إنه زمن الإقتصاد ، لمن يهمه الأمر؟
د.أنور الخُفّش
جو 24 :
شارك رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة والرَّئيس العراقي عبد اللَّطيف رشيد في جلسة ضمن المنتدى الإقتصادي العالمي في مؤتمر دافوس 2023 ، حول التَّقارُب بين الإقتصادات العربيَّة. كما صرَّح أن الأردن يسعى لأن يكون مركزاً إقليميَّاً للطَّاقة المتجدِّدة والطَّاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر والسِّياحة والسِّياحة العلاجيَّة. كما أشار أن الأردن حقق نجاحات مهمَّة في توفير التَّمويل اللازم للمشاريع النَّاشئة والصَّغيرة ولدينا قوى بشريَّة قادرة على النموّ والنَّجاح محليَّاً وخارجيَّاً.
كما أن التطورات السياسية والإقتصادية اللاحقة لجائحة كورونا وفي ظل الحرب السياسية القائمة بين الصين وروسيا من جهة والغرب بقيادة أمريكية ، جعلت الدول العربية المواجهة لإسرائيل وخاصة الأردن تتحمل الكلفة السياسية والإقتصادية والعسكرية الكاملة منفردة في إدارة الصراع ، كما أن التحوُّل الإقتصادي الخطير بتحول دول الخليج الى سوق مستوردة لرأس المال والإستثمارات للمشاريع الكبرى، بدلاً من كونها الدول المصدرة لرأس المال والإستثمارات المباشرة ، الذي كان له الأثر الإقتصادي السلبي على المنطقة بكاملها وخاصة الأردن بينما مصر حصلت على دعم من دول الخليج وفق تقديرات منشورة قاربت 40 مليار دولار ، وتعدَّت بروز المحاور والمشاريع الإقليمية ، مشروع الشام الجديد ومشروع التكامل الصناعي الإماراتي ومشروع السعودية العظمى ومشروع سلام الإبراهيمي ، في غياب لدعاة العولمة وإنتهاء هذا المشروع ، مما أوجد عالماً جديداً لا تحكمه الجغرافيا والسياسة والحدود ، وبروز الأخطار الإقتصادية المتقلبة وأبعاده الإجتماعية والسياسية الذي يهدِّد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ، والتكلفة الإقتصادية الباهظة لإنهيار الشيوعية ، وبروز أهمية التطور التكنولوجي والعلمي وتقنيات الإتصالات هي مَن تقود السياسات العالمية ، في المقلب الآخر يبقى التفجر السكاني ومشكلة البطالة والفقر وإنخفاض معدلات النمو السائد على الإقتصاد العالمي هي أبرز التحديات ، الأمر الذي جعل من مواجهة هذه التحديات مستحيلاً على المستوى القطري ، وكان لا بد من إبراز أهمية التعاون الإقليمي والدولي كحل وحيد لمواجهة هذه التحديات ، ودخلنا الآن في مرحلة تنظيم وتقنين أوجه التعاون الإقليمي والدولي.
من هنا يبرز أهمية دور الأردن بقيادة الملك عبدالله والمبادرات التي تبنَّاها التي وصفتُها شخصياً ( مبادرات التوازن الإقتصادي الإقليمي) ، إلا أن هذه المبادرات الملكية تحتاج إستراتيجية إقتصادية واقعية داخلية تعمل على الإندماج الإيجابي مع المشاريع الإقليمية ، ومصفوفة عمل إقتصادي جامعة ، نُقرّ جميعاً ضعف إدارة الإقتصاد الوطني ، هذه نقطة الضعف التي تحتاج معالجة ليلعب الأردن دوره الحقيقي في المنطقة ولتكون نقطة قوة تدعم مبادرات جلالة الملك عبدالله حفظه الله ، بدلاً من كونه الخاصرة الضعيفة ، أليس كذلك ؟
إنه الإقتصاد دولة الرئيس ، يسُر الشعب الأردني أن يتعرَّف على تفاصيل هذه المشاريع (التي صرحت بها في دافوس 2023) وقيمتها المضافة على الإقتصاد الكلي من زيادة الناتج المحلي ومساهمتها في دعم الموازنة ونسبة العجز التي ستعمل على تخفيضه والفرص الوظيفية الجديدة .
بَذَلت جُهد شخصي إستقصائي بصفتي مراقب سياسي ، حيث عملت على زيارة موقع رئاسة الوزراء ووزارة الإستثمار ، وكذلك وزارة التخطيط ، ولم أجد لها أثر من المهم أن تكون مشاركة الأردن في هذا المؤتمر الهام مفيدة ومجدية ومؤثرة لدى المشتثمرين ومؤسسات التصنيف الإئتماني ومجموعة البنك الدولي ، كذلك لم أجد أي حقيبة إستثمارية أردنية ، أو نظرة عامة حول الإستراتيجية الإقتصادية الأردنية أو بالحد الأدنى نبذة عن ملامح الإقتصاد الأردني ومؤشراته الواعدة ، لتعزيز النظرة الجاذبة للإستثمارات الدولية خاصة صناديق الإستثمار السيادية العالمية والخليجية على وجه الخصوص.
المُراقب العام يلحظ أن صناديق الثروة السيادية من دول الخليج وكذلك سنغافورة، قد ساهمت في تعزيز مستويات الإستثمار على الرغم من ظروف السوق الصعبة التي تسبَّبت في تقلُّص قيمة أصول الصناعة الخاضعة للإدارة ، تصدَّر المشهد جهاز أبوظبي للإستثمار وصندوق الإستثمارات العامة السعودي وكذلك مؤسسة الخليج للإستثمار على المحك والأولوية في مصفوفة عمل الفريق الإقتصادي الحكومي كيف نستفيد من بناء شراكات إقتصادية حقيقية مع صناديق الثروة السيادية الخليجية يمكنها أن تعوِّض الخسائر في ظل الركود والتضخم العالمي ، تحكمها المصالح الخاصة للدول فيظل برنامج محدداته حوكمة الإدارة والشفافية وآلية عمل تُعزِّز المصداقية والموثوقية بإدارة تشاركية ، والإتفاق على كيفية عمل الصناديق السيادية وكيف يمكنها أن تعزز إقتصاد الأردن وإقتصاداتها في نفس الوقت ؟
خطر على بالي ، هل مشاركة الأردن من باب العلاقات العامة أم جهد سياسي لدعم الإقتصاد الوطني ؟ القيادة الحقيقية تجعل من كل أزمة أو خطأ جسيم في الإدارة الحكومية فرصة للتصحيح والتغيُّر والتطوُّر المستدام.
الرئيس التنفيذي / مرصد مؤشر المستقبل الإقتصادي
anwar.aak@gmail.com