الغموض يكتنف حجم الاستثمارات السعودية في سوق السندات الأميركية
جو 24 : بعد ثلاثة أسابيع عصيبة من الانتظار الطويل لنتائج مناورات الساسة الأميركيين تحت سقف البيت الأبيض حول رفع سقف الدين الأميركي، استعاد المستثمرون في سوق سندات الخزانة الأميركية أنفاسهم التي حبست طويلاً، بعدما توصل الجمهوريون والبيت الأبيض الذي يقوده الديموقراطيون لتسوية موقتة لخلافاتهم حول مستوى الدين العام، ونقل المعركة إلى ميزانية العام المقبل لينتشل الاتفاق أكبر اقتصاد في العالم من تخلف تاريخي عن سداد الديون كاد أن يهدد بحدوث كارثة مالية.
حجم الدين الأميركي
وفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية تجاوز مستوى الدين العام في الولايات المتحدة السقف القانوني السابق الذي وافق عليه الكونغرس من 16.7 تريليون دولار ليصل إلى 17.02 تريليون دولار، لكن هذا الدين مرشح للارتفاع بعد اتفاق 17 اكتوبر الماضي الذي منح وزارة الخزانة حرية الاقتراض من الأسواق للوفاء بالتزاماتها على أن يتوافق الجمهوريون والديمقراطيون على سقف جديد للدين، وعلى موازنة عام 2014.
قصة الخلاف
تعود قصة هذا الخلاف إلى بداية أكتوبر الحالي بعدما رفض الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي رفع سقف الدين، في خطوة يهدف من خلالها الجمهوريون إلى فرض تغييرات في قانون الرئيس باراك أوباما للرعاية الصحية، لكن هذا الرفض أدى إلى توقف أعمال الحكومة جزئياً لمدة 16 يوماً، وتسريح موقت لمئات الآلاف من العاملين في وكالات اتحادية إعتباراً من الأول من أكتوبر تشرين الأول، وسط مخاوف من أن تصبح الأزمات الناجمة عن خلافات سياسية هي السمة الجديدة في واشنطن.
وبعد معركة سياسية حبست أنفاس الاقتصاديين والساسة تم التوصل في اللحظات الأخيرة إلى تسوية في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي علق بموجبها السقف المحدد سابقاً للاستدانة حتى السابع من فبراير، ومنح وزارة الخزانة حرية الاقتراض من الأسواق للوفاء بالتزاماتها على أن يتوافق الجمهوريون والديمقراطيون على سقف جديد للدين، وعلى موازنة عام 2014، لتنهي بذلك إغلاقاً جزئياً للوكالات الحكومية، وتهيّئ العودة لاستئناف عمل الحكومة الأميركية بعد 16 يوماً من التوقف، وصدور أوامر الرئيس باراك أوباما لمئات الآلاف من الموظفين بالعودة إلى أعمالهم.
تعامل حاملي السندات مع الأزمة
لكن هذا الخلاف حرك مياه راكدة داخل أروقة مستثمري أذونات الخزانة الأميركية، وفتح أبواباً مغلقة حول مستقبل الاستثمار في سوق السندات الحكومية، وسط توقعات بأن يعود الجدل مرة أخرى إلى البيت الأبيض عند مناقشة ميزانية العام المقبل في فبراير 2014، وبين الحديث عن غموض المستثمرين ووضوحهم، فبكين والرياض مثالان مختلفان للتعاطي مع أزمة الدين الأميركي ومستقبل استثماراتهما.
السعودية
كان الصمت اللغة الأبرز لمسؤولي المؤسسات المالية السعودية "وزارة المالية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ومؤسسة النقد العربي السعودي" في الرياض، رغم أن السعودية تعد رابع أكبر مستثمري سوق سندات الخزانة الأميركية، وفقاً للتقديرات التي تصدرها مؤسسات مالية وبيوت خبرة عالمية، إذ لم تصدر "ساما" بيانات رسمية حول استثماراتها في أدوات الدين الأميركي، وتبرر "ساما" ذلك أنه من غير الملائم التحدث عن تفاصيل استثماراتها في أي دول حول العالم، لأنه في حال قيامها ببيع بعض هذه الاستثمارات والإعلان عنها قد يتسبب في حساسيات من هذه الدول حول سبب بيع هذه الاستثمارات، نظراً لمكانة السعودية في الاقتصاد العالمي.
وتشير التقارير الاقتصادية الى أن استثمارات السعودية التي تعتمد على النفط كمورد للعملات الصعبة تأتي في المرتبة الرابعة بعد الصين، اليابان، وبريطانيا، مقدرة حجم هذه الاستثمارات بنحو 229 مليار دولار، وتستثمر السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم قسماً كبيراً من إيراداتها في شراء أصول أميركية، ويعتقد أن غالبية الأصول الأجنبية الصافية للبنك المركزي، التي تبلغ قيمتها 690 مليار دولار مقومة بالدولار الأميركي.
وتكتفي "ساما" في تقاريرها الشهرية والدورية التي تنشرها على موقعها الالكتروني بذكر وجود استثمارات في الأوراق المالية الأجنبية، دون أن تنشر تعريفاً أو تفاصيل محددة لطبيعة الأوراق المالية الأجنبية، لكن التوقعات تشير إلى أنها سندات الحكومات الأجنبية تستأثر بالجزء الأكبر منها هذه الأوراق، وتشكل السندات الأميركية الجزء الأكبر منها.
وتشير التوقعات إلى أن حجم خسائر الاستثمارات السعودية في السندات الأميركية المبنية على الدين العام الأميركي نحو 45 مليار دولار بما يعادل 20% من الاستثمارات التي تقدر بنحو 229 مليار دولار أميركي تقريباً، مما جعل السعودية تبدأ بالتفكير جدياً في تنويع مكونات احتياطياتها التي تشكل السندات الأميركية ما بين 70 إلى 90% منها بحسب المعلومات المتداولة، وأن تتجه إلى الاستثمار في سندات أخرى كسندات الحكومة الألمانية واليابانية.
الصين
تحدثت بكين أكبر المستثمرين في أدوات الدين الأميركية بوضوح، وراقبت عن كثب نتائج النقاش حول أزمة الدين الأميركي في البيت الأبيض، مبدية قلقها وتخوفها، وداعية إلى مراجعة سياساتها الاستثمارية، مشيرة إلى أن "الملحمة في واشنطن تعلم دائني أميركا درساً"، وأن "سندات الخزانة الأميركية ربما لم تعد استثماراً آمناً"، علاوة على ذلك أشارت إلى أنه قد يتم نصح المستثمرين المحليين أو الأجانب بوضع خطة بديلة في ضوء أنه لا يلوح في الأفق أي حل طويل الأجل لأزمة الدين الأميركية.
وتمتلك الصين وفقاً للمتحدث باسم وزارة التجارة الصينية شين دانيانغ نحو 1.3 تريليون دولار في شكل سندات خزانة أميركية، تمثل 22% من الاستثمار الأجنبي في سندات الخزانة الأميركية كأكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة، مما جعلها تمثل مورداً رئيساً لبكين التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها وعلى الاستثمار الخارجي للحفاظ على زخم اقتصادها. وتشير التقارير إلى أنه يدخل حساب البنك المركزي الصيني نحو 3 مليارات دولار شهرياً عائدات الفوائد على سندات الخزانة الأميركية التي تعد بكين أكبر مستثمر فيها.
ورغم هذه العوائد المرتفعة من استثمارات سندات الخزانة الأميركية، فإن بكين وفقاً لوكالة الأنباء "الفرنسية" بدأت في إعادة رسم سياساتها الاستثمارية من خلال العالم بتنويع احتياطاتها التي بلغت في نهاية سبتمبر الماضي أرقاماً قياسية عند 3.66 تريليون دولار بزيادة تصل إلى 163 مليار دولار عمّا كانت عليه يونيو /حزيزان، والابتعاد عن الدولار الأميركي.
(ايلاف)
حجم الدين الأميركي
وفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأميركية تجاوز مستوى الدين العام في الولايات المتحدة السقف القانوني السابق الذي وافق عليه الكونغرس من 16.7 تريليون دولار ليصل إلى 17.02 تريليون دولار، لكن هذا الدين مرشح للارتفاع بعد اتفاق 17 اكتوبر الماضي الذي منح وزارة الخزانة حرية الاقتراض من الأسواق للوفاء بالتزاماتها على أن يتوافق الجمهوريون والديمقراطيون على سقف جديد للدين، وعلى موازنة عام 2014.
قصة الخلاف
تعود قصة هذا الخلاف إلى بداية أكتوبر الحالي بعدما رفض الجمهوريون في مجلس النواب الأميركي رفع سقف الدين، في خطوة يهدف من خلالها الجمهوريون إلى فرض تغييرات في قانون الرئيس باراك أوباما للرعاية الصحية، لكن هذا الرفض أدى إلى توقف أعمال الحكومة جزئياً لمدة 16 يوماً، وتسريح موقت لمئات الآلاف من العاملين في وكالات اتحادية إعتباراً من الأول من أكتوبر تشرين الأول، وسط مخاوف من أن تصبح الأزمات الناجمة عن خلافات سياسية هي السمة الجديدة في واشنطن.
وبعد معركة سياسية حبست أنفاس الاقتصاديين والساسة تم التوصل في اللحظات الأخيرة إلى تسوية في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي علق بموجبها السقف المحدد سابقاً للاستدانة حتى السابع من فبراير، ومنح وزارة الخزانة حرية الاقتراض من الأسواق للوفاء بالتزاماتها على أن يتوافق الجمهوريون والديمقراطيون على سقف جديد للدين، وعلى موازنة عام 2014، لتنهي بذلك إغلاقاً جزئياً للوكالات الحكومية، وتهيّئ العودة لاستئناف عمل الحكومة الأميركية بعد 16 يوماً من التوقف، وصدور أوامر الرئيس باراك أوباما لمئات الآلاف من الموظفين بالعودة إلى أعمالهم.
تعامل حاملي السندات مع الأزمة
لكن هذا الخلاف حرك مياه راكدة داخل أروقة مستثمري أذونات الخزانة الأميركية، وفتح أبواباً مغلقة حول مستقبل الاستثمار في سوق السندات الحكومية، وسط توقعات بأن يعود الجدل مرة أخرى إلى البيت الأبيض عند مناقشة ميزانية العام المقبل في فبراير 2014، وبين الحديث عن غموض المستثمرين ووضوحهم، فبكين والرياض مثالان مختلفان للتعاطي مع أزمة الدين الأميركي ومستقبل استثماراتهما.
السعودية
كان الصمت اللغة الأبرز لمسؤولي المؤسسات المالية السعودية "وزارة المالية، ووزارة الاقتصاد والتخطيط، ومؤسسة النقد العربي السعودي" في الرياض، رغم أن السعودية تعد رابع أكبر مستثمري سوق سندات الخزانة الأميركية، وفقاً للتقديرات التي تصدرها مؤسسات مالية وبيوت خبرة عالمية، إذ لم تصدر "ساما" بيانات رسمية حول استثماراتها في أدوات الدين الأميركي، وتبرر "ساما" ذلك أنه من غير الملائم التحدث عن تفاصيل استثماراتها في أي دول حول العالم، لأنه في حال قيامها ببيع بعض هذه الاستثمارات والإعلان عنها قد يتسبب في حساسيات من هذه الدول حول سبب بيع هذه الاستثمارات، نظراً لمكانة السعودية في الاقتصاد العالمي.
وتشير التقارير الاقتصادية الى أن استثمارات السعودية التي تعتمد على النفط كمورد للعملات الصعبة تأتي في المرتبة الرابعة بعد الصين، اليابان، وبريطانيا، مقدرة حجم هذه الاستثمارات بنحو 229 مليار دولار، وتستثمر السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم قسماً كبيراً من إيراداتها في شراء أصول أميركية، ويعتقد أن غالبية الأصول الأجنبية الصافية للبنك المركزي، التي تبلغ قيمتها 690 مليار دولار مقومة بالدولار الأميركي.
وتكتفي "ساما" في تقاريرها الشهرية والدورية التي تنشرها على موقعها الالكتروني بذكر وجود استثمارات في الأوراق المالية الأجنبية، دون أن تنشر تعريفاً أو تفاصيل محددة لطبيعة الأوراق المالية الأجنبية، لكن التوقعات تشير إلى أنها سندات الحكومات الأجنبية تستأثر بالجزء الأكبر منها هذه الأوراق، وتشكل السندات الأميركية الجزء الأكبر منها.
وتشير التوقعات إلى أن حجم خسائر الاستثمارات السعودية في السندات الأميركية المبنية على الدين العام الأميركي نحو 45 مليار دولار بما يعادل 20% من الاستثمارات التي تقدر بنحو 229 مليار دولار أميركي تقريباً، مما جعل السعودية تبدأ بالتفكير جدياً في تنويع مكونات احتياطياتها التي تشكل السندات الأميركية ما بين 70 إلى 90% منها بحسب المعلومات المتداولة، وأن تتجه إلى الاستثمار في سندات أخرى كسندات الحكومة الألمانية واليابانية.
الصين
تحدثت بكين أكبر المستثمرين في أدوات الدين الأميركية بوضوح، وراقبت عن كثب نتائج النقاش حول أزمة الدين الأميركي في البيت الأبيض، مبدية قلقها وتخوفها، وداعية إلى مراجعة سياساتها الاستثمارية، مشيرة إلى أن "الملحمة في واشنطن تعلم دائني أميركا درساً"، وأن "سندات الخزانة الأميركية ربما لم تعد استثماراً آمناً"، علاوة على ذلك أشارت إلى أنه قد يتم نصح المستثمرين المحليين أو الأجانب بوضع خطة بديلة في ضوء أنه لا يلوح في الأفق أي حل طويل الأجل لأزمة الدين الأميركية.
وتمتلك الصين وفقاً للمتحدث باسم وزارة التجارة الصينية شين دانيانغ نحو 1.3 تريليون دولار في شكل سندات خزانة أميركية، تمثل 22% من الاستثمار الأجنبي في سندات الخزانة الأميركية كأكبر دائن أجنبي للولايات المتحدة، مما جعلها تمثل مورداً رئيساً لبكين التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها وعلى الاستثمار الخارجي للحفاظ على زخم اقتصادها. وتشير التقارير إلى أنه يدخل حساب البنك المركزي الصيني نحو 3 مليارات دولار شهرياً عائدات الفوائد على سندات الخزانة الأميركية التي تعد بكين أكبر مستثمر فيها.
ورغم هذه العوائد المرتفعة من استثمارات سندات الخزانة الأميركية، فإن بكين وفقاً لوكالة الأنباء "الفرنسية" بدأت في إعادة رسم سياساتها الاستثمارية من خلال العالم بتنويع احتياطاتها التي بلغت في نهاية سبتمبر الماضي أرقاماً قياسية عند 3.66 تريليون دولار بزيادة تصل إلى 163 مليار دولار عمّا كانت عليه يونيو /حزيزان، والابتعاد عن الدولار الأميركي.
(ايلاف)