jo24_banner
jo24_banner

الاحترام والمساءلة

د. محمود المساد
جو 24 :
في الحديث عن المساءلة لا بد لنا وأن نربطها من جهة بالفرد كشخص يعمل في القيادة أو في أي موقع في المؤسسة أو كفرد مستقل بالحياة العامة ،حيث أنها تعني استعداده عن الإجابة على نتائج خياراته وأفعاله وتصرفاته بكل الصدق والشفافية والمسؤولية ، وأن يتحمل اللوم والعقاب مهما كان– إن استحقه – ، وأن يتوقع تقديم الحساب مقابل الالتزام بكل حيثيات المهمة والدور المطلوب منه والذي قبل به وبأدائه وفقا للتوقعات منه . وبحسب تعريف المساءلة في موسوعة ويكبيديا فإن

المساءلة هي القدرة على تقديم إجابة، واستحقاق اللوم، وتحمل المسؤولية، وتوقع تقديم حساب. ويعدّ أحد جوانب الحوكمة محوريًا في المناقشات ذات الصلة بمشكلات عالم القطاع العام وغير الربحي والخاص (مؤسسة تجارية). وفي أدوار القيادة، المساءلة هي : الاعتراف بالمسؤولية عن الأفعال والمنتجات والقرارات والسياسات وتحملها، وتتضمن الإدارة والحوكمة والتنفيذ في نطاق الدور أو المركز الوظيفي، وتشمل الالتزام بتقديم التقارير والتفسير وتحمل مسؤولية العواقب الناجمة
 

وفي الحوكمة، تجاوزت المساءلة نطاق التعريف الأساسي بأنها"الاستدعاء للمحاسبة على الأفعال".وتوصف كثيرًا بأنها علاقة تقديم تفسير بين الأشخاص، مثلاً"أ مسؤول أمام ب تعني أن أ ملزم بإبلاغ ب عن الأفعال والقرارات(الماضية أو المستقبلية)وتعليلها وتحمل العواقب في حالة سوء الإدارة المحتملة".ولا يمكن أن توجد المساءلة إلا مع الممارسات المحاسبية المناسبة، بمعنى آخر، غياب المحاسبة يعني غياب المساءلة.

ولكن المساءلة كمفهوم مرتبط بالفرد كما نوهنا لذلك في الفقرة الأولى أعلاه ، إذ تختلط الأمور عندما يكون الفرد الذي أدى المهمة أو الدور مشتركا مع جماعة أو هي مهمة المؤسسة بالعموم.وهنا تصبح هذه هي مشكلة الأيادي الناعمة أي عندما يصعب حتى من حيث المبدأ تحديد من ينبغي تحميله مسؤولية النتائج ، وتعد هذه المشكلة من أهم المشكلات أمام المساءلة.إذا تحمل الأفراد المساءلة أو المسؤولية، فإن الأفراد الذين لم يتمكنوا من منع النتائج تكون معاقبتهم ظالمة أو أنهم"يتحملون المسؤولية”بطريقة رمزية دون تكبد أية عواقب.ولكن إذا تحملت المؤسسات فقط المساءلة، فإن جميع الأفرادفي المؤسسةيستحقون اللوم بشكل متساوٍ أو يستثنون جميعًا من العقاب.وقد قدمت العديد من الحلول لهذه المشكلة.أحد هذه الحلول هو توسيع نطاق معيار مسؤولية الفرد، بحيث يتحمل الأفراد مسؤولية الفشل في التنبؤ بالإخفاقات في المؤسسة.وحل آخر هو تحميل الأفراد مسؤولية تصميم المؤسسة، ويكون ذلك بشكل رجعي ومستقبلي.

وبالعودة للاحترام كقيمة والقائد المحترم والشخص المحترم فهما من تحملا المسؤولية الكاملة عن أفعالهما كما تحملا المساءلة أيضا.بمعنى كي تكون شخصا محترما وقائدا محترما عليك أن تكون قائد مسائلة اعتبارا من اللحظة التي قبلت بها بتحمل مسؤولية الدور والمهمة التي أسندت إليك ، وإلا ستصبح شهيد المساءلة عندما لا تكون أهلا للمسؤولية التي تحملتها.


إن تطوير مفهوم المساءلة في أي مؤسسة يحدث فرقا:حيث أنتطوير هذا المفهوم عمليا(المساءلة)في المؤسسة يشكل تحديا لمعظم القادة–بالضبط لماذا تفضل أكثر المؤسسات أن تخطط لاستثمار المزيد من الموارد من أجل دعم بناء قادتهم كقادة مساءلة ؟.والجواب الصريح الواضح لأن المساءلة تبني الثقة داخل فرق العمل ، وتخلق الاحترام بين القادة والموظفين، وتعزز الشعور بالإنصاف الذي لا غنى عنه للقوى العاملة الملتزمة.المساءلة هي انتصارات في السعي والتوصل لتحقيق الرؤية عبر رحلة عامرة بالخبرات والتعلم ،فضلا عن دورها في تهذيب الذات.المساءلة هي الالتزام العام من القائد للتميز ، وهذا هي العلامة الفارقة على الزعيم الحقيقي.المساءلة هي بالضبط لماذا القيادة صعبة جدا وبالضبط لماذا هناك عدد قليل جدا من القادة الحقيقيين.

وبشكل عملي وإجرائي فإن هناك أربع استراتيجيات ليصبح الفرد أكثر قابلية للمساءلة هي:-
– تبدأ المساءلة مع الصدق.الصدق مع النفس والجرأة بالاعتراف بالأخطاء الخاصة ، والعمل قولا وفعلا بشفافية تامة.

– خلفية الاعتذار الحقيقي.الافصاح في حال الانحراف عن جادة الصواب وعمّا هو متوقع منه فعله.حيث الاعتذار يسمح بتعديل الوضع واصلاحه ، فهو أقرب للتركيز على الهدف النهائي بدل التركيز على المشكلة.

– الترحيب بنقد وتدخل الأخرين.التقارير المباشرة من الأصدقاء والأقران والمعنيين.

– السعي للوصول لقادة مساءلة لا تجنب للمسؤولية.أن يعرفون متى يقال لا بالضرورة ،ومتى يطلبون المزيد قبل الموافقة على القيام بالدور أو المهمة ، متى يلتزمون ويتحملون المسؤولية.إنهم يعرفون هدفهم وماذا يحتاجون لتحقيقه وفق المعايير والمؤشرات المعتمدة لذلك ، وهل آليات الوصول قادرة على التوصيل ، وهل الوقت كاف….الخ.

وللربط الضروري بين المفاهيم التي تدعم الفهم وتساعد على تحقيق الإنجاز فإن الأمر يتطلبالدراسةالواعية التعمقة مع التحليل لما يأتي:–

”قال رئيس هيئة الأمم المتحدة(بان كي مون)إن التقدم الحقيقي هو دائما في خطر إذا لم يكن بدون مساءلة قوية.ويجب على الحكومات في كل مكان الاستجابة لبرلماناتها، ودوائرها الانتخابية والناخبين، وإلى المجتمع المدني والبلد ككل.فعلى الصعيد الوطني، ينبغي على جميع أصحاب المصلحة لعب دور في ضمان الرقابة الفعالة لمواءمة الالتزامات الدولية في تحقيق أهداف التنمية الوطنية"، مضيفا أن هذه الجهود يجب أن ترتبط بالصعيد العالمي".وأضاف:على المستوى الوطني، فإننا بحاجة للعمل معا من أجل بناء الإطار الذي سيكون له الأثر الإيجابي على التنمية في نهاية المطاف.هذا هو المكان الذي يجب مراعاة وقياس وتقييم نتائج طموحاتنا".وقال إن المساءلة هي أمر ضروري لتقييم التقدم المحرز وتحقيق النتائج، ويجب أن تكون هناك مساءلة على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية.ويجب على جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك الحكومات ومنظومة الأمم المتحدة والمجتمع المدني والقطاع الخاص أن تكون مسؤولة عن الوفاء بالتزاماتها.نحن بحاجة إلى إطار شامل ومرن وشامل".وأشار أيضا، من أجل تحقيق النجاح، يجب أن يكون نظام المساءلة عالمي. ”يجب أن ينطبق أي إطار للمساءلة على الجميع مع مراعاة اختلاف القدرات والمسؤوليات.يجب أن تكون آليات وبرامج المساءلة ذكية وتتسم باللامركزية".وأضاف أن الأمم المتحدة وحدها لا يمكنها أن تكون المنصة الوحيد لنظام المساءلة، ولكن يجب العمل بصورة متكاملة مع الخطط الإقليمية والوطنية للحكومات ودوائرها".


تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير