محطة تنقية الجيزة.. بؤرة تلوّث مصادر المياه وتهدد حياة المواطنين - صور
جو 24 :
أحمد الحراسيس - سرعان ما تتحوّل المشاريع الكبرى والاستراتيجية في بلادنا إلى سبب من أسباب معاناة المواطنين وارهاقهم جرّاء سوء التخطيط والإدارة، بل وتصبح في بعض الأحيان تشكّل تهديدا على صحّتهم وحياتهم..
محطة تنقية الجيزة، هي نموذج ومثال على المشاريع الاستراتيجية الهامّة، التي تحوّلت إلى سبب من أسباب معاناة المواطنين في مناطق جنوب عمان ومحافظة مادبا، إذ أصبحت المحطة بؤرة من بؤر تلوّث مصادر المياه في تلك المناطق.
تفتقر المحطة إلى كثير من معايير وشروط الصحة والسلامة العامة، بشكل يتسبب في كلّ عام بتلوّث مياه سدّ الوالة جرّاء فيضان المياه العادمة من محطة التنقية أو ضخّها إلى أحواض الكسّارات القريبة، الأمر الذي يدفع السلطات إلى تفريغ السدّ من المياه، وبالتالي خسارة كميات كبيرة من المياه تقدّر بملايين الأمتار المكعبة من المياه التي يُفترض أن تروي أراضي المزارعين في مادبا وجنوب عمان.
وبالإضافة إلى تلوّث مياه السدّ، نتيجة عملية ضخّ أو فيضان المياه العادمة، فإن وجود تلك المياه العادمة داخل أحواض غير مجهّزة بشكل علمي أو فني يتسبب بتلوث مصادر المياه الجوفية، والحوض المائي في المنطقة والمناطق المجاورة.
وبيّنت المواصفة الأردنية رقم (893 / 2006) البند (6-2-1-3) بأنه لا يسمح باستخدام المياه المستصلحة لإغراض التغذية الإصطناعية لأحواض المياه الجوفية لغايات تغذية أحواض المياه الجوفية المستغلة لأغراض الشرب.
وفي السياق، يشير مواطنون من محافظة مادبا إلى أن حجم تلوّث مصادر المياه أدى لانتشار محلات بيع المياه المعقمة في المحافظة بشكل كبير، وانتقال الأهالي لحصر استخدام مياه السلطة بأغراض الغسل والطهي دون الشرب.
ويحذّر مزارعون من خطورة سماح السلطات للبعض بالزراعة بمحيط محطة التنقية وقرب أحواض المياه العادمة، مشيرين إلى أن تلك المحاصيل وهي في معظمها تستخدم كأعلاف للأبقار، هي ملوّثة، وتنتقل السموم منها للثروة الحيوانية ومنتجاتها، ومنها للمستهلك.
محاسنة: بؤرة تلوّث
وحول ذلك، يؤكد أمين عام وزارة المياه الأسبق، والخبير المائي العريق المهندس دريد المحاسنة، أن هناك شروط سلامة عامة تم وضعها لإقامة محطات التنقية، وهناك مواصفات خاصة لضمان عدم تسرب المياه العادمة للمياه الجوفية بالمناطق المحيطة منها.
وأضاف المحاسنة لـ الاردن24 أن الاعتداء على المياه الجوفية أصبح صفة عامة في المملكة، والسبب الرئيس لذلك هو غياب هيبة الدولة لوقف تلك الاعتداءات.
وأكد المحاسنة أن محطة الجيزة بشكلها الحالي تعتبر مركز تلوث للمياه الجوفية والمزروعات وللمنطقة عموما، مشددا على ضرورة اتخاذ اجراءات حاسمة لوقف عملها.
وانتقد المحاسنة قيام بعض النواب والمتنفذين بالدفاع عن كلّ من يقوم بالاعتداء على مصادر المياه، مؤكدا أن نوعية المياه تتأثر بتأثر المياه الجوفية والمصادر المائية، وتنتقل بالتالي للمزروعات والغذاء الذي يتناوله المواطن.
خطر الغرق
مواطنون أكدوا وقوع حوادث غرق سابقا في برك المياه العادمة الناتجة عن محطة التنقية، وقد كان آخرهم الشاب سلطان أبو رياش، الذي قال ذووه إنه ذهب ضحية اهمال الجهات المعنية.
ويشير المواطنون إلى أن ذلك الحادثة كاد يتسبب بكارثة عندما حاول أصدقاء الفقيد انقاذه، حيث سقط أحدهم في البركة وكاد يغرق لولا تدخل الدفاع المدني.
الحيصة: الحكومة لا ترغب بحلّ المشكلة
النائب نصار الحيصة من محافظة مادبا، أكد أن المحطة بوضعها الحالي أصبحت تشكل خطورة على المواطنين والثروة الحيوانية أيضا، بالإضافة إلى خطورتها على مصادر المياه صيفا وشتاء، خاصة عندما تتسرب إلى السدود والأودية والمناطق المجاورة كما حدث قبل عامين.
وأضاف الحيصة لـ الاردن24: المشكلة لدينا أن المسؤولين في الوزارات والدوائر الرسمية لا يتحركون إلا عند حدوث مشكلة، ويعملون بنظام الفزعة، وعند انتهاء التصوير تنتهي الحلول، كما حدث إبان تسرب المياه العادمة لسد الوالة.
وقال الحيصة إن صاحب فكرة اقامة المحطة لم يُفكر بالمستقبل، ولم يكن هناك حسابات لكميات المياه التي ستدخل وستخرج منها، وتم اللجوء لتخزين المياه المعالجة بالكسارات القديمة، وقد أصبحت تشكل بؤرة للتلوث وانتشار الحشرات ويجب معالجة هذه القضية بأسرع وقت ممكن، لافتا إلى أن الحكومة لا تملك حلولا، وليست جادّة بحلّ هذه القضية، ووزارة المياه لا ترغب بحلّها أصلا.
الحل..
يشير ناشطون ومواطنون سبق أن عملوا على ملفّ محطة التنقية إلى وجود حلول مقترحة لهذه المشكلة، ولعلّ الحلّ الأمثل هو نقل تلك المحطة بمسافة (30) كم على الأقل بعيدا عن التجمعات السكنية ومصادر المياه.
وقالوا لـ الاردن24 إن الوزارة تعهّدت في العام الماضي بحلّ هذه المشكلة ونقل المحطة، إلا أن تدخّل متنفذين حال دون ذلك، مشيرين في ذات السياق إلى أن كلف النقل أقلّ بكثير من الخسائر التي يسببها وجود المحطة في موقعها الحالي.
وأوضحوا أن الوزارة تضطر في كلّ سنة إلى تفريغ كميّات كبيرة من مياه سدّ الوالة جرّاء تلوّثه من فيضان المياه العادمة، فيعود خاليا مفرغا من المياه، وتتكبد الحكومة والمزارعون خسائر بملايين الدنانير.
المياه لا تجيب
الاردن24 حاولت مرارا الاتصال بوزير المياه والري المهندس محمد النجار، والناطق الإعلامي في الوزارة للاستفسار عن موقف الوزارة، إلا أن الوزير رفض الاجابة، فيما امتنع الناطق الإعلامي عن التعليق..
** صور أسفل المساحة الإعلانية..