وزارة الثقافة تطلق مشروع استعادة الأديب عقيل أبو الشعر
عزيزة علي - أعلنت وزارة الثقافة عن إطلاق مشروعها المتعلق بإستعادة الأديب الأردني عقيل أبو الشعر، من خلال البحث عن نتاجه الثقافي والإبداعي في دول العالم وإعادة ترجمته الى اللغة العربية ونشره للتعريف بكاتب أردني غاب عن الساحة المحلية رغم أنه من أبرز الرواد العرب في الكتابة الروائية والفكرية.
جاء هذا الاعلان في المؤتمر الصحفي الذي عقد أمس في المكتبة الوطنية وتحديث فيه مندوبا عن وزير الثقافة مدير الدراسات والنشر القاص هزاع البراري، د.هند أبو الشعر، المترجم د. عدنان عبدالحميد كاظم، ووزعت وزارة نسخة من رواية "القدس حرة- نهلة غصن الزيتون" التي تم طباعتها ونشرها بعد ترجمتها إلى العربية ضمن سلسلة الكتب شهرية "ابداعات 64".
وأشار البراري إلى أن الوزارة بدأت بخطوات واسعة في مشروع إعادة "عقيل أبو الشعر عربياً وأردنياً"، مشيرا إلى أن عقيل كان يجيد قرابة ثماني لغات منها "الإيطالية، والفرنسية، والروسية، والتركية، والإسبانية، والإنجليزية والعربية"، فهو الكاتب المدهش في سيرته التي ارتبطت بالأسفار والهجرة، وما زالت محطات مهمة من حياته، خاصة في الثلث الأخير منها سراً نسعى إلى إماطة اللثام عن تفاصيله في المستقبل، فقد كان عقيل لسنوات طويلة بمثابة الحلم البعيد، لقلة الإمكانيات وانعدام السبل والوسائل للوصول إلى منجزه والتعريف به.
وأوضح أن وزارة الثقافة تعلن عن إصدار باكورة كتب هذا المشروع، رواية بعنوان "القدس حرة/ نهلة غصن الزيتون"، بعد جهود كبيرة بذلتها الدكتورة هند أبو الشعر نتج عنها العثور على الرواية المكتوبة باللغة الإسبانية في المكتبة الوطنية الفرنسية، لتكون مفتاحا سحريا في الكشف عن إصدار يعد صاحبه من الناحية التأريخية رائداً عربياً في كتابة الرواية ونشرها.
ونوه البراري إلى أن عقيل نشر روايته الأولى "الفتاة الأرمنية في قصر يلدز"، في العام 1912 وهي مكتوبة باللغة الفرنسية ونشرت في روما وهي ما تزال مفقودة، لينتقل عقيل بعدها إلى فرنسا ليكتب بالفرنسية والإسبانية، لافتا إلى أن عقيل أبو الشعر عمل في الصحافة، وعاد إلى القدس ليكتب روايته "القدس حرة/ نهلة غصن الزيتون".
ومن القدس كتب عقيل تقاريره الصحفية عن الهجرة اليهودية إلى فلسطين في العام 1920 على شكل رسائل عائلية، لأن السلطات البريطانية كانت تمنع مثل هذه التقارير ضمن سياستها بالتعتيم على الأوضاع السياسية في فلسطين.
هاجر عقيل أبو الشعر إلى الدومنيكان وكان أول من ترجم له الأديب يعقوب العودات، المشهور بـ"البدوي الملثم" ونظراً لإقامته في أوروبا وأميركا اللاتينية وعدم وصول نتاجه إلينا وندرة المعلومات حوله فقد اعتبره بعضهم مجرد أسطورة خيالية، لندرة المعلومات المتوفرة عنه، وغياب منجزه الأدبي والإبداعي، يعود اليوم من خلال وزارة الثقافة ليولد محلياً وعربياً، وستستمر الجهود من أجل استكمال عمليات البحث عن منجزه وترجمته من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية.
ويتضمن المشروع في خطوات لاحقة إقامة ندوات ومؤتمرات نقدية متخصصة لدراسة نتاجه من جوانب مختلفة، ونشر تلك الدراسات في كتب لإنصاف هذا المبدع الكبير وتوثيق منجزه نقدياً.
وكشف البراري عن أن الوزارة سوف تعلن عن جائزة مادية أولى وثانية وثالثة لمن يقدم مخطوطات لمؤلفين أردنيين راحلين أو مخطوطات تتناول موضوعا أردنيا، سواء كانت المخطوطات في مجال المذكرات أو السيرة الذاتية أو التاريخ أو الفكر أو الروايات أو مجموعات قصصية أو دواوين شعر وغيره من صنوف المخطوطات.
ودعا البراري كل من يملك مثل تلك المخطوطات إلى أن يتواصل مع وزارة الثقافة للاطلاع عليها، تمهيدا لتحقيقها ودراستها ونشرها وتيسيرها للباحثين، مؤكدا أن الجائزة تعتمد على أهمية المخطوط وموضوعة وتاريخه.
من جانبها قالت أبو الشعر إن استعادة عقيل في هذا العام، يتزامن مع مرور قرن على إصدار رواية "القدس حرة- نهلة غصن الزيتون"، لافتة إلى أن المكان في روايات عقيل حاضر، وهاجس القدس عاش معه.
وأشارت أبو الشعر إلى ما كتبه البدوي الملثم عن عقيل حيث قال: "التحق عقيل بالمدرسة الاكليركية بالقدس حيث قضى فيها خمس سنوات، وبسبب نباهته وذكائه ارسلته الادارة الى روما، وهناك نال شهادة الدكتوراه في الفلسفة والموسيقى خلال مدة قصيرة، واكتسب إعجاب اساتذته الغربيين"، وذكر أن عقيل له معزوفات موسيقية منها "أورينتال" منتزعة من قلب الصحراء.
من جانبه تحدث المترجم د.عدنان عبدالحميد كاظم عن مضمون وأسلوب ولغة عقيل الرصينة والمتشعبة في كتابة هذه الرواية، مشيرا إلى أنها تدل على عمق ثقافة الكاتب، التي اتضحت من خلال استخدامه لعبارات بلغات متعددة طوال صفحات الرواية ما أدى إلى صعوبات كبيرة في عملية الترجمة.
وعبَّر المترجم عن أمله في أن تكون الرسالة التي أراد لها عقيل أن تصل إلى القارئ من خلال روايته، لافتا إلى أنها تعد أثرا أدبيا مضى عليه ما يقارب 100 عام."الغد"