2024-05-28 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الملثمون وتقويض الإعلام المستقل.. الحراسيس نموذجاً

الملثمون وتقويض الإعلام المستقل.. الحراسيس نموذجاً
جو 24 : كتب - عدنان برية - ينطوي تعرض الزميل الصحافي أحمد الحراسيس (من موقع Jo24) لاعتداء قوات الدرك، لدى تغطيته فعالية احتجاجية في حي الطفايلة ليل الاثنين، على مؤشرات خطيرة تشي أن الاعتداء يأتي في سياق مبرمج ومخطط له سلفا، ولا يعكس بحال من الأحوال حالة انفعالية لدى المعتدين.

في التفاصيل، الحراسيس أبلغ قوات الدرك بأنه "صحافي"، وسلمهم "البطاقة الصحافية"، ورغم ذلك ازدروه بكلام نابذ، وصولاً إلى اعتداء نحو 7 "ملثمين من الدرك" عليه بالضرب والركل، ومن ثم إلقاءه على قارعة الطريق في حالة ترقى إلى الإغماء، والغريب أن مركز الشرطة رفض – قبل تدخل جهات – قبول شكايته بدعوى أنها مقدمة ضد جهاز أمني.

الاعتداء على الحراسيس جاء في سياقين اثنين، الأول: سياق رسمي ينظر إلى الإعلام بعين حاقدة، ولا يتوانى لحظة عن الاعتداء على الصحافيين، سواء بالضرب أو التوقيف أو التهديد أو المنع من القيام بالعمل، وصولا إلى الحظر من ممارسة المهنة بأساليب متعددة، والأمثلة في هذا كثيرة؛ والسياق الثاني: هو سياق لحظي يأتي متزامنا مع شعور النظام بتجاوز عتبة الربيع الأردني، وأنه بات في منأى من إرادة الشعب، ومأمن منها، وكذلك احساسه بالقوة الأمنية، دون أن يكون لذلك صلة بالشرعية، وهو ذات السياق الذي جاء فيه اعتقال الحراكيين وتوقيف الصحافيين، وهنا مكمن الخطورة الحقيقية.

ينطوي سلوك قوات الدرك على عنجهية وغطرسة عمياء، إذ كيف لدركي أن تسول له نفسه الاعتداء على صحافي لطمس الحقيقة ومنعها عن الجمهور؟، من المؤكد أن هذا لا يكون دون أوامر من قيادته، ما يعني أن الإعلام المستقل الآن أمام خيارين اثنين، الأول: قلم مكسور وأخبار جاهزة للنشر وفق الوصفة العرفية؛ والثاني: مواجهة مفتوحة مع مرتكزات النهج البوليسي، هدفها كسر القيد الأمني المفروض على الإعلام.

صحيح أن الحراسيس تمكّن – في النهاية – من تقديم شكوى رسمية ضد الدركيين المعتدين، لكنها شكوى ضد ملثمين من الدرك، لا يحمل أيا منهم علامة فارقة تميزه عن غيره من العاملين في هذا الجهاز، وهو ما يمنح المعتدين حصانة من المحاسبة والمحاكمة، فضلا عما يعنيه هذا الأمر من ممارسة غير قانونية، تفتح المجال واسعا لأسئلة من نوع: "كيف يمكن اثبات تجاوز دركي أو مجموعة من الدرك على القانون لدى القيام بالمهام الموكلة إليهم؟"، و"هل يُطبِّق أو يَفرِض القانون رجال فوق القانون والمساءلة؟"، و"إلى أي مدى يحترم النظام نفسه باستخدام ملثمين مجهولين لتنفيذ رؤيته الأمنية؟".

لا اعتقد أن جهازا أمنيا فوق القانون، وأفراده فوق المساءلة، يمكنه المساهمة في بناء دولة تحترم إنسانها، وتحمي حقه في المعرفة والتعبير.

النظام والجهاز الأمني لم يدركا بعد أن الهراوة فقدت غِلظتها، وأن الشعب لم يعد يتوجّس خشية، وأن الدولة البوليسية فشلت وانهارت، وأن الإعلام لم يعد في عهدة العرفيين فقط؛ لذا على الجهاز الأمني – والدرك - الاعتراف فورا بارتكاب بعض أفراده حماقة لا تغتفر، وإعلان البدء بمحاسبتهم أمام الرأي العام الأردني؛ فيما الإعلام المستقل مطالب بالدفاع عن دوره ومكانته، وإعلان انحيازه للحقيقة المطلقة ولحق الأردنيين بالمعرفة، حتى وإن اضطر إلى ارتداء قميص من جمر.
تابعو الأردن 24 على google news