رفض عربي للرقابة على الفنون
أعلن جمهور مشارك في مناظرات الدوحة مساء الاثنين رفضه لرقابة أجهزة الدولة على الفنون، المطبقة على نطاق واسع في منطقة الخليج وسائر دول الشرق الأوسط.
وبرزت مشاعر الإحباط حيال هذه الممارسة خلال جلسة تفاعلية ناقش خلالها الحضور طيفا من القضايا؛ بما فيها تكرار قص أجزاء في افلام أجنبية قبل عرضها هنا وتظليل أجزاء من جسد المرأة الظاهر في مجلات غربية تباع في السوق.
وأظهر تصويت برفع الأيدي أثناء النقاشات أن ثلث المشاركين في الجلسة - غالبيتهم من الشباب العرب – ما يزالون يؤيدون رقابة الدولة على الفنون. لكن في الختام، صوّت 58 % من الحضور إلى جانب ثيمة الجلسة: "هذا الجمهور يعتقد بأن الرقابة تسفّه الفنون".
في معرض جدالها ضد هذه الثيمة، أصرّت الأكاديمية العراقية- الأمريكية ندى شبوط، التي تدّرس في إحدى جامعات قطر، على ضرورة احترام "الإطار المحلي والحساسية الثقافية"، لا سيما في جامعات الخليج التي استحدثت أخيرا مساقا لتعليم الفنون الحديثة.
ورأت شبوط - مؤرخة الفنون ومديرة معهد الدراسات الثقافية العربية والاسلامية في جامعة نورث تكساس – أن هذا الإجراء "يعكس احتياجات الجمهور". وبينما تساءلت عن "المغزى من صدم" الشاهدين والقراء؟ أوضحت شبوط أن "الفنون تتعلق بدفع الحدود، (ويفترض) إزاحتها ببطء شيئا فشيئا لإيجاد المساحات المناسبة للحوار والجدال".
وعارض فكرة الحلقة بيتر فلورنس، مؤسس ومدير مهرجان هاي للثقافة والفنون الذي أنطلق في ويلز (بريطانيا) عام 1988 قبل ان يتوسع إلى خمس قارات. وقال أن فكرة الرقابة "غبيّة ومهينة" ولم ولن تنجح.
وقال: "يمكنك قتل الفنان، لكن لا يمكنك قتل الفن، فهو يحيا في أذهان الجمهور". ومضى إلى الجدال بأن "الرقابة لا تسفّه الفنون، بل تضرّ بها أيضا.. والأسوأ من ذلك أنها قاتلة!"
نات موللر الناقدة الفنية وأمينة متحف تقيم بين أوروبا والشرق الأوسط، قالت من جانبها أن الفن يتعلق ب"دفع حدود ما هو مقبول من حيث الشكل، من حيث الجماليات والأفكار والمفاهيم. كما يتعلق بإخراج الناس من حيّز الراحة الذي يعيشون فيه". ورفضت موللر التشبيه بين "الجدال المتعلق بالحساسية الثقافية وبين القمع السياسي أو الثقافي كلما اتجهت حكومات أو مانحون أو الجمهور إلى إبداء رأي مخالف أو شعروا بعدم الارتياح حيال عمل فني ما".
وجادل إلى جانب ثيمة الحلقة الموسيقي السوري المقيم في أمريكا مالك جندلي – الذي نال جائزة حرية التعبير عام 2011 من مجلس العلاقات الأمريكية-الإسلامية عن أغنيته الشهيرة "وطني أنا".
وربط جندلي بين الفن والحياة قائلا أن "كل من يمنعه يعوق التقدم". كما رفض بشدّة المنطق الذي يرى أن الرقابة تحمي الناس من الصور غير الملائمة. وأوضح بأن "الطبيعة لا تعرف عدم الاحتشام"، لافتا إلى أن "عدم الاحتشام موجود فقط في عقول الناس، ونحن اخترعناه".
مناظرة مساء الاثنين في العاصمة القطرية كانت آخر حلقات موسم 2012 من هذه المناظرات، التي انطلقت عام 2004 منبرا حرا يوفر للشباب العرب فرصة مناقشة قضايا مصيرية تؤثر في حياتهم. تبث سلسلة المناظرات عبر شاشة البي.بي.سي (وورلد نيوز) منذ يناير 2005، وبالتالي تصل إلى أزيد من 300 مليون مشاهد في قرابة 200 دولة. تنظم هذه المناظرات وتمولها مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع.