إشهار "شاهد عيان" للراحل محمد طمليه
أسعد العزوني- وصف د. راشد عيسى الكاتب الراحل محمد طمليه بأنه كاتب إشكالي تصدر كتابته عن قلق عميق الجذور في كينونته، لكأن هذا القلق نابع من "جين بيالوجيّ ونفسي عارم"، وأن القلق عند طمليه "باهظ ونفيس" لأن جوهر القلق الشخصاني عنده عزّز قلقه الإنساني والإبداعي الأمر الذي وضع طمليه في منزلة عالية بين منازل الكتاب المتميزين.
وتوقف د. عيسى في ورقته التي حملت عنوان "مرايا البنية الفتية في شاهد عيان لطمليه" التي قدمها مساء الأحد في حفل إشهار كتاب جديد لطمليه (حمل عنوان شاهد عيان) في رابطة الكتاب الأردنيين، توقف عند مجموعة من المزايا في كتابة طمليه، وأهمها: قصر المقالة، إذا لا يزيد عدد كلمات مقالته على وجه التقريب على مئتي كلمة، اختيار العناوين الجاذبة على الأغلب، شيوع أساليب المفارقة والمتقابلات الضّدية، وهي أساليب تحقق المتعة وتجذب الانتباه بنكهتها الفكاهية ومعانيها الطريفة، قصر الجملة وتقطيع العبارة بعلامات الترقيم الموحية إلى الدلالات، الارتقاء بالوصف الواقعي للفكرة الرئيسية للمقالة إلى مستويات من التخييل وفضاءات الحلم، الغرائبية والعجائبية في المقارنات داخل الفكرة الواحدة، اتساع التجليات البلاغية وتنوعها، تخصيب المقالة بعبارات لأدباء عالميين، التنقل بين أفكار جزئية تقود في النهاية إلى مغزى المقالة، توظيف شخصية "أبو العبد" لتكون هذه الشخصية ممثلاً عن المواطن في حياته الشعبية وفي خصوصيات الفقر والمعاناة، التظاهر بالعفوية المطلقة في تهريب وجهة النظر، استخدام أسلوب الإيماء والإيحاء والتلميح على مدى عرض الفكرة التي تقود إلى جملة تصريحية صغيرة، كثير من المقالات تبدو قطعاً أدبية.
ورأى د. عيسى أن في مقالات طمليه نوعا من الخيال الأدبي القائم على صور فنية فائقة تعزز الروح الأدبية الفكهة، مؤكدا أن الذات الشخصية عند طمليه تلعب بطولة البوح، فجميع مقالاته هي ردات فعل شعورية شخصية تجاه وقائع الحياة على اختلاف ملامحها، مختتما ورقته بالقول إن طمليه يدافع عن الحياة الكريمة بدمعة ضاحكة وبجَدّ ساخر، لكأنه يقرُّ في يقينه بأن الحياة كذبة لا يصدقها إلا الفقراء.
من جهته قال الناقد د. سليمان الأزرعي في ورقته النقدية التي قدمها في الحفل عن الكاتب الراحل طمليه إنه مبدع غير اعتيادي، فهو قاص كاره للانضباطية، إلى حد يبدو فيه معاديا لكل الشروط الإبداعية للتجنيس الأدبي وتوصيف النوع الفني وتسميته، مضيفا أن توق طمليه للحرية والانعتاق تمت ترجمته بالشكل الكتابي أيضا، وأن سمة البساطة قد ميزت لغته وشخصيته، وظلت لغته أقرب إلى الشعبية المغامرة.
وقال د. الأزرعي إن الصدق الفني يمثل عنصرا رئيسا ورافعة هامة في كتابات طمليه، الذي كان صادقا في كل كتاباته وصادقا في كل ما انشغل به.
وتحدث د. الأزرعي عن بعض المفارقات التي جاءت بها بعض مقالات طمليه مع بعض المسؤولين في الدولة، لافتا النظر إلى الغرائبية في كتابات الراحل، القصصية منها والصحفية.
من جهته وصف الزميل الشاعر هشام عودة الكاتب الراحل محمد طمليه بالكاتب المؤسس، وقال في شهادة قدمها في الحفل إن لديه عددا كبيرا من المقالات غير المنشورة لطمليه وبخط يده، وقد أعلن عن وضعها تحت تصرف دار طمليه للأبحاث والدراسات، وأشار في شهادته إلى حجم الوجع الذي اتسمت به مقالة طمليه التي ظلت محل اهتمام البسطاء والمسؤولين على حد سواء.
شقيق الراحل طمليه المشرف على إصدار الكتاب رياض طمليه قرأ عددا من المقالات التي ضمها الكتاب الجديد، وحاول فيها أن يكون قريبا من روح شقيقه الراحل وأسلوبه في التعبير عن مكنوناته الداخلية.
الأمسية التي قدمها وأدارها الناقد محمد المشايخ، أقيمت بالتعاون بين دار طمليه ورابطة الكتاب، وأشار المشايخ فيها إلى عدد من المحطات الشخصية التي جمعته بالراحل طمليه خاصة في رابطة الكتاب الأردنيين، وفي ختام الأمسية تم الإعلان عن توزيع الكتاب مجانا على الحضور الذين هم في غالبيتهم من أصدقاء طمليه ومتابعي تجربته الصحفية والأدبية.