jo24_banner
jo24_banner

قانون المسؤولية الطبية والصحية في مهب الريح: سياسة حكومة أم فشل وزير صحة!؟

قانون المسؤولية الطبية والصحية في مهب الريح: سياسة حكومة أم فشل  وزير صحة!؟
جو 24 :
 



خاص - بعد مخاض عسير استمر حوالي عقدين من الزمن، صدر قانون المسؤولية الطبية والصحية رقم (٢٥) لسنة ٢٠١٨ في الجريدة الرسمية بتاريخ ٢٨/٥/٢٠١٨ وذلك لحماية اطراف المنفعة(مُقدم الخدمة ومتلقيها ومكان تقديمها)  من خلال تنظيم العلاقة بينهم.

استكمالأ للإجراءات تم تشكيل اللجنة الفنية العليا بموجب المادة ٩/أ من ذلك القانون بتاريخ ٢٣/١٠/٢٠١٨ وتسمية أمين للسر، وقام أعضاؤها بأداء القسم أمام وزير الصحة بتاريخ ٣٠/١٢/٢٠١٨، حيث انتخبت رئيساً ونائباً للرئيس في أول اجتماع لها بتاريخ ٣٠/٠١/٢٠١٩ لتقوم بالواجبات الموكولة إليها بموجب المادة ٩/ج من ذات القانون وهي: النظر بالشكاوى المقدمة من متلقي الخدمة أو ورثته أو وليه أو وصيّه إلى وزير الصحة أو النقابة المعنية بحق مقدم الخدمة ورفع  القرار بشأنها إلى الوزير أو النقابة المعنية، وكذلك تقديم الخبرة الفنية في الدعوة أو الشكوى بناءً على طلب الجهات القضائية المختصة، وذلك بعد أن تقوم بتشكيل لجان فرعية متخصصة من خارج أعضائها لإبداء الرأي في هذه الشكاوى والقضايا. حيث  بلغ عدد أعضاء اللجان الفرعية المتخصصة الذين تم تسميتهم حتى تاريخه حوالي (350) شخص بعد أن توفى عدد منهم واعتذر عدد كبير لأسباب نوردها لاحقا!.

خاطب وزير الصحة الجهات المعنية بكتابه رقم ١٧/٢/١١٤٧٠ تاريخ  ١٠/١٢/٢٠١٨ جاء فيه: نظراً لسريان مفعول قانون المسؤولية الطبية والصحية "فإنه على الرغم مما ورد في أي تشريع آخر فإن أعمال اللجنة الفنية العليا هي المعتمدة لغايات تقديم الخبرة الفنية المتعلقة بالأخطاء الطبية أمام الجهات القضائية المختصة، وأصبح وجود إية لجان فنية أخرى مُشكَّلة لهذه الغاية غير قانوني".

وبموجب المادة (١٧) من القانون صدر نظام صندوق التأمين ضد أخطاء المسؤولية الطبية والصحية رقم (١٠٣) لسنة ٢٠١٩ في الجريدة الرسمية بتاريخ ١/٥/٢٠١٩ حيث نصت المادة (٦/د)  : تُحدد مكافآت أعضاء اللجنة وأمين سرها وأعضاء اللجنة الفنية العليا، واللجان الفرعية بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الرئيس والمقصود (رئيس المجلس الصحي العالي / وزير الصحة).
استغرقت إجراءات عملية تحديد قيمة المكافآت المذكورة من مراسلات واستشارات ولحين صدور قرار مجلس الوزراء رقم ( 4996) بتاريخ 19/12/2021 بتحديد قيمة هذه المكافآت والأذن بالصرف فترة زمنية حوالي السنتين، حيث ورد في القرار عبارة (صرف المكافآت اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار) كما تم تكليف وزير الصحة في نفس القرار برفع تقرير إلى مجلس الوزراء حول عدد الاجتماعات التي عُقدت من قبل اللجان وعدد القرارات والتقارير التي صدرت عنها منذ تاريخ بدء عملها ومقدار المكافآت المستحقة.

وعندما تم توجيه الأمر من  الوزير إلى لجنة ادارة الصندوق بالصرف أصدرت  اللجنة (فتوتها الأولى) جاء فيها بأن: قرار مجلس الوزراء أعلاه ألغى جميع حقوق أعضاء اللجان المذكورة وعددهم آنذاك كان حوالي (٢٠٠) شخص عن الفترة التي سبقت تاريخ صدور ذلك القرار وهي (٣) سنوات ،وكان قد صدر عن هذه اللجان حوالي (240) قرار، وتقرير خبرة خلال (52) جلسة للجنة الفنية العليا أثناء تلك الفترة، علماً بأن الرأي القانوني في الوزارة بيّن أن عبارة (اعتبارًا من تاريخه) المذكورة في قرار مجلس الوزراء هو تاريخ الإذن بالصرف أما الاستحقاق فهو من تاريخ  بداية العمل الفعلي وحسب ما أتى بكتاب وزير الصحة عند طلبه صرف المستحقات!؟، وإنه لا يمكن أن يقوم مجلس الوزراء ولأي سبب بحرمان أشخاص من حقوقهم المشروعة حسب التشريعات النافذة مقابل عملهم الفني.

ورغم ذلك أصرّت لجنة إدارة الصندوق على رأيها (دون سند قانوني) وطالبت بأن يقوم مجلس الوزراء بإصدار قرار جديد يُذكر به (نصاً صريحًا) بأن يكون الصرف من تاريخ بداية العمل، وهذا يؤشر إلى إتهام مُبطن للحكومة  بالنية للكسب غير المشروع (إثراء بلا سبب).

للأسف باءت جميع المحاولات لإقناع لجنة الصندوق بأن طلبها غير قانوني بالفشل كما أن وزير الصحة / رئيس المجلس الصحي العالي لم يحسم الأمر استنادا على مطالباته السابقة ،وبناءً على الرأي القانوني من الوزارة و بدلاً من ذلك (تماشى) مع رأي لجنة الصندوق، وخاطب رئاسة الوزراء ليأتي الرد بعد حين بكتاب موقع من رئيس لجنة الخدمات والبنى التحتية والشؤون الاجتماعية رقم 10/2/2/77143 تاريخ 19/10/2022 والمتضمن صرف مبلغ مقطوع عن فترة ال (٣) سنوات المذكورة وهنا تُثار التساؤلات والشكوك حول حضور وزير الصحة ودوره شخصياً في هذه العملية غير القانونية !؟.

وهنا تعود لجنة الصندوق  لتصدر (فتوى رقم 2)  وأيضا بدون (سند قانوني) بتقدير المبلغ المقطوع المذكور بكتاب لجنة الخدمات بـ (٧٥٪) من مستحقات أعضاء اللجان عن تلك الفترة!؟ لتتبعها ب(فتوى رقم 3)  والتي جاء فيها  بأن أعضاء اللجان والخبراء من القطاع العام (الجامعات والخدمات الطبية ووزارة الصحة) لا تنطبق عليهم شروط الخبراء!؟ كونهم موظفون قطاع عام وبالتالي فإن قيمة الأتعاب التي يجب ان تُصرف لهم بدل خبرة لا ينطبق عليها قرار مجلس الوزراء وإنما ينطبق عليهم نظام المكافآت المعمول به لدى وزارة الصحة.

تابعت لجنة الصندوق  إصدار الفتاوي  حيث طلبت (بالفتوى رقم 4)  ضرورة تزويدها بكتب دعوة أعضاء اللجان الفرعية المتخصصة للاجتماعات وأوقات اجتماعات ومحاضر كل جلسة للخبراء، وكل ذلك بعلم وموافقة وزير الصحة علماً بأن ذلك الطلب لا يخضع لأي منطق ومبدأ ولا لأية تشريعات كون الخبراء يقوموا بدراسة الملفات ومناقشتها وكتابة الرأي الفني  بسرية تامة  حسب المادة (11) من قانون المسؤولية الطبية والصحية، وحسب ما يرونه مناسباً  وخاصة من  حيث الزمان والمكان كما يقوم بذلك جميع الخبراء!؟

لم تقف لجنة الصندوق عند هذا الحد بل أصدرت (فتوى رقم 5) وهي بعدم قانونية جميع  قرارات وزير الصحة، ورؤساء مجالس النقابات المهنية والصحية والجهات القضائية بتحويل القضايا والشكاوى إلى اللجنة الفنية العليا والتي كان بها تاريخ الواقعة (تاريخ حدوث المشكلة) قبل صدور القانون والبالغ عددها حوالي (٦٠٠) شكوى وقضية من أصل (٩٥٠) قضية حولت للجنة الفنية العليا، وبناء على ذلك اصدرت لجنة الصندوق فتوى رقم (٦) بإن الخبراء الذين قاموا بدراسة هذه القضايا لا يستحقوا أية مستحقات مالية!؟ بحجة ان تاريخ الواقعة كان قبل صدور القانون!؟- هذا وان كل ما  ذُكر من فتاوى للجنة الصندوق لا يدخل في مهامها!-  .علما  بأن بعض المسؤولين الماليين في المجلس الصحي العالي (مقر الصندوق) ارتأوا أن يُطلب رأي ديوان المحاسبة بقانونية تصرفات (فتاوى) لجنة الصندوق، وكذلك بكتاب رئيس لجنة الخدمات والبنية التحتية والشؤون الاجتماعية بصرف مبلغ مقطوع من المبالغ المستحقة وليس صرف كامل المبلغ المستحق كما هو (الأجر مقابل العمل).  في الوقت الذي ذهب  فيه  بعض مستشاري وزير الصحة، وعند مناقشة هذه الأمور الى أبعد من ذلك بقولهم (يروحوا يولّوا) والمقصود هنا أعضاء اللجان الذين يطالبون بحقوقهم.

ترتب على ما سبق وخلال الفترة الماضية رفض وعزوف مُعظم الأطباء عن المشاركة في عضوية اللجان الفرعية المتخصصة،  كما اعتذر عدد كبير من الأعضاء الذين أدوا  القسم عن الاستمرار في المشاركة في عمل هذه اللجان، وعن استلام الملفات الخاصة بالقضايا والشكاوى، والتأخر باعداد التقاير، وكذلك عدم اجابة الطلبات القضائية عند استدعائهم من قبل هذه الجهات بخصوص التقارير التي قاموا بتحريرها.

 بديهيًا أدى ذلك الى تعطل العمل و تراكم القضايا مع تولد الأحباط لدى أصحاب الشكاوى والقضايا والجهات القضائية,الشيء الذي اثار العديد من الشكوك حول جدية وزير الصحة وقدرته على تنفيذ احكام القانون مع ما ترتب على ذلك من آثار سلبية وخلافاً للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى ضبط جودة وسلامة تقديم الخدمات الصحية للمواطن من خلال التعاون بين جميع المؤسسات ذات العلاقة.

هذا وهدد اعضاء هذه اللجان بتوقيع عريضة بشكل جماعي ورفعها الى وزير الصحة لإبلاغه بالتوقف عن العمل بشكل كامل لحين صرف مستحقاتهم المالية كاملة وامهال الوزير مدة اسبوعين حيث بينوا أنهم قاموا بالمهام الفنية الموكولة اليهم وتحملوا المسؤولية الاخلاقية والقانونية تجاه ذلك إلى جانب  تعرضهم  للتهديد هم وأفراد عائلاتهم  من قبل أطراف الشكاوى ،رابطين إستئناف مهامهم بشرط وجوب صرف مستحقاتهم المالية كاملة ومنذ بدء عملهم وبغض النظر عن تاريخ الواقعة ومكان العمل وحسب القانون وانه ليس لهم علاقة بأي من هذه الفتاوى التي صدرت بهذا الخصوص وان عدم صرف مستحقاتهم كاملة يُعتبر "اثراء بلا سبب" ويندرج تحت بند شبهة فساد.

 وأكدوا نيتهم اللجوء الى القضاء للمطالبة بمستحقاتهم مع الفائدة المترتبة .متسائلين لماذا يتم صرف المستحقات المالية من مياومات وبدل جلسات كأعضاء لجان لوزير الصحة والأمناء العامين للوزارة وللمجلس الطبي وللمجلس الصحي العالي و جميع اعضاء اللجان الأخرى و في نهاية كل جلسة و بينما لا يصرف لأعضاء اللجنة الفنية العليا و اللجان الفرعية المتخصصة. علمًا بانه و منذ بداية عمل هذه اللجان و لغاية تاريخه أي بعد مرور (اربعة سنوات ونصف) ورغم الظروف الصعبة التي مرت بها وطبيعة عملها استطاعت هذه اللجان ان تُصدر قرارتها و تقاريرها في (٥٥٠) شكوى و قضية من اصل (٩٥٠) التي حُولت الى اللجنة الفنية العليا و في نفس الوقت لغاية تاريخه لم يُصرف الى أعضاء هذه اللجان و لا فلس من مستحقاتهم المالية.

المطّلعون على هذا الشأن و المتابعون لتصرفات وزير الصحة من الجهات المعنية و على ضوء  اللغط و الشبهات التي حامت حول الطريقة التي تعامل بها الوزير عند اعادة تسمية اعضاء اللجنة الفنية العليا قبل فترة يُرجحون ان كل ذلك يتم عن تخطيط وتفاهم وتنسيق بين وزير الصحة رئيس المجلس الصحي العالي ولجنة الصندوق تمهيداً لإلغاء القانون أو إضعافه وذلك تحت ضغط جهات محلية لها مصلحة بذلك  من جهة وحماية لفئة الأطباءالقادمة إلى الأردن تماشيا مع مواد مشبوهة في قانون المجلس الطبي الاردني الجديد  رقم (18) لسنة٢٠٢٢.

 أو أن ذلك يندرج تحت مفهوم سوء وضعف إدارة ودراية وسوء معرفة على مدى السنتين الماضيتين من قبل الوزير ولجنة الصندوق...، وهنا تجدر الأشارة بأنه ليس بالضرورة أن تكون فاسدًا أو سارقاً لتؤذي وتُدمر!.


تابعو الأردن 24 على google news