jo24_banner
jo24_banner

حرقتم بنّها

سالم الفلاحات
جو 24 : يراقب شيخ يفتتح يومه بإعداد القهوة بيده ولا يقبل في العادة ان يجهزها غيره فهو يعرف أسرارها وتفاصيلها وكيفية اتقانها، فليس كل ماء وبن وهيل قهوةً وإن كانوا هكذا يظنون..
حاول متبرع يوماً ان يقوم بدور الشيخ، والشيخ يراقب ما يجري لقهوة الكيف حتى انفجر قائلا: أحرقت بنها يا معوّد!! صدق الشيخ الهرم والله..
وهل كل من تولى السلطة إمام محبوب، وهل كل من ركب الفرس خيال، ولا كل من قال قافية شاعر، ولا كل من حمل السيف ولوّح به في الاعراس فارس، ولا كل من تصدر في الناس المجالس موفق.
كما ان سيف المعز وذهبه وحدهما لا يستقيم بهما الأمر ولا تنقاد لهم الا النفوس الصغيرة والهمم الدونية التي استمرأت حياة العبودية والذل.
تجد الفارس والخيال والشاعر والوجيه المقدر والحكيم المرجعي، والوطني الصادق، وتجد فرسان طواحين الهواء وخيّالة البغال والحمير، وصفّافي الكلام وأدعياء الصدارة والوطنية تجدهم ذكروا في السابقين وقد تتجرع مرارتهم في اللاحقين.
إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وقد يأخذك في الظاهر هندامهم، وقد تشدهك مراكبهم وممتلكاتهم ولهم من الاسماء والكنى والالقاب ما تعجز عن إدراك مراميه، فإذا تكلم احدهم بان عواره، وإذا احتاجه الناس انكشف أمره وإذا استغيث به في الحق لرفع الظلم توارى وانسحب..
وإذا طلبت شهادته التفت يمينا وشمالا وتمتم!، واذا احتاجه الملهوف وألح عليه بالطلب قال: أنطعم من لو يشاء الله أطعمه، وإذا بالغ المحتاج بالطلب لحاجته الماسة قلب دنانيره فاستبعد خمسيناته وعشريناته وعشراته وخمساته، وإن لم يجد دينارا حوقل وأغلق محفظته وأغلق نوافذ قلبه وأقلع بعيدا بسيارته الفارهة حتى لو كانت الاشارة حمراء فهي ليست له ولا لأمثاله.
يدعون الحفاظ على هيبة الدولة، الفارق بين هيبة الدولة واذلال الاحرار كبير جدا، والله لقد(حرقنا بنّها) نحن -الاردنيين (الشعب)- كذلك كما يحرقها هؤلاء الذين نشكوا منهم بصمتنا وترددنا.
أليس فينا عصبة رجال ونساء خيّرة كتلك التي في الجاهلية الجهلاء قبل الاسلام لتمزق صحيفة اعتقال الشباب الشرفاء هشام وصحبه، كما مزق نفر من العرب صحيفة الظلم حتى وإن كتبوها بماء الذهب وعلقوها في أقدس مكان عندهم (في الكعبة) لكنها ستبقى صحيفة ظلم وقطيعة رحم وتمزيق شعب.
كلنا مع حفظ هيبة الدولة، فهيبتنا من هيبتها، لم التلذذ بإذلال الاردنيين ومحاولة كسر إرادتهم واحتقارهم، لا يجري في دولة تحترم نفسها ومواطنيها وأي قيمة لدولة مواطنها الشريف مستذل، وقاطع الطريق فيها محترم ومسكوت عنه.. حرقتم بُنًها.
أليس فينا بقية من رهط هشام بن عمرو، وزهير بن امية والمطعم بن عدي وابو البختري بن هشام وزمعة بن الاسود وعاتكة التي قالت لولدها زهير: أرضيت ان تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت لا يبتاعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح اليهم..؟
فاستجاب هو ومن معه ومزقوا الصحيفة رغم معارضة أبي جهل وامية بن خلف وعتبة بن ربيعة وأبي لهب والوليد بن المغيرة وكل هؤلاء.
نعلم ان في الاردنيين اليوم قلوبا تحترق وتغار، وألسنة تنطق سواء كانوا في السلطة او في الشعب، ولكن صوت السلطة اعلى من حكمتهم فعجزوا عن إطلاق سراح الشباب الأخيار هشام وصحبه ومعين ورفاقه مع ان مشروعهم هو الاصلاح الشامل وليس اطلاق سراح المعتقلين مع حقهم في الحرية وواجبنا في تمكينهم من ذلك.
أعلم ان هؤلاء الشباب لا يعجبهم مقالي خشية ان يفهم منه تذمرهم او ضجرهم أو ندمهم على فعلهم الوطني أو انه استجداء منهم.. ولقد أوصلوا الرسالة تلو الأخرى التي تعبر عن رضاهم لما قدموا ويقدمون وهم يستشعرون أنهم يخدمون الأردن لإبقاء قضية الاصلاح حية وشعلة خير مضيئة، فهم في معية العظيم المنان الذي ينزل رحماته ورضوانه وقناعته على من والاه وصدق، وهذا يحرم منه القاعدون المتكسبون بألسنتهم وحتى بمبادئهم، لذلك فاؤلئك في واد وسجانوهم والمرجفون والطامحون في واد آخر.
حرقتم بنها يا حكومة وبلغ الظلم مداه والاستهتار بالمشاعر الوطنية غايته، وحرقتم قلوب الكثيرين، فرحمة بالاردن الذي تسترزقون به وإن آليتم على أنفسكم إلا التمتع بإيذاء الوطنيين الاحرار، ستقفون أمام عادل الشباب السجناء نياما راضين، وهم متهجدون يدعون من لا يغفل عن دعائهم وقد ينتصر لهم لا ندري متى وأين وكيف؟
حرقتم بنها بالله عليكم اقرأوا جيدا فالله أكبر.
(السبيل)
تابعو الأردن 24 على google news