إختفاء عبارة "الإعلام" من الخطاب الرسمي الملكي
داود كتاب
جو 24 : من المعروف أن المحللين والمراقبين يمحصون الخطابات والمقابلات والرسائل الملكية لمعرفة توجهات واتجاهات القيادة العليا للمملكة. ولكن البحث أحياناً يتطلب التركيز على معاني العبارات والمواضيع غيرالمشمولة في الخطابات والمقالات والأوراق النقاشية.
توفر الإمكانيات الإلكترونية الحديثة إمكانية البحث المعمق وبوقت سريع لمواد ونصوص طويلة لمعرفة كم تتكرر استخدام كلمة أو عبارة معينة.
ففي الأشهر القليلة الماضية أصدر الملك ورقة نقاشية رابعة وأجرى لقاء مع هيئة تحرير وكالة الأنباء الصينية ونشر مقالاً في مجلة “ورلد بوليسي جورنال” وألقى خطاباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي تحليل لمضمون الأربعة نصوص يتبين أن عبارات مثل “سلام” و”أمن” و”ديمقراطية” و”مواطنة” ترددت بأعداد متفاوتة إلا أنه ومنذ الثاني من حزيران لم يتم ذكر كلمة “إعلام” في أي من الأوراق أو اللقاءات والمقالات أو الخطابات الرسمية للملك. قائمة تكرار العبارات مرصودة في ما يلي.
العبارة/النصوص: الورقة النقاشية الرابعة - لقاء هيئة تحرير وكالة الأنباء الصينية - مقال ورلد بولسي جورنال - خطاب الأمم المتحدة
سلام 4 17 5 3
أمن 0 10 8 6
ديمقراطية 8 4 1 0
مواطنة 19 3 4 2
إعلام 0 0 0 0
من الصعب اعتبار غياب عبارة “السلام” من الورقة النقاشية الرابعة أمراً مهماً أو غياب كلمة “ديمقراطية” من الخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أو عبارة “أمن” من الورقة النقاشية ظاهرة مؤثرة، ولكن غياب كلمة “إعلام” من كافة الوثائق الصادرة عن قمة الدولة الأردنية لها دلالات لا يمكن القفز عنها.
فمن ناحية يعتبر عدم التطرق للإعلام وحرية واستقلال الإعلام تراجعاً عن الوعود بالإصلاح والشفافية وأقوال ملهمة مثل “حرية الإعلام سقفها السماء.” ولكن من ناحية أخرى يمكن قراءة غياب ذكر لعبارة الإعلام، مصداقية ملكية وانسجاماً مع الواقع؛ فالملك لا يريد أن يعكس أن ما يقوله لا يتطابق مع الواقع.
فالواقع الإعلامي وخاصة منذ الأول من حزيران لا يشجع من يمثل قمة الدولة بالتحدث عنه أو الافتخار به. رسالة التكليف السامي لحكومة النسور الثانية في 9 آذار تضمنت بنداً خاصاً بالإعلام حيث طالب الملك بضرورة “تعزيز التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام كشركاء في عملية الإصلاح والتنمية المستدامة بأبعادها المختلفة. “
وقد كرر رئيس الوزراء فكرة مشاركة الإعلام في عملية الإصلاح عندما خاطب المؤتمر العالمي لمعهد الصحافة الدولي حيث قال “إن قانون المطبوعات والنشر يعتبر، مثل أي قانون آخر، مفتوحاً للنقاش والحوار بين أصحاب المصلحة والبرلمان والمجتمع المدني مؤكداً استعداد الحكومة للعمل على إدخال مزيد من التحسينات على البيئة الإعلامية وتعزيز صحافة موثوقة مسؤولة.”
ولكن الدولة الأردنية لم تتشاور مع أحد بل قامت وبصورة مفاجئة بعد أقل من أسبوعين بحجب حوالي 300 موقع إلكتروني إخباري بصورة أحادية الجانب ولم تتجاوب مع كافة المحاولات المحلية النيابية والإعلامية ودعوات المؤسسات الدولية لتجميد القرار لغاية تعديل القانون.
وقد تفاقمت مشكلة الإعلام المحلي بالتراجع المفاجئ للصحافة المكتوبة بما في ذلك توقف طباعة يومية العرب اليوم وفشل التوقعات بأن يتم تحويل التلفزيون الأردني لخدمة البث العام. ورغم الوعود بإجراء إصلاحات تشريعية إعلامية تتلاءم مع الاستراتيجية الإعلامية كما وعدت حكومة النسور إلا أن أياً من تلك الوعود لم يتحقق.
وبعكس الالتزام الملكي والحكومي بعدم اعتقال الصحفيين إلا أن الواقع اختلف؛ ففي كلمته أمام الإعلاميين الدوليين قال عبد الله النسور إنه “لا يمكن اعتقال هؤلاء الصحفيين أو إيداعهم السجن بسبب جنح تتعلق بحرية التعبير”، إلا أن ما حدث بحق الزملاء “أمجد معلا” و”نضال فراعنة” من موقع جفرا المرخص نسف وضعاً شعر الإعلاميون أنهم تجاوزوه.
إن غياب أي ذكر لموضوع حرية واستقلال الإعلام من كافة النصوص الصادرة عن الديوان الملكي من خطابات ومقابلات وأوراق نقاشية للملك يجب ألا تفاجئ أحداً؛ فأقوال الملك يجب أن تنعكس في الواقع ومن المؤكد أن الملك لن يقول إن الإعلام مستقل وحر في الوقت الذي اعتبرت كافة المؤشرات الدولية أن موقع الأردن في قائمة الدول هو “غير حر”.
يزور الأردن هذه الأثناء خبير أوروبي لبحث وضع الإعلام ومستقبله وسيقدم توصيات لبروكسل حول الطريق الأفضل للإتحاد الأوروبي الذي ينبغي أن يسلكه بخصوص التعهدات المتفق عليها في مجال حرية التعبير والإعلام.
لقد كان الملك عبد الله الثاني منسجماً مع نفسه ومع الواقع المتردي لحرية الإعلام في الأردن. من المؤكد أن تطوير واستقلال الإعلام يحتاج الى جهد مشترك ونضال ليس فقط من الإعلاميين بل من كافة أطراف المجتمع الأردني.
توفر الإمكانيات الإلكترونية الحديثة إمكانية البحث المعمق وبوقت سريع لمواد ونصوص طويلة لمعرفة كم تتكرر استخدام كلمة أو عبارة معينة.
ففي الأشهر القليلة الماضية أصدر الملك ورقة نقاشية رابعة وأجرى لقاء مع هيئة تحرير وكالة الأنباء الصينية ونشر مقالاً في مجلة “ورلد بوليسي جورنال” وألقى خطاباً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي تحليل لمضمون الأربعة نصوص يتبين أن عبارات مثل “سلام” و”أمن” و”ديمقراطية” و”مواطنة” ترددت بأعداد متفاوتة إلا أنه ومنذ الثاني من حزيران لم يتم ذكر كلمة “إعلام” في أي من الأوراق أو اللقاءات والمقالات أو الخطابات الرسمية للملك. قائمة تكرار العبارات مرصودة في ما يلي.
العبارة/النصوص: الورقة النقاشية الرابعة - لقاء هيئة تحرير وكالة الأنباء الصينية - مقال ورلد بولسي جورنال - خطاب الأمم المتحدة
سلام 4 17 5 3
أمن 0 10 8 6
ديمقراطية 8 4 1 0
مواطنة 19 3 4 2
إعلام 0 0 0 0
من الصعب اعتبار غياب عبارة “السلام” من الورقة النقاشية الرابعة أمراً مهماً أو غياب كلمة “ديمقراطية” من الخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أو عبارة “أمن” من الورقة النقاشية ظاهرة مؤثرة، ولكن غياب كلمة “إعلام” من كافة الوثائق الصادرة عن قمة الدولة الأردنية لها دلالات لا يمكن القفز عنها.
فمن ناحية يعتبر عدم التطرق للإعلام وحرية واستقلال الإعلام تراجعاً عن الوعود بالإصلاح والشفافية وأقوال ملهمة مثل “حرية الإعلام سقفها السماء.” ولكن من ناحية أخرى يمكن قراءة غياب ذكر لعبارة الإعلام، مصداقية ملكية وانسجاماً مع الواقع؛ فالملك لا يريد أن يعكس أن ما يقوله لا يتطابق مع الواقع.
فالواقع الإعلامي وخاصة منذ الأول من حزيران لا يشجع من يمثل قمة الدولة بالتحدث عنه أو الافتخار به. رسالة التكليف السامي لحكومة النسور الثانية في 9 آذار تضمنت بنداً خاصاً بالإعلام حيث طالب الملك بضرورة “تعزيز التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات ووسائل الإعلام كشركاء في عملية الإصلاح والتنمية المستدامة بأبعادها المختلفة. “
وقد كرر رئيس الوزراء فكرة مشاركة الإعلام في عملية الإصلاح عندما خاطب المؤتمر العالمي لمعهد الصحافة الدولي حيث قال “إن قانون المطبوعات والنشر يعتبر، مثل أي قانون آخر، مفتوحاً للنقاش والحوار بين أصحاب المصلحة والبرلمان والمجتمع المدني مؤكداً استعداد الحكومة للعمل على إدخال مزيد من التحسينات على البيئة الإعلامية وتعزيز صحافة موثوقة مسؤولة.”
ولكن الدولة الأردنية لم تتشاور مع أحد بل قامت وبصورة مفاجئة بعد أقل من أسبوعين بحجب حوالي 300 موقع إلكتروني إخباري بصورة أحادية الجانب ولم تتجاوب مع كافة المحاولات المحلية النيابية والإعلامية ودعوات المؤسسات الدولية لتجميد القرار لغاية تعديل القانون.
وقد تفاقمت مشكلة الإعلام المحلي بالتراجع المفاجئ للصحافة المكتوبة بما في ذلك توقف طباعة يومية العرب اليوم وفشل التوقعات بأن يتم تحويل التلفزيون الأردني لخدمة البث العام. ورغم الوعود بإجراء إصلاحات تشريعية إعلامية تتلاءم مع الاستراتيجية الإعلامية كما وعدت حكومة النسور إلا أن أياً من تلك الوعود لم يتحقق.
وبعكس الالتزام الملكي والحكومي بعدم اعتقال الصحفيين إلا أن الواقع اختلف؛ ففي كلمته أمام الإعلاميين الدوليين قال عبد الله النسور إنه “لا يمكن اعتقال هؤلاء الصحفيين أو إيداعهم السجن بسبب جنح تتعلق بحرية التعبير”، إلا أن ما حدث بحق الزملاء “أمجد معلا” و”نضال فراعنة” من موقع جفرا المرخص نسف وضعاً شعر الإعلاميون أنهم تجاوزوه.
إن غياب أي ذكر لموضوع حرية واستقلال الإعلام من كافة النصوص الصادرة عن الديوان الملكي من خطابات ومقابلات وأوراق نقاشية للملك يجب ألا تفاجئ أحداً؛ فأقوال الملك يجب أن تنعكس في الواقع ومن المؤكد أن الملك لن يقول إن الإعلام مستقل وحر في الوقت الذي اعتبرت كافة المؤشرات الدولية أن موقع الأردن في قائمة الدول هو “غير حر”.
يزور الأردن هذه الأثناء خبير أوروبي لبحث وضع الإعلام ومستقبله وسيقدم توصيات لبروكسل حول الطريق الأفضل للإتحاد الأوروبي الذي ينبغي أن يسلكه بخصوص التعهدات المتفق عليها في مجال حرية التعبير والإعلام.
لقد كان الملك عبد الله الثاني منسجماً مع نفسه ومع الواقع المتردي لحرية الإعلام في الأردن. من المؤكد أن تطوير واستقلال الإعلام يحتاج الى جهد مشترك ونضال ليس فقط من الإعلاميين بل من كافة أطراف المجتمع الأردني.