ثقة النواب تفويضٌ للحكومة لرفع الاسعار!
د. حسن البراري - بعد أن حصلت حكومة فايز الطراونة على ثقة مجلس النواب، ستشرع حكومته واعتبارا من مطلع الاسبوع القادم برفع الأسعار. وبعيدا عن المداخلة التي قدمها رئيس مجلس النواب السيد عبدالكريم الدغمي والتي عبر فيها عن اعجابه الشديد بأداء مجلس النواب تحت قيادته، فأنه كان واضحا للقاصي والداني أن حكومة الطروانة في سباق مع الزمن من أجل تنفيذ المهمة الرئيسية الأولى لحكومته إلا وهي رفع الأسعار ورفع الدعم عن السلع. وبالتالي لا يمكن فهم الثقة المريحة وتطوع رئيس المجلس على منح الثقة (على خلاف الأعراف النيابية) إلا تعبيرا عن تفويض للحكومة للمضي قدما في سياستها غير الشعبية في البحث عن حل لعجز الموازنة على حساب المواطن.فلم يعلق الرئيس في رده على مناقشات على موضوع رفع الاسعار رغم ان الغالبية العظمى من النواب تطرقت الى هذا الامر وطلبت عدم الرفع . وبذلك يمكن ان نفهم ان الرئيس الطراونة ماض في خطته الى النهاية والنواب لم يقدموا ثقة مشروطة فهم جزء من البرنامج والخطة الحكومية .
ولجأت الحكومة إلى تأخير رفع الأسعار حتى نيل الثقة لتجنيب المجلس النيابي حرجا وبخاصة
مع وجود حالة من الاستياء العام وعدم الرضا اجتاحت المملكة بسبب برنامج حكومة الطراونة الذي يستهدف المواطن لاضافة اعباء جديدة عليه بدلا من البحث عن وسائل للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية التي ساهمت الحكومات في صنعها.
الغالبية العظمى من نقاشات النواب للبيان الوزاري كانت فارغة من اي مضمون أو حتى موقف حقيقي ينحازوا فيه للشارع، وقد يستاء المواطن الذي راقب عملية التصويت من السهولة التي حصلت فيها حكومة الطراونة على الثقة وبخاصة وان رئيس الحكومة لم يستجب لاي طلب من طلبات السادة النواب، فالذين منحوا الثقة بدوا وكأنهم وسط عرس وطني في حين أن واقع الحال يشير إلى أزمة قادمة ستندلع على الأغلب في الشارع. وحتى كلمة رئيس المجلس بعد نيل الحكومة للثقة ركزت على ابراز "محاسن" المجلس على اعتبار انه "افضل" مجلس نيابي في تاريخ المملكة على حد وصف السيد الدغمي، فالمراقب للجلسة والمستمع لكلمة الدغمي لم يجد تعاطفا أو انحيازا من قبل "ممثلي" الشعب لأوجاع الشارع.
على كل لقد تجاوز الأردنيون المجلس على اعتبار انه الأسوأ في تاريخ المجالس في التاريخ المعاصر للدولة الاردنية، ولهذا لم ينتطر أهل معان حتى يقول المجلس كلمة الفصل في قضية رفع الاسعار ونزلوا للشارع في مشهد ينبيء بأيام صعبة قادمة.
هناك من المراقبين من يتحدث عن سيناريو معد يهدف إلى تمرير مسألة الأسعار حتى تطبق الحكومة فيها على الشارع، وما التعيينات الأخيرة في الدولة إلا مؤشر على توجه جديد لدى الدولة لدفن الربيع الاردني مرة وللأبد، ويرى آخرون أن مسألة رفع الأسعار يجب أن لا تمر بسهولة لرفع الكلفة على كل من تسوّل اليه نفسه باستهداف العباد. فلعبة الاقتطاعات من رواتب المسؤولين لم تنطل على أحد، فهي لن توفر للموازنة ما يكفي لغض البصر عن سياسة رفع الدعم، فهي من أجل تسهيل توجيه ضربة للناس وازراقهم.
باختصار، لقد فوض المجلس الحكومة لرفع الاسعار، وسيأتي السادة النواب بعد اشهر للناس طلبا للانتخاب على اعتبار انهم مننقذي الشعب في حين ساهموا وتفننوا في اضعاف الحالة العامة بعد أن وضعوا لأنفسهم رواتب تقاعدية وحاولوا الحصول على جوازات حمراء وبيضوا ملفات الفساد بشكل غير مسبوق، ويأتي بعدها رئيس المجلس ليمتدح المجلس الذي عمق من أزمة الثقة بين المواطن والمؤسسة الوحيدة التي كان من المفروض ان تمثله وتدافع عنه وبالتالي سقط المجلس شعبيا تحت ضربات الربيع الاردني.