التحول الديمقراطي بأسلوب محافظ
طاهر العدوان
جو 24 : استكمالا لمقالة امس في البحث في أحوال الربيع العربي وتغير مسمياته مع تبدل وزن وتأثير القوى المنخرطة فيه او ضده يأتي دور الحديث عن نماذج اخرى منه مثل الربيع المغربي والربيع الاردني.
في هذين البلدين اللذين يسودهما نظام ملكي جرى التعامل مع الربيع العربي فيهما بأسلوبين، الاول اعتراف بالمطالب الإصلاحية للشعب والثاني دخول باب التحول نحو الديمقراطية، وبالطبع النتائج مختلفة ومتباينة في البلدين لأسباب تاريخية من اهمها، ان الأحزاب في المغرب قوية ولها برامجها وامتداداتها الشعبية لانها وجدت قبل الاستقلال وتجذر وجودها في الحياة السياسية بلا انقطاع وهو ما يجعل عملية التحول الديمقراطي أسهل.
في الاردن جاء الاعتراف بالربيع الاردني من رأس الدولة بل لقد اعتبر الملك في معظم تصريحاته وأوراقه النقاشية ان الاردن كان ينتظر هذا الربيع من اجل التحول نحو الإصلاحات السياسية والاقتصادية « لقد كان الإصلاح بحاجة الى من يقرع الجرس وهذا ما فعله الربيع العربي « من مقال منشور للملك في مجلة وورلد بولسي.
لقد اختار الاردن طريق التحول نحو الديمقراطية بأسلوب محافظ غير راديكالي وهو ما ادى الى تجنيبه فوضى الربيع ونار عنفه، غير ان «هذا التغيير نحو الإصلاح واجه منذ البداية مقاومة من أصحاب المصالح في حين وقف البعض خارج العملية ينتقدون ويرفضون الانخراط في الحوار والتغيير « كما وصف جلالته.
لقد حقق أصحاب المصالح بعض أهدافهم في تباطؤ الإصلاح لأنهم بالأساس لا يهتمون بالديمقراطية فيما ادى رفض الاخوان المسلمين المشاركة بالانتخابات الى زيادة العقبات التي تواجه عملية الإصلاح.
اليوم قد يبدو الطريق طويلا امام إنجاز التحولات الديمقراطية لكن الفرص كبيرة لتغليب عوامل النجاح على الفشل، منها ان هناك إرادة من الملك بالسير على هذا الطريق، بفكر ونهج ديمقراطي تكشف عنه ( الأوراق الملكية الأربع وتصريحاته ومقالاته العديدة ) التي لا تتحدث بالعموميات، انما ترسم برنامجاً وخريطة طريق قابلة للتنفيذ بشكل تدريجي، يؤدي اذا ما نفذ الى توطيد أهداف التحول الديمقراطي «نحو ملكية دستورية جامعة ونظام سياسي نيابي مرتكز على الدستور».
من عوامل النجاح أيضاً طبيعة المجتمع الاردني المتمسك بقيم الاعتدال ورفض العنف بكل مبرراته وصوره، وليس صحيحا ان الأعمال القمعية والوحشية التي تثير الرعب في سوريا ستدفع الاردن والأردنيين الى التراجع عن طريق الإصلاح، على العكس فان نجاح الدولة في تجاوز التأثيرات السلبية للربيع العربي من خلال التعامل الحضاري مع مطالب الشعب امر يدعو الى تشجيعها-اي الدولة-على مواصلة عملية الإصلاح والتحول.
ما يحدث في سوريا وغيرها يؤكد نجاعة الاعتدال والاستماع الى صوت الناس، فالدولة الحكيمة هي التي تسعى الى تجنب كل ما من شأنه ان ينشر الاستياء والسخط بين صفوف الشعب كضمانة ضد الفوضى غير محسوبة.
وأخيراً تبدو الحاجة ملحة لاجراءات تبني الثقة الشعبية بالإصلاح وترسيخ القناعة بان الدولة تسير بالفعل على نهج بناء المؤسسات الديمقراطية المنشودة، المحددة آليات انجازها في خارطة الطريق الملكية.
الى جانب استنهاض الوعي الشعبي باهمية الانخراط في تيارات وأحزاب قادرة على تشكيل كتل نيابية برامجية في الانتخابات، والى ضرورة توقف الاسلاميين عن عادة مقاطعة الانتخابات التي لم تثبت اي قدرة على أحداث اختراق او تغيير.
(الرأي)
في هذين البلدين اللذين يسودهما نظام ملكي جرى التعامل مع الربيع العربي فيهما بأسلوبين، الاول اعتراف بالمطالب الإصلاحية للشعب والثاني دخول باب التحول نحو الديمقراطية، وبالطبع النتائج مختلفة ومتباينة في البلدين لأسباب تاريخية من اهمها، ان الأحزاب في المغرب قوية ولها برامجها وامتداداتها الشعبية لانها وجدت قبل الاستقلال وتجذر وجودها في الحياة السياسية بلا انقطاع وهو ما يجعل عملية التحول الديمقراطي أسهل.
في الاردن جاء الاعتراف بالربيع الاردني من رأس الدولة بل لقد اعتبر الملك في معظم تصريحاته وأوراقه النقاشية ان الاردن كان ينتظر هذا الربيع من اجل التحول نحو الإصلاحات السياسية والاقتصادية « لقد كان الإصلاح بحاجة الى من يقرع الجرس وهذا ما فعله الربيع العربي « من مقال منشور للملك في مجلة وورلد بولسي.
لقد اختار الاردن طريق التحول نحو الديمقراطية بأسلوب محافظ غير راديكالي وهو ما ادى الى تجنيبه فوضى الربيع ونار عنفه، غير ان «هذا التغيير نحو الإصلاح واجه منذ البداية مقاومة من أصحاب المصالح في حين وقف البعض خارج العملية ينتقدون ويرفضون الانخراط في الحوار والتغيير « كما وصف جلالته.
لقد حقق أصحاب المصالح بعض أهدافهم في تباطؤ الإصلاح لأنهم بالأساس لا يهتمون بالديمقراطية فيما ادى رفض الاخوان المسلمين المشاركة بالانتخابات الى زيادة العقبات التي تواجه عملية الإصلاح.
اليوم قد يبدو الطريق طويلا امام إنجاز التحولات الديمقراطية لكن الفرص كبيرة لتغليب عوامل النجاح على الفشل، منها ان هناك إرادة من الملك بالسير على هذا الطريق، بفكر ونهج ديمقراطي تكشف عنه ( الأوراق الملكية الأربع وتصريحاته ومقالاته العديدة ) التي لا تتحدث بالعموميات، انما ترسم برنامجاً وخريطة طريق قابلة للتنفيذ بشكل تدريجي، يؤدي اذا ما نفذ الى توطيد أهداف التحول الديمقراطي «نحو ملكية دستورية جامعة ونظام سياسي نيابي مرتكز على الدستور».
من عوامل النجاح أيضاً طبيعة المجتمع الاردني المتمسك بقيم الاعتدال ورفض العنف بكل مبرراته وصوره، وليس صحيحا ان الأعمال القمعية والوحشية التي تثير الرعب في سوريا ستدفع الاردن والأردنيين الى التراجع عن طريق الإصلاح، على العكس فان نجاح الدولة في تجاوز التأثيرات السلبية للربيع العربي من خلال التعامل الحضاري مع مطالب الشعب امر يدعو الى تشجيعها-اي الدولة-على مواصلة عملية الإصلاح والتحول.
ما يحدث في سوريا وغيرها يؤكد نجاعة الاعتدال والاستماع الى صوت الناس، فالدولة الحكيمة هي التي تسعى الى تجنب كل ما من شأنه ان ينشر الاستياء والسخط بين صفوف الشعب كضمانة ضد الفوضى غير محسوبة.
وأخيراً تبدو الحاجة ملحة لاجراءات تبني الثقة الشعبية بالإصلاح وترسيخ القناعة بان الدولة تسير بالفعل على نهج بناء المؤسسات الديمقراطية المنشودة، المحددة آليات انجازها في خارطة الطريق الملكية.
الى جانب استنهاض الوعي الشعبي باهمية الانخراط في تيارات وأحزاب قادرة على تشكيل كتل نيابية برامجية في الانتخابات، والى ضرورة توقف الاسلاميين عن عادة مقاطعة الانتخابات التي لم تثبت اي قدرة على أحداث اختراق او تغيير.
(الرأي)