jo24_banner
jo24_banner

لماذا قبلت اسرائيل بالهدنة الإنسانية في غزة

نضال العضايلة
جو 24 :
 
 
بعد مرور شهر على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عقب عملية "طوفان الأقصى"، تكللت الجهود القطرية بالتوصل لهدنة إنسانية رغم الرفض إسرائيلي المتكرر للفكرة إلا إذا ارتبط تنفيذها بإطلاق رهائنها المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذين يقارب عددهم 240 شخصا.

وأخيراً فالهدنة التكتيكية لتزويد المدنيين بفرص المغادرة بأمان من مناطق القتال المستمر، وضمان وصول المساعدات إلى المدنيين المحتاجين، وتمكين إطلاق سراح الرهائن المحتملين، أصبحت أمر واقع.

المقصود بالهدنة الإنسانية، التي اقرت أخيراً، بأنها وقف مؤقت لإطلاق النار بما يسمح بنقل المساعدات الإنسانية وإخراج الجرحى في قوافل تتبع خط سير وطرقا محددة دون الخوف من تعرضها لأي هجمات.

لكي يكون أي إجراء من هذا القبيل فعالا، يجب على طرفي هذا الصراع الالتزام به. وسيتعين على الحكومة الإسرائيلية وقف كل هجماتها الجوية والبرية، كما على حركة حماس أن توافق على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل خلال هذه الهدنة المؤقتة.

وليس هناك ما يضمن أن هدنة إنسانية، لا سيما في الحالة الراهنة، ستعني العودة الآمنة للرهائن أو انتهاء محنة المدنيين في قطاع غزة. إلا أن التقاعس عن التوصل لهدنة إنسانية من شأنه زيادة معاناة المدنيين الأبرياء داخل القطاع، واغلاق أفق الإفراج عن المزيد من الرهائن.

إسرائيل بدورها تقول إنها لا يمكنها وقف إطلاق النار في غزة، وهي في خضم معركة للقضاء على حماس وتحرير الرهائن المحتجزين لديها، وبدأت حربا برية ضمن استراتيجيتها في تنفيذ هدفها، لكنها لا تتجرأ على الدخول إلى غزة سوى بضع مئات من الأمتار وسرعان ما تتراجع على وقع ضربات المقاومة، لتعود تقصف بطيرانها الحربي وتقذف بأطنان القنابل إمعانًا في سياسة الانتقام الذي تمارسه، وتدّعي أن هذه التوغلات ما هي إلا تكتيك لديها في حين يظهر لجميع المراقبين أن ذلك فشل في الدخول البري وبالتالي فشل في استراتيجية الحرب المركزية لدى الجيش.

يفهم قادة هذا الجيش ومن خلفهم نتنياهو جيدًا، ويعرفون أنهم خدعوا الجميع، بداية بمجتمعهم الداخلي، وأهالي غزة، وصولًا إلى حلفائهم والمجتمع الدولي، وبالتالي ومع الضربات المتوالية التي يتلقاها الجيش من المقاومة الاسلامية هناك ومع الضغط المستمر على القيادة الصهيونية قبلت اسرائيل أخيراً الهدنة الإنسانية مرغمة على ذلك، مما يعد انتصار للمقاومة ودحر للألة العسكرية والسياسية الصهيونية.

نتنياهو وقادة اسرائيل يعلمون جيداً أنه بمجرد توقف هذه الحرب، سيطاح برؤوسهم من سدة القرار، بل ستدخل إسرائيل هذا الكيان الهش أزمة ثقة قد لا تخرج منها أبدًا إلا نحو المطارات والسفن لمغادرة هذه الأرض المشؤومة بعد جرائم الحرب التي ارتكبوها طوال أكثر من سبعين عاما، هذه هي بداية النهاية، ويعلم بيبي نتنياهو هذا الأمر، لذلك يصعد إلى قمة الشجرة، ويتمسك بأضعف غصن فيها: الحرب، لذلك كان لا بد من قبول الهدنة.

يكفي ان بنود هذا الاتفاق قد صيغت وفق رؤية المقاومة الاسلامية ومحدداتها التي تهدف إلى خدمة شعب غزة وتعزيز صموده في مواجهة العدوان، وعينُها دوماً على تضحيَّاته ومعاناته وهمومه، وأدارت تلك المفاوضات من موقع الثبات والقوة في الميدان، رغم محاولات الاحتلال تطويل أمد المفاوضات والمماطلة فيها.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه حماس التوصل لاتفاق الهدنة، فإنها اكدت أن أيدي مقاتليها ستبقى على الزناد، وكتائبها المظفرة ستبقى بالمرصاد للدفاع عن شعبنا ودحر الاحتلال والعدوان.
تابعو الأردن 24 على google news