مصيره على المحك.. نتنياهو متهم بإتلاف وثائق إخفاقه بمعركة "طوفان الأقصى"
جو 24 :
حملت الشكوى التي قدمتها "الحركة الديمقراطية المدنية" في إسرائيل ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهمة إتلاف وحرق وثائق يمكن أن تدينه بالإخفاق في منع معركة "طوفان الأقصى"، السيناريوهات التي يواجهها بعد انتهاء الحرب على غزة.
وطالبت الحركة، في الشكوى التي قدمتها إلى المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية جلي ميارا، بفتح تحقيق في الشبهات المنسوبة إلى ديوان رئيس الوزراء بحرق وثائق بتعليمات من نتنياهو الذي منع علنا قيادة الجيش من تسجيل محضر جلسات المشاورات الأمنية المتعلقة بسير الحرب على غزة، وذلك خلافا لما هو سائد.
وعكس هذا السلوك سعي نتنياهو للتنصل من المسؤولية ودحرجتها إلى قيادة الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وخوضه صراعا على مستقبله السياسي، في ظل تراجع شعبيته واتساع الأصوات التي تطالبه بالاستقالة.
تهرب وتخبط
ويعتقد المحلل السياسي عكيفا الدار، أن التهم المنسوبة لنتنياهو -بإعطاء تعليمات بإتلاف وثائق ستُدينه بالإخفاق في منع الهجوم المفاجئ لحركة حماس- صحيحة وتعكس سياسته في التهرب من المسؤولية وتحميلها للجيش والأجهزة الأمنية.
وقال الدار -للجزيرة نت- إن ذلك يعكس حالة التخبط التي يعيشها نتنياهو، وعدم قدرته على اتخاذ قرارات "عقلانية" عند الأزمات، في محاولة منه لاستباق الأحداث وتجنب أية مسؤولية عند تشكيل لجنة تحقيق رسمية بعد انتهاء الحرب.
واستشهد المحلل السياسي بالقرار المعلن لنتنياهو بمنع قيادات الجيش من إجراء تسجيلات للمداولات الأمنية بشأن سير الحرب على غزة، في تعارض مع ما كان متبعا في المشاورات المتعلقة بالشؤون الأمنية والعسكرية.
واستعرض تُهما سابقة لنتنياهو بإصدار تعليمات لمقربيه بإتلاف مستندات تتعلق بتهم فساد وخيانة الأمانة والملفات التي يحاكم بها. وأكد أن نتنياهو، الذي فقد ثقة الإسرائيليين وحتى حزب الليكود الذي يتزعمه، لا يهمه إلا شخصه ومنصبه.
سيناريو استقالته
ورجح الدار أن نتنياهو، الذي يخشى الحروب والمواجهات الشاملة، سيسعى إلى إدارة الحرب على غزة بفتيل منخفض وتجنّب حرب شاملة مع حزب الله، لجر إسرائيل إلى لجنة تحقيق رسمية قد يستغرق عملها عامين لضمان بقائه بمنصبه.
لكن، لا يستبعد أن تفضي نتائج الحرب إلى انتخابات برلمانية بغضون عام، وهو ما سيضع نتنياهو على المحك، حيث يواجه صعوبات داخل حزبه وقد تتم الإطاحة به بانتخابات الكنيست. وفي هذا السيناريو "قد يطلب نتنياهو العفو ويتوصل إلى صفقة بالاستقالة واعتزال السياسية مقابل إلغاء محاكمته"، يضيف الدار.
بدوره، قال الصحفي الاستقصائي المتابع لقضايا الفساد العام مردخاي جيلات، إنه لا يستبعد مثل هذه الشبهات خصوصا وأن نتنياهو كانت له تجارب مماثلة وقضايا سابقة.
وأعاد صدق مثل هذه الشبهات إلى نهج نتنياهو منذ هجوم حماس المفاجئ على "غلاف غزة" ومستوطنات الجنوب، الذي تركز على المراوغة والتهرب من المسؤولية ودحرجتها إلى القيادات العسكرية والأمنية وأجهزة الاستخبارات.
مراوغة وتضليل
وقال جيلات إن طريقة نتنياهو في الهروب والتملص من المسؤولية باتت مسدودة بعد أن استنفدت بالكامل، وأكد أن "الجمهور الإسرائيلي لم يعد يثق به ولن يتمكن بعد الآن من خداع دولة إسرائيل بأكملها".
وأضاف الصحفي الاستقصائي أن نتنياهو بات يعي جيدا أن الجمهور الإسرائيلي ما عاد يصدقه، وأن إعلانه عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية بما حدث يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أو ما بات يسمى إسرائيليا بـ "السبت الأسود"، ما هو إلا تصريح للمراوغة والتضليل لامتصاص غضب الإسرائيليين.
والطرح ذاته تبناه محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر، الذي أوضح أن هناك انطباعا سائدا في صفوف أعضاء حزب الليكود ووزرائه بأن نتنياهو يخطط "لعملية احتيال" في غزة، وأنه لن ينفذ خطة الحرب بتقويض حكم حماس كما يريد المستوى العسكري، وذلك لمواصلة التهرب من تحمل مسؤولية الإخفاق في منع "طوفان الأقصى".
وأشار فيرتر -في حديث للجزيرة نت- إلى "ملامح تمرد خفي" داخل حزب الليكود ضد نتنياهو، في ظل تراجع شعبيته وتراجع القوة الانتخابية للحزب الذي تعززت قناعات مختلف قياداته بأن ما يهم نتنياهو هو النجاة والحفاظ على كرسي رئاسة الوزراء.
ريبة وخوف
وأضاف محلل "هآرتس" أن مختلف الأوساط السياسية والحزبية وحتى الجهات الأمنية والعسكرية تتابع تصريحات نتنياهو وتحركاته بريبة وخوف.
وقدّر أن نتنياهو لن يسمع للأصوات التي تطالبه بتحمل المسؤولية والاستقالة، وأنه لن يتخلى عن منصبه ولن يختفي من المشهد السياسي من تلقاء نفسه، وسيبقى يتصدر المشهد السياسي إلى ما بعد الحرب التي قد تستغرق طويلا.
وعزا ذلك إلى أن نتنياهو على قناعة بأنه يستطيع الخروج من هذه الأزمة سالما مثلما نجا من أزمات عديدة كان بالإمكان أن تطيح بأي سياسي آخر، ويعتقد أنه سيتجاوزها أيضا، حيث يركز جل اهتمامه فيما سيحصل باليوم التالي للحرب وليس على سير الحملة العسكرية.
المصدر : الجزيرة