عرجان يتحدث لـ jo24 حول تحالف المدن العشر المعروف ب"الديكابولوس"
أسعد العزوني- قال الباحث الأردني في الأمور التاريخية والإنسانية المصور الفوتوغرافي عبد الرحيم عرجان أن تحالف المدن العشر المعروف ب"الديكابولوس"يمتد من جنوب سوريا حتى فلسطين مرورا بشمال الأردن وهضبة الجولان،وتقع على المثلث الفاصل ما بين تجارة العراق وشواطيء المتوسط وبين الجزيرة العربية والشام.
وأضاف ل"jo24" أن هذا الحلف ظهر إلى الوجود في الفترة ما بين 63 ق.م والقرن الثاني قبل الميلاد ،وان سكانه كانوا خليطا من الساميين وهم أهل المنطقة والفينيقيين والإغريق وكذلك جزءا من الرومان الذين دخلوها في مرحلة الإسكندر المقدوني،لافتا أنه أنشيء لهدف إقتصادي بحت ،وضم 10 مدن هي جراشا"جرش"، بيسان،دمشق،فيلادلفيا"عمان"،كانثا "أم الجمال"،جدارا"أم قيس"،هيبوس"الحصن"،بيلا"طبقة فحل"،رافانا"بيت راس"،وأبيلا.
وبين عرجان أن جزءا من هذه المدن أصبح عواصم ومدنا رئيسية في عصرنا الحاضر مثل دمشق وعمان، في حين أن بعضها جرى تهجيره بالكامل بعد الزلزال الكبير في القرن الثامن الميلادي،وما تبقى فهو مأهول بشكل نسبي لغاية الآن،مثل بيت راس وأم قيس والحصن في الجولان.
وردا على سؤال حول إنشاء هذا الحلف قال عرجان أنه أنشيء بمبادرة من الإمبراطور الروماني العظيم بومبي الذي عاش في الفترة ما بين 106 ق.م-46 ق.م،وكان إمبراطور روما جاء إلى البلاد فاتحا بعد أن توسعت تجارة الأنباط في شرق المتوسط والجزيرة العربية،وقيامهم بإحتلال دمشق بعد دخولها في الحكم الروماني أيام الإسكندر.
أما عن معنى كلمة الديكابولوس فقال الباحث الأردني أنها تتكون من كلمتين هما: الديكا وتعني العشر ،وبولوس وتعني مدينة،مشددا على أن ذلك التحالف لم يكن يربط مدنه العشر أي رابط سياسي ،وكانت تلك المدن تقع على اطراف الإمبراطورية الرومانية ،وتم بعد التحالف إدخال الطراز الروماني إليها في البناء وفنون العمارة وما رأت الإمبراطورية الرومانية وجوده فيها مثل البوابات والمسارح والقصور لكنها لم تجتمع على توحيد الآلهة وحكم الأباطرة وكذلك العملة.
وبخصوص ثقافة ذلك التحالف قال عرجان أنها كانت خليطا بين السامية المحلية والإغريقية الإستعمارية ،منوها إلى أن هذه المدن العشر وأقدمها دمشق نشأت في حضارات مختلفة مثل الهيلينية والبطالمة والسلوقيين وقد أجمعت من حيث التقويم على إعتماد تقويم البومبي نسبة إلى الإمبراطور الروماني بومبي الذي أسس الحلف ووحدها.
وتابع عرجان أن هذه المدن العشر ذكرت في إنجيل متى على أنها أرض الكهنوت وإرتحل عبرها الأتباع وضمها الإمبراطور الروماني ترجان للإمبراطورية الرومانية ضمن المقاطعة العربية ،و كانت من أشهر الروابط الإقتصادية ،منوها أن الطريق التجاري ما يزال ماثلا حتى الآن وكذلك نفق الديكابولوس المائي الذي يبلغ طواه 140 كم ،وتم شقه على 80 عاما من العمل غير المتواصل مارا بعدد من القرى والبلدات إبتداءا ببلدة داعل قرب درعا السورية فالطرة والشلالة وعين راحوب وبلدة الطويلبة وعين التراب وإنتهاء بمدينة أم قيس التاريخية التي كانت موطنا للفلاسفة والفنانين والشعراء وأشهرهم في الهجاء مينيوس والشاعر الساخر مبلاغورس. وكذلك فصيح عصره ثيودوروس.
وأوضح الباحث الأردني أن الإمبراطور الروماني هدريان زار الحلف عام 63 ق.م وهو في طريقه لتحرير تدمر التي إحتلها الأنباط ،مشيرا أنه وإكراما له تم إنشاء بوابة هدريان العظيمة على مدخل مدينة جرش في الطريق الواصل إلى عمان التي سكنت منذ سبعة آلاف عام وتوالى عليها الحثيون والهكسوس والرومان وكانت مقرا للكرسي الرسولي إلى أن وصلها الفرس ومكثوا فيها أربع سنوات وذلك عام 616 ق.م.
وبالنسبة لمدينة بيسان فقال أنها تقع في فلسطين ما بين نهر الأردن ومرج بن عامر وتعني المعبد وأطلق عليها العبرانيون إسم "بيتشان " وهي مدينة متكاملة من حيث المدنية والحقب التاريخية ويوجد في شمالها تل تاريخي وزارها الإسكندر الأكبر وهو في طريقه إلى دمشق وجرى تدميرها بسبب الزلزال الكبير عام 747م.
وبخصوص مدينة الحصن التاريخية فقال عرجان أنها تقع في هضبة الجولان وتطل على بحيرة طبرية وأن آثارها ما تزال ماثلة للعيان حتى يومنا هذا وقيد الإحتلال الذي يعمل على تخريب وطمس هذه الآثار.
وبخصوص مدينة كانثا "أم الجمال" فقال أنها تبعد 86 كم عن عمان وهي على مقربة من الحدود السورية وقد عرفت عند العرب بالواحة السوداء كونها بنيت من الحجارة البركانية وترجع إلى العصور النبطية وتعد موقعا إستراتيجيا حيث إلتقاء تجارة بلاد الشام والحجاز وفلسطين والعراق،ويوجد فيها عدد كبير من الكنائس والمستودعات التجارية ودار الولاية وكذلك بوابتها الشهيرة بإسم كومودوس.
وأوضح عرجان أن جراشا"جرش"تتوسط طريق هدريان بين أم قيس وعمان وهي أكبر مدن ذلك الحلف آنذاك، ويعود تاريخها إلى 6 آلاف عام وأسسها الإسكندر الأكبر وإسمها السامي "جرشو" ويعني الحرش الكبير ،وقد خضعت للحكم الروماني في القرن الرابع ق.م. ومن أشهر معالمها معبد زيوس وشارع الأعمدة والساحة المبلطة ومسرحيها الشمالي والجنوبي.
وقال أيضا ان مدينة رافانا"بيت راس" فتبعد عن مدينة إربد شمال الأردن نحو 15 كم على طريق أم قيس ومن أشهر معالمها المسرح الذي ما تزال أطلاله بادية إلى العيان حتى يومنا هذا ،منوها أن مدينة بيلا "طبقة فحل" تقع إلى الجنوب من بلدة أم قيس بإتجاه الأغوار الشمالية وفيها أطلال الكنائس والمعابد الوثنية ،في حين أن مدينة أبيلا فتقع بالقرب من بلدة حرثا المطلة على الجولان السورية.