الرقابة على الأعمال المقدمة للطفل في مواقع التواصل الاجتماعي ضرورة ملحة
خولة كامل الكردي
جو 24 :
ما نراه في مواقع التواصل الاجتماعي من أعمال مقدمة للطفل يبعث على القلق، ويثير جدلاً واسعاً في مدى جدية هذه الأعمال في إيصال رسالة صحية وأمينة للطفل، الغالبية العظمى من هذه الأعمال فقدت بوصلتها وعجزت عن التفريق بين الشريحة المستهدفة وهم الأطفال وشريحة بعيدة كل البعد عن براءة ونقاء سن الطفولة! فلو أمعنا النظر نجد أنها تناقض أبسط أبجديات تعليم الطفل السلوكيات التي تناسب عقيدة المجتمع الذي يعيش فيه! فليس مبرراً أن يشاهد عملاً يسمى فنياً يعلمه الفوضى والتطفل على الآخرين، وتناول الطعام الغير الصحي وما أكثره على السوشيال ميديا وارتداء الملابس الغير محتشمة والتفاخر بذلك!
إن قيمنا ومبادئنا لا يمكن أن تجزأ وسنبقى نعلمها لأطفالنا جيلاً بعد جيل، وتوعيتهم بتلك الأعمال التي تشجع على سلوكيات مخالفة لشريعتنا السمحاء وللقيم التي تربينا عليها! فما معنى أن يكون هناك عملاً تتنافس فيه الفتيات الصغيرات على من ترقص أفضل من الاخرى؟! أين ضمائرنا؟! والأدهى والأمر التشجيع والدعم يتم من قبل الوالدين؟! أيوجد كارثة أعظم من ذلك؟! وفي النهاية نشتكي ونقول لماذا تغير أبناؤنا!! فهل هذه هي القيم التي نسعى لتأصيلها في أطفالنا؟! ألسنا مسؤولون أمام الله عن هذه الأمانة التي استودعها بين أيدينا؟!
أطفالنا أمانة في أعناقنا، وتلك الأفكار الدخيلة علينا لا نستطيع أن نوقفها بين ليلة وضحاها! ولكن نعول على ضمير مجتمعنا والنخب الوطنية المحبة لهذا الوطن وأبنائه، لا يمكن السماح بأي حال من الأحوال بتمرير تلك الأفكار الهدامة داخل بيوتنا، على عاتقنا أن نكون الحصن الحصين لأبنائنا ضد هذه الهجمة الشرسة التي تشن على قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، وحسبنا أن من يقوم بهذه الأعمال ربما جهلاً منه، أو سعياً وراء شهرة ومكاسب مادية صرفة وعليه أن يراجع نفسه.
أي عمل مقدم يجب أن يراعي فيه أولاً مخافة الله، وقائماً على أسس تربوية صحيحة، وكفانا جلداً للذات ونكرر أسطوانة نحن أمة غير متقدمة جامدة رجعية! وهل تكون الحضارة بالانسلاخ عن قيمنا ومبادئنا ؟! أم العمل الحثيث والمحموم لهدم نواة المجتمع الاطفال؟! وإلهاء عقله بأمور بأقل ما توصف بأنها لا تبني مجتمع بالعكس تساعد على تفكيكه وإضعافه! والأسوء أن أن يقوم بعرض تلك المشاهد هم الأطفال أنفسهم! فمن المسؤول؟! أين مسؤولية أولياء الأمور؟ أليس يندرج تحت مسمى استغلال الأطفال في أعمال تنافي الاخلاق وتجني على براءتهم؟! وتقتل طفولتهم بأعمال تدمر نفسيتهم وتدفعهم دفعاً نحو التمرد وانتهاج سلوكيات منافية للعادات والتقاليد الاجتماعية الأصيلة الموروثة.
أملنا أن تستيقظ ضمائرنا وندرك أن أي عمل يزمع تقديمه للطفل، يجب أن يكون مبنياً على أسس التربية السليمة، وليست مجرد فيديوهات تصور لمليء العالم الافتراضي لكسب مشاهدات وربح أموال ولو على حساب تحطيم القيم والاستهزاء بالمثل وهز الصورة النمطية للقدوة. نرجو أن تكون رسالتنا بمثابة رمي حجر لتحريك المياه الراكدة، وتحذير أولياء الأمور اختيار وفرز الأعمال التي يشاهدها الطفل في مواقع التواصل الاجتماعي، وكي لا نكون أول من نجني على أبنائنا ونحصد عواقب ذلك ندماً وحسرة.