الإسلاميون بين التحجيم والانفتاح والتجريم
في المعلومات أنه لا نية لعقد حوار رسمي مع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، من جانب أي جهة رسمية، وهذا أمر تم حسمه على غير مستوى.
أي حوار سيكون في سياق الأحزاب فقط بما في ذلك حزب جبهة العمل الإسلامي، دون أن تكون هناك نية لحوار مع الإخوان المسلمين كتنظيم وحركة لها جماهيرها، والحوار تحت مظلة الحزب محصور بحزبيته ولن يتم مد حزبيته الى جذر أصله وتأسيسه ومغزاه بـاعتباره الذراع السياسي والحزبي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن.
في عمان الرسمية جدل بين ثلاثة اتجاهات، الأول يرى ضرورة الانفتاح على جماعة الإخوان المسلمين، بعد ماجرى في مصر، وبعد فشل الربيع العربي في الاردن باعتبار أن هذا الانفتاح لن يكون مكلفا على الدولة، لأن الإخوان المسلمين يعانون من ضعف عام، ولن يميلوا الى المناددة والاشتراط والضغط، بعد سلسلة التغيرات الدولية والإقليمية.
يرى أصحاب هذا الاتجاه أن هذه هي الفرصة التاريخية للمصالحة بين الدولة والإخوان المسلمين، بخاصة أن الدولة أيضا ليست تحت ضغط أحد ولا تحت ضغط الشارع والإسلاميين.
الاتجاه الثاني يعتقد أن الانفتاح على الإسلاميين أمر خاطئ، ولابد من تحجيمهم وتثبيتهم في ذات مساحتهم التي وصلوا اليها بعد سلسلة نشاطات متواصلة استمرت ثلاثة أعوام، واصحاب هذا الاتجاه يؤيدون فكرة تحجيم الإسلاميين دون إعلان الحرب عليهم، بمعنى ابقائهم في حالتهم الراهنة، باعتبارهم لم يتمكنوا من حصد المكاسب السياسية عبر الشارع، ولا حافظوا على مكانتهم السياسية السابقة، وهذا الاتجاه يرى ضرورة عدم التراخي، ويرفض كليا الانفتاح على الاسلاميين، ويعتبر ان دعوات الحوار ستعيد انتاج المشكلة، والحوار سيكون مكآفأة على ارهاق السنين الفائتة.
إطلالة / بقية
التيار الثالث الذي تمثله اتجاهات معينة في الدولة كان يود أن يتم اتخاذ اجراءات ضد الاسلاميين، يصل بعضها الى تجريم الجماعة، وهذا الاتجاه لم ينجح بفرض رؤيته لأن آراء وازنة اعتبرت انه ليس هناك اي داع لمواجهات، في ظل ما تعتبره من ضعف الاسلاميين، ولأن المواجهات ستؤدي الى مزيد من المظلومية، وليس هناك داع ايضا، لكل هذه القصة ما دام ذات مكانة الإسلاميين قد ضعفت، وفقا لتحليلاتهم.
ثلاثة اتجاهات، والأخير منها تم عزله ورفضه كليا، وبقي الأول والثاني، اي خيار الانفتاح واسترداد الجماعة واشعارها مجددا أنه لا بديل لها عن حضن الدولة والثاني خيار التحجيم في مساحة ضيقة، والارجح ان القرار تم حسمه حاليا باتجاه الخيار الثاني أي تحجيم الاسلاميين وابقاؤهم ضمن سياقات معينة، لا استرداد للمكانة الاولى، ولا إجراءات تجريمية ايضا.
يأتي هذا كله في الوقت الذي تتمنى فيه اجنحة داخل الحركة الاسلامية ان يتم انتشالها من هذه التعقيدات، وهي ترى ان الظرف الاقليمي والداخلي، لم يعد يساعدها، واذا كنا نتحدث عن الخيار الاول اي الانفتاح والمصالحة وهو تيار يتبناه مسؤولون، وهو يتطابق هنا مع رغبة تيارات نافذة في جسم الحركة الاسلامية ترى في الانفتاح طوق نجاة للاسلاميين من الواقع الصعب حاليا، والمفارقة أن مبررات كل فريق بشأن الانفتاح والحوار، لا تختلف عن مبررات الفريق الآخر، وإن كانت تأتي من زاويته وليس تطابقا مباشرا مع الآخر.
لا نية للانفتاح على الإسلاميين حاليا، كما أنه لا نية لتجريم الجماعة، وستبقى العلاقة في واقعها المستجد والمرتسم في مساحة محدودة وصعبة وضيقة، تريدها الدولة باعتبارها مساحة لايمكن التمدد عبرها ولا التوسع ايضا.
لنرقب إذا ماكانت الحركة الاسلامية ستقاوم هذا التثبيت، أم ستستسلم له، أم أنها ستنتظر تحولات محلية واقليمية لتعاود سياساتها.
(الدستور)