيقة، التي يعرفها مطلقها كما يعرفها أبسط المواطنين. ولو نظر بعدها إلى المرآة، لقرأ الخزي والعار مرتسما على وجهه بما فعل.
لقد صدق الكاتب أدهم شرقاوي بقوله : " حيثما وُجدت السلطة بأي شكل من أشكالها، وُجد المتزلفون والوصوليون. هؤلاء إن وجدوا مكانا في القرب . . فليس لهم مكان في القلب. وهم في الغالب لا يتقاضون مرتباتهم، وإنما يتقاضون أثمانهم. إنهم أشبه بكلاب الصيد، الذين يحسبون أنفسهم أصدقاء الصيادين مع فارق ضئيل. أن كلاب الصيد تقوم بعملها الذي خُلقت له، معتمدة على جهدها لا على تحطيم الآخرين ".
وظاهر ة الوصوليين والمتزلفين ليست جديدة في التاريخ الإسلامي. فقد جاء شاعر إلى هارون الرشيد يمدحه، فقال يخاطبه : " كأنك بعد رسول الله رسول ". وتقدم شاعر آخر بين يدي المعز الفاطمي قائلا :
" ما شيئت إلاّ ما شاءت الأقدار * * فاحكم فأنت الواحد القهار.
كما وصفوا المتوكل على الله، بأنه " ظل الله الممدود بينه وبين خلقه ". اللهم إنا نبرأ إليك من هؤلاء الوصوليين وأمثالهم في كل مكان.
وهكذا نجد أن التاريخ يعيد نفسه ويتكرر به فعل الوصوليين والمتزلفين. وقد اثبتت هذه الصفة نتائجها الإيجابية، خلال عمر الدولة الأردنية منذ تأسيسها وحتى الآن.
وفي زمن الفضاء المفتوح يظهر الوصوليون، من وزراء ورجال دولة حاليون وسابقون مكشوفون في العراء، ليمارسوا أساليبهم الكريهة، في النفاق والتقرب من صانع القرار، علّه يعيد تدويرهم في وظائف جديدة، رغم بلوغهم من العمر عتيا، علّها تعيد لهم قيمهم المفقودة، وفسادهم الغابر.
فهنيئا لمن يتقنون مهنة الوصولية، أصحاب الوجوه المصفّحة، الذين يزاودون رياءا على المخلصين الشرفاء، الذي يحرصون فعليا على مصير الوطن، ويدافعون عنه بصدق.