هل المطلوب تمرين وهمي أم محاكاة حقيقية؟
د. نضال المجالي
جو 24 :
النشاط الذي يهدف إلى التحكم بالمخاطر وتخفيضها إلى مستويات مقبولة هو أبسط مفاهيم إدارة الخطر. والأحداث أو الظروف غير المؤكدة الحدوث هي أبسط معاني الخطر، وكون المقال لا يتجاوز كلمات معدودة لن أخوض أكثر في المعنيين في وقت ان جالست الجميع فهم خبراء في توعيتك والتنظير بالمفهوم لدرجة تشعر بانهم اجتازوا مستويات من الخبرة العملية والعلمية بما يؤهلهم لرسم مستقبل آمن لحياتك وسياسة منيعة للخطر، في وقت لا تخلو حياتهم اليومية في كل دقيقة من فرصة حقيقية لحدوث ضرر ما سواء جسدي أو نفسي أو معنوي بما تملكه أو لك اتصال مباشر به أو غير ذلك، وأكبر شاهد على ذلك أرقام احصائية بين عدد الحوادث وتكرارها بين عدد الخطط ولجانها بين عدد التمارين ودقة نجاحها.
اليوم بين الطبيعة والبشر بين التكنولوجيا والحجر تسجل الأرض حوادث تستوجب الجاهزية، والتي تتجاوز القدرات الفنية والنفسية لتصل لواقع قبول «القدر» مع الدعاء بالتخفيف، هذا التخفيف والذي نعمل معا للوصول اليه، سواء بالأدوات أو المهارات أو الإمكانيات وفي جميعها غالبا ما أمكن ذلك، وتحقيق هذا التخفيف يتطلب اليوم جهدا تجاوز المفهوم الجماعي إلى التعاون والتخطيط والاستجابة العالمية، لاشتراك وامتداد الضرر لما هو أبعد من الحدود والمعابر برية وبحرية وجوية، سواء مرضا أو تلوثا أو تعديا أو خارجا عن السيطرة بشريا أم طبيعيا.
اليوم ما نعيشه هو محاكاة حقيقية للخطر. نعم؛ اليوم لم يعد التمرين الوهمي أكثر من فعالية مبرمجة تنتهي وفق برنامج واحداث ونتائج مكتوبة مسبقة، يقراها ويلتزم بها فريق أو مجموعة أو مؤسسة محددة، مما يضعف ولا يلغي مبادئ الاستناد العلمي عليها، سواء في التحكم أو التخفيض لمستويات الخطر، اليوم أصبح التعامل مع المخاطر والكوارث مسؤولية تستوجب ان تتم مشاركة ما هو مكتوب ومبرمج مع العامة بكل مستوياتهم معرفة ودورا، فالوعي بالمهمة مجتمعيا والتكليف بأدوار هو أكبر ضمانة للنجاح في تقليل حجم الخطر من منهجية اقتصار الخطة والتنفيذ على افراد ومؤسسات محددة كلنا يعلم أن دورها اساسي ولكن تحكمها قيود اذكر منها ما هو من قراءة تجارب كوارث ومخاطر سابقة متمثلا بالسؤال الاساسي وهو هل تملك هذه المؤسسات والأفراد اداة الوصول السريع العاجل في أي خطر للجميع؟ والجواب يختلف حسب وجهة نظر وموقع عمل كل فرد فينا، وما نلبث أن تتغير الاجابة عند تغير موقع العمل فيها.
محاكاة أحداث وكوارث المحيط القريب والبعيد التي نشهدها حديثا هي التمرين الحقيقي الذي يتطلب من جهة الاختصاص ان تجتمع مباشرة بخلية أزمة وتتعامل وتقرأ الحدث وكأنه واقع محلي، لترى هل هي قادرة على الاستجابة! لا انتقص ولا اقلل من الدور، ولكن أحاول أن أقول إن مجموعات تطوعية محلية كفؤة تملك بيانات وإمكانيات وإدارة تنسيق واستجابة في قرية نائية هم خلية الازمة الأقرب والاكفأ في الاستجابة في فكرة تقليل الخطر أو التحكم المحدود به، فسرعة الاستجابة والتعامل والقدرة والإمكانيات هي الأركان المطلوبة في هذه الحالات، وان اجابني أحد انها موجودة اقول ان ما تحدثت به يختلف عن مجموعة شبابية أو جمعية متطوعة تسجل مبادرات وتنشر صورا لنشاطاتها، ويتجاوز عظمة الجهد والدور الكبير لفرق الدفاع المدني التي لا مثيل لها.
المحاكاة للمخاطر تستوجب اليوم تعبئة نفسية للمجتمعات تنطلق منها لتدريب حقيقي وبيانات موثقة لمن هو جاهز للمشاركة لا الهروب، المحاكاة تتطلب تجهيزات عينية وإعلام مستمر فلا يكفينا أن نذكر المجتمعات بمراكز الايواء مثلا بعد وقوع الحادث، المحاكاة تستوجب منهاجا دراسيا وحصة شهرية في المدارس والجامعات والمساجد والأسواق وكل موقع تجمع ليكون التعامل مع الخطر أسلوب حياة لا معاناة.الغد