نهاية قسرية لـ «كردي سويس» .. المسبحة تنفرط
محمود مشارقة
جو 24 :
يبدو أن أزمة القطاع المصرفي العالمي لم تنته بعد .. الأسواق تتهاوى والخوف ينتاب المستثمرين من فصل جديد لانهيارات البنوك بعد النهاية القسرية لبنك كريدي سويس.
استفاق المستثمرون اليوم على خبر سقوط ثاني أكبر بنك في سويسرا، وإستحواذ منافسه الكبير "يو بي إس" عليه مقابل 3.2 مليار دولار ، في خطوة دعمها البنك المركزي السويسري لإنقاذ البنك المنهار والذي هوت أسهمه 63 % ،وبهدف ضمان حماية القطاع من الانهيارات السريعة التي تشهدها بنوك مماثلة في الولايات المتحدة.
خبر الاستحواذ كان سعيد للبنوك المركزية التي عبرت عن ترحيبها بالخطوة، لكن سرعان ما تحولت الفرحة إلى قلق وخوف من انكشاف بنوك وشركات وصناديق استثمارية عالمية على البنك المنقرض.
قائمة الضحايا للانهيار تطول ، وتشمل شركات التأمين لسندات كريدي سويس والسندات الثانوية، المسماة بسندات "إيه تي1"، حيث سيخسر حاملوها أموالهم المستثمرة بالكامل ،ما يعني فقدانهم 17 مليار دولار في يوم واحد.
السبب في خسارة المستثمرين الكبار أموالهم هو أن الجهة التنظيمية للقطاع المالي في سويسرا قدرت قيمة السندات الإضافية التي أصدرها كريدي سويس من الفئة الأولى بقيمة اسمية 17 مليار دولار عند الصفر، وهذا يشير إلى أن حاملي سندات البنك لن يحصلوا على الحماية التي سيحصل عليها المساهمون عند استكمال صفقة الاستحواذ قبل نهاية العام الجاري.
الخوف اليوم من ظهور أزمة الديون مرتفعة العائد التي تصدرتها البنوك الكبرى، والتي ستفضي إلى تبخر أموال المستثمرين وستنعكس آثارها على قطاعات أخرى ، ما يعني انفراط المسبحة وانتقال عدوى الأزمة إلى الاقتصاد العالمي مما يبقي شبح تكرار سيناريو الأزمة المالية التي حدثت في 2008 قائما.
الاندماج الاجباري الذي حدث في سويسرا مدعوم بضمانات حكومية ضخمة ووعود بضخ سيولة لتسهيل التخلص من خسائر تفوق 5.4 مليار دولار ، وهذا الاستحواذ يعني إضافة أعباء جديدة لبنك يو.بي.إس ، لأن الصفقة باختصار سترحل مشاكل كريدي سويس إليه ، وتتمثل التحديات في تسريح العمالة والتخلص من سلسلة الفضائح التي ساورت أنشطة ثاني أكبر البنوك السويسرية قبل انهياره وخصوصا شائعات الفساد والرشاوى وغيرها.
عند الانتهاء من إتمام صفقة الاستحواذ هناك احتمالات بأن ينقل عملاء قسم إدارة الثروات في البنك المنهار بعض أصولهم إلى بنك آخر وأن تتزايد مخاوفهم من تركز أصولهم في بنك واحد، مما يعني أن العالم سيشهد تغيرات وشيكة في سوق إدارة الثروات قريبا.
تخيل أن تستيقظ يوما على خبر إفلاس البنك الذي تودع فيه مدخراتك، والتي لا تساوي شيئا بالمقارنة مع أصحاب الودائع الكبيرة، وأن عليك انتظار الفرج حتى استعادة أموالك واستثماراتك عبر إجراءات التسوية، ربما ستشعر بالأسى للحظة لكن ستحمد الله في المحصلة بأنك لست من أصحاب السندات الاستثمارية التي تبخرت ملياراتهم في ساعات.